رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : استقرار السودان بين سلفا كير ومشار

كل حدث أو تصريح لسلفاكير قبل الأوضاع الأمنية الأخيرة في بلاده، أو معظم الأحداث والتصريحات لا تصلح «من حيث النظرية» الآن. لقد شكلت هذه الأوضاع نقطة تحول كبيرة لصالح العلاقة بين الخرطوم وجوبا. فإعلان الانفصال وتحريض سلفا كير قبله للجنوبيين على التصويت له، من كنيسة القديسة تريزا، لم يجديا فتيلاً في استقرار البلد الذي هو أول حاكم لها كدولة.

وزيارته لإسرائيل لم تخدم أمن واستقرار البلد، ودعم المتمردين السودانيين لم يحقق له ما يريد قبل تفجر الأوضاع هناك، وحتى توظيف بعض المتمردين مثل حركة العدل والمساواة، لمحاربة التمرد بقيادة مشار ما كان سيكون لو أن العلاقات مع تشاد لم تتحسن والقذافي لم يُطح. كل هذا أفضل منه بالنسبة للحركة الشعبية بقيادة سلفا كير هذه الزيارة الأخيرة إلى الخرطوم، والتوجه انطلاقاً منها نحو التوقيع مع السودان على اتفاق النفط والأمن والدفاع. رياك مشار يمكن أن يتصل بإسرائيل وبعدها تأتي شركة يهودية مختصة بالاستثمار في استخراج النفط، وبذلك يجد الدعم من حصة إسرائيل في الميزانية الأمريكية.

والغريب أن سلفا كير استفاد من المتمردين السودانيين هناك أكثر من إسرائيل. واستفاد من الجيش اليوغندي أكثر من قوات حفظ السلام الأممية. فقوات حفظ السلام حسب المخطط التآمري ضد منطقة البحيرات، تأتي وقت السلام، وهي ليست في حاجة إليها. ووقت الحرب لا تسمع لها صوتاً، مع أنه وقت الحاجة إليها.

فمتى يفهم المواطن الأفريقي الجاهل جداً، ما يحاك ضده في دول الاستكبار، متى يفهم أن أرضه تحتضن في باطنها وعلى سطحها مطامع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وإسرائيل؟!

زيارة سلفا كير إلى السودان يقول عنها الرئيس البشير، إنها أدّت «الغرض». الغرض في مفهومنا، أن الزيارة جاءت بعد أن وقعت جوبا في الحفرة التي حفرتها للسودان. و هذا جيد، فغرض الزيارة هو أن يعي سلفا كير، أن علاقات حسن الجوار مع السودان أهم من علاقة بلاده مع دول تتآمر على بلاده. السودان يحتاج بالفعل إلى رسوم عبور نفط الجنوب وإلى سوق الجنوب. لكن ماذا تريد إسرائيل من الجنوب؟! تحتاج إلى أرض محروقة.. تحتاج إلى غليان في القارة الأفريقية يمتد إلى السودان ومصر. السودان دولة جارة لمصر، ومصر واحدة من دول«الطