أزمة ثقافة أزمة وطن (1)

مع إيماني الكامل بهذا التعريف من ناحية نظرية، إلا أنني أعتقد بأن الثقافة يجب أن تتحول لمفهوم عملي يحقق قيماً إنسانية تُعنى بمعاني العدل والخير والحق لتكوين مجتمع سليم ومعافي من دروب الشر والبغض والكراهية. فالثقافة إذاً أعتبرها طريقاً للبناء السليم في كل مظاهر الحياة من فن وسياسة ورياضة وتفاعل يومي مع الحياة، الأمر الذي يشير إلى أن الثقافة ترتبط بالظواهر الإيجابية في تركيبة المجتمع، ويعني أيضاً أن كل السلبيات هي فاقد ثقافي. لذلك سأركز في مقالاتي القادمة على هذا الفاقد الثقافي في مجتمعنا السوداني، حيث تنقصنا ثقافات كثيرة مرتبطة بالحضارة والتي لم يفصلها “تايلور” عن مفهوم الثقافة.
من ثقافاتنا السالبة أو المفقودة على سبيل المثال لا الحصر ثقافة الحكم، ثقافة الصحة والتعليم والأمن والمسكن والغذاء، ثقافة قبول الجديد، ثقافة الرأي والرأي الآخر، ثقافة الوقت واحترام المواعيد، ثقافة الصف وانتظار الدور، ثقافة الإعتذار، ثقافة الإعلام عن الذات، ثقافة حرية الإختيار، ثقافة تقبل النقد، ثقافة العمل التقني، ثقافة البحث العلمي، ثقافة البيئة، ثقافة رعاية ذوي الإحتياجات الخاصة، وحتى ثقافة الحمام أو التواليت في المنزل وفي الأماكن العامة. كل هذه الثقافات وأخريات تمثل تركيبة المجتمع والتي متى ما أُقيمت بصورة صحيحة، تطور المجتمع وارتبط بالحضارة، ومتى ما نقصت تخلف المجتمع وأصبح قاصراً تحاصره الهموم والسلبيات، وهنا يأتي دور السياسة في النهوض بهذه الثقافات، وبالتالي النهوض بالمجتمع وتحقيق مفاهيم العدل والحق والخير والتنمية وصولاً للرفاهية. وحيث أن السياسة نفسها ثقافة مفقودة في بلادنا يصبح أمر النهوض بالوطن حلماً مستحيلاً، والدليل على ذلك ما يعانيه الوطن من تدهور متواصل في كل مرافقه منذ خروج المستعمر وحتى هذه اللحظة بالرغم من كل الإمكانيات المادية والإنسانية التي يمتلكها.
السياسة ترتبط في وجهة نظري بأربعة موجهات أساسية تدير كفتها لصالح الإنسان وهي، الفن والرؤية والحوار والقوة. المقصود بالفن هو فن الحكم والإبداع فيه لإدارة المجتمع لصالح الفرد، والرؤية هي الإستقراء الصحيح لتحقيق رسالة الثقافة عبر أهداف استراتيجية في إطار خطة محددة مرتبطة ببرنامج عمل محدد، والحوار هو عامل مهم في حل النزاعات والإختلاف الملازم لطبيعة البشر في كل المجتمعات، أما القوة فهي تتمثل في الإرادة والعزيمة لتحقيق الأهداف والطموحات وليس الإرهاب. هذه ليست رؤى فلسفية، لكنها واقع رأته بعض المجتمعات ومارسته، فنهضت بالإرادة وشكلت لأفرادها الرفاهية المنشودة.
أما نحن في واقعنا، نُعرف السياسة على أنها الإستيلاء على السلطة والثروات لمصلحة الفرد الحاكم وليس المجتمع واستغلال المحكوم فكرياً وعقائدياً ومادياً والزامه برسوم وضرائب وأتوات ما أنزل الله بها من سلطان. حتى عندما نمارس الديمقراطية تصبح السياسة في نظر رمز (القطية) ورمز (الكفتيرة) هي الحصول على القوة لممارسة الحكم والتحكم في الثروة لمصلحة الحزب وليس المجتمع الذي يشكل الإنسان نواته الأساسية.
