تحقيقات وتقارير

متمردو السودان وأخطر صيف فى التاريخ !

[JUSTIFY]من المؤكد أن الأوضاع العسكرية السائدة حالياً سواء فى مناطق شمال دارفور أو جنوب كردفان والنيل الأزرق إذا ما قدر لها أن تمضي بذات الوتيرة التى أعدّت واستعدت لها القوات المسلحة السودانية فإن حملة السلاح فى هذه المناطق -وربما لأول مرة فى تاريخ العمل المسلح في السودان- يجدون أنفسهم فى غضون أشهر قلائل خارج دائرة التاريخ تماماً، ومن ثم تكون أوضاعهم التفاوضية على أي طاولة مفاوضات سواء فى أديس أبابا او الدوحة محض عملية حفظ مستميتة لماء الوجه!

ويقول المفتش العام للجيش السوداني، الفريق أول محمد جراهام فى تصريحات صحفية نقلت عنه منتصف الاسبوع الماضي إن تقديراتهم تشير الى أنه وقبل تاريخ الثلاثين من أبريل المقبل سيكون الجيش السوداني قد حسم تماماً أهدافه فى تلك المناطق وفق الخطط المعدة بعناية فى هذا الصدد فيما يُعرف بعمليات الصيف الساخن التى أعلن عنها رسمياً -قبل أسابيع- وزير الدفاع السوداني، الفريق أول مهندس عبد الرحيم محمد حسين، أمام البرلمان السوداني.

ولعل هناك من الشواهد -على الأرض- ما يدعم بقوة هذه الفرضية أولها، نجاح الجيش السوداني طوال الأسابيع الماضية في تحرير عدد من المناطق فى ولاية جنوب كردفان كان حملة السلاح يراهنون على استحالة وصول الجيش السوداني لها، وتتجلى أهمية هذه المناطق فى أنها كشفت تماماً ظهر المتمردين وأفسدت تماماً خططهم الدفاعية؛ كما أنها -لسوء الطالع- تجبرهم على خوض معركة دفاعية غير مجدية فى مواجهة الجيش السوداني فى ظل انتهاجهم لتكتيك دفاعي معروف بألا يعرِّضوا أنفسهم قط لمثل هذه المواجهة.

وغنيّ عن القول هنا أن كل خطط القوات المتمردة مصممة تصميماً كاملاً على تحاشي مواجهة مكشوفة مع الجيش السوداني واتباع سياسة هجوم متقطع يعتمد على الهجوم الخاطف. الأمر الثاني أن القوات المتمردة سواء فى دارفور أو جنوب كردفان اربكتها الأحداث الدامية الأخيرة فى دولة جنوب السودان وهي تدرك أنها وضعت نفسها فى موضع الخصم للقوات الجنوبية المتمردة التى يقودها نائب الرئيس الجنوبي السابق د. رياك مشار، كما أنها أدركت من خلال قراءة ميدان الصراع فى دولة الجنوب ان الحكومة الجنوبية من هنا فصاعداً لن يكون لها الوقت الكافي لتمارس ترف الدعم اللوجستي والإيواء لهذه الحركات المسلحة بفعل الوضع المتحرك الذي تعيشه الحكومة الجنوبية جراء هجمات المتمردين التى لن تنتهي بسهولة.

ومن المؤكد أن مجرد الشعور بأن منابع الدعم والإيواء قابلة للتجفيف فى أي لحظة يقلل بدرجة كبير من معنويات المقاتلين وقادة الحركات المتمردة، الأمر الذي يزيد من وتيرة ارتباكهم وتزيد مخاوفهم مما يجعلهم هدفاً سهلاً للجيش.

هذه المعطيات الماثلة الآن تشير الى أن حملة السلاح فى هذه المناطق باتوا يفقدون تباعاً مزايا العمل المسلح، ففي السابق كانت لهم خيارات عديدة وكان لهم ساحة للمناورة والأكثر سوءاً الآن انهم يشعرون بأن عليهم مقاتلة دولة سودانية بجبهة داخلية فى طور التشكل والتوحد جراء حراك الحوار الوطني الشامل الدائر حالياً بالداخل، وهو تطور لم يكن بالتأكيد فى حساباتهم قبل أشهر قلائل.

وعلى كل فإن من الممكن أن يفقد المتمردين السودانيين فى القريب العاجل كل مواقفهم التفاوضية ويصبح كل ما بأيديهم مجرد أوراق سياسية مهترئة لا يعززها السلاح ويضطروا للخضوع الى تسوية سياسية وسقف أدنى مما كان بإمكانهم تحقيقه فى السابق، وتلك إحدى تجليات سوء التقدير السياسي والإصرار على الخيارات الخاطئة فى الزمان والمكان الخاطئين!

سودان سفاري
ع.ش[/JUSTIFY]