الثورية والعدل والمساواة .. انقلاب من نوع جديد !
أما السبب الثاني فهو شعورها بالرضا حيال الدور الكبير الذى أدته فى خضم الصراع الجنوبي الجنوبي وقتالها الى جانب قوات الرئيس الجنوبي سلفا كير وتلقيها لمكافأة مالية كبرى لم تكن تتوقعها بحيث راقت لها الفكرة تماماً، وقررت توسيع نطاق نشاطها وتقوية عضلاتها بأعداد من الجند الجُدد.
ولكن الحركة وفى ذروة انتشائها بهذا الشعور والأهمية بالنسبة للقيادة الجنوبية اصطدمت وعلى نحو فاجع ومفاجئ بقطاع الشمال، ففي حين أن المتمرد جبريل ابراهيم زعيم الحركة وقادته الميدانيين وجدوا الطريق سالكاً للتنسيق المباشر مع القيادة الجنوبية دون وسيط أو حواجز؛ وسرّهم أن القيادة الجنوبية منحتهم مكانة سياسية وعسكرية مرموقة مقابل ما قاموا به وما يُنتظر أن يقوموا به ما دام القتال ما يزال جارٍ، فإن قادة القطاع سرعان ما فطنوا الى هذه النافذة المستحدثة، والتى تخطت النافذة الرسمية والمتمثلة فى آلية التنسيق الرئيسية التى تحدد كيفية الاتصال بالحكومة الجنوبية.
وفيما هو بادٍ فإن من الطبيعي أن يساور قادة القطاع القلق حيال حصول حركة العدل والمساواة -منفردة- لكل هذه المزايا بما يغطي تماماً على القطاع والجبهة الثورية، ففي تلافيف هذا الوضع المربك، فإن بإمكان الحركة الانفراد بالدعم والاتصال مع جوبا بما يجعل من القطاع والثورية مجرد تابعين وهو أمر من المستحيل عليهم قبوله.
والأكثر سوءاً ان حركة العدل -ربما لأسباب اختارتها بعناية شديدة- جعلت مسرح تجنيدها هو أبناء جنوب كردفان ولم تبحث عن ابناء اقليم دارفور، وهذا معناه أن حركة العدل تسعى لسحب بساط (الاختصاص المكاني) من قطاع الشمال والثورية، فالحركة بهذا الوضع تكاد تتحول الى جبهة ثورية قائمة بذاتها توفر الدعم للحكومة الجنوبية وتقاتل الى جانبها، وهو وضع من شأنه -بمرور الوقت- أن يجعل من قطاع الشمال والثورية مجرد هياكل لا قيمة لها وهو تطور خطير.
ولهذا فإن الاصطدام حتى الآن ما يزال في بداياته، فالقطاع والثورية يخشيان من أن تتدخل جوبا لصالح العدل والمساواة وأن تقرر أن العدل وحدها هي (مبعوثها العسكري الخاص) ففي النهاية فإن المصالح هي التى تربط هذه الأطراف ببعضها، كما أن العدل والمساواة والتى تباعدت بها المسافات من دارفور وتدرك أن جهودها العسكرية فى دارفور لن توفر لها أهدافها، فإنها سوف تسعى سعياً حثيثاً لكي تنال كامل رضا القيادة الجنوبية، فإذا أضفنا الى ذلك ان الجبهة الثورية ظلت تمارس تضييقاً على الحركات الدارفورية المسلحة وتحول بينها وبين تسنُّم الرئاسة الدورية للثورية فإن حركة العدل والمساواة يكون لها ما يحملها على محاولة الانقلاب على الثورية والقطاع.
غير أن العدل والمساواة والقطاع والثورية وأياً كانت مآلات هذا الانقلاب الخطير سيظل وجودهم رهيناً بمآلات الصراع الجنوبي فى جوبا، ويومها سيدرك هؤلاء أن الرهان منذ بداياته كان خاسراً.
سودان سفاري
ع.ش