ارتبطت السياسة في ثقافتنا بالمؤامرة وتسبيب الأذى لصاحب الرأي المخالف، والبحث عن العيوب والتركيز على اغتيال الشخصيات والإنغماس في هذه الجوانب السلبية بدلاً عن فكر البناء والذي حتى وإن تم على أدنى شكل يسعى الآخرون لهدمه.
أما أكثر ما يميز السياسة سلبياً في وطننا، هو ارتباطها بالفساد بكل أشكاله المادية والإنسانية، ومتى ما ذكرت السياسة ذكر الفساد ومعه كل جوانب القصور الواردة أعلاه. ونواصل..
مدخل للخروج:
أُصلّي فيك يا وطني
صلاة الغائب الحاضر
وابدأ منك إحساسي
بجرح نازف غائر
يجوب العرض والطولا
ويكتب للدنا صحوي
بنار جروحي الأولى
أنا شمسان
تقتحمان حد الشرق والغرب
أنا من خط للإنسان
شاهد أول الدرب
أنا سوداني المنبع
وقمة عمقي الفرقان
لا أجثو ولا أركع
لغير الله
فهل يشفع
لمن باعوك يا وطني
إلى الدولار مرهونا
عطاءات وتسوية
وسر مات مدفونا
ووزراءٌ من الموتى
وأحزاب من المنفى
ليبقى السادن الأقدر
ليبقى اللص نفس اللص
والشحاذ نفس الجائع الأفقر
والأسعار في العلياء تتألق
والإنسان بين الغاب
والصحراء يتمزق
وثورتنا هنا تغرق
وليس يضيرهم وطني
يعيش يموت أو يحرق
فليس لمثلهم حسٌ
ونحن على المدى نصغر
شعب كالح المظهر
ونقبل مالهم فدية ..
وننسى أنهم تركوا
جرحاً تحته مدية
بسم الموت يتدثر
فيا وطني
سيأتي مجلس ثاني
بعد المجلس الأول
ويأتي مجلس ثالث
بعد المجلس الثاني
ونفس يميننا الرجعي
ونفس يسارنا القاني
ونفس العسكر العسكر
ونفس الحزب
نفس القائد الملهم
ونفس الوجه والمنظر
ونفس ضياعنا المزري
والخطوات تتعثر
ونفس البنك والدولار
نفس اللجنة الأولى
والإعلام والوجهاء
والجهلاء باسم الدين
نفس القوم والمعشر..
[/SIZE]
[SIZE=5]
معز البحرين
عكس الريح
[email]moizbakhiet@yahoo.com[/email]
[/SIZE]


لاخ معز كلام جميل ولكن للاسف اننا دائمانمقول مالا نفعل فأنت شخصيا وبوصفك المستشار الصحفي لوزارة الصحه لانسمع منك شئ الا عندما تستضاف في احدي القنوات التلفزيونيه او احدي القنوات الاذاعيه وانك لاتعطي المواطن الصوره الكامله عن ما يجري في الساحه الصحيه …فالصراع الذي يدور بين البروف حميده وولاية الخرطوم نحو نقل خدمات مستشفي ابنعوف …أنت شخصيا مقصر في ابداء وجهة نظر الصحه كوزارة واذاء كان هنالك افادات منكم في هذا الشأن فنصبح نحن المقصرين لعدم اطلاعنا عليه …..ثانيا مايدور الان بين المريض ومستشفي الزيتونه والتي يدعي فيها احد المواطنين ان والدته صارت احشائها خارج بطنها طيلة 15 يوما وفشل المستشفي في اجراء عملية نقل كلي بصوره ناجحه لوالدته ……اين انتم كحلقه اعلاميه بين الصحه والمواطن ولتوضيح الصوره للمواطن حتي يحس بالامان الصحي …!!!؟؟؟؟
رد إداري .. الدكتور المقصود هو معز حسن بخيت وليس معز عمر بخيت الكاتب بالنيلين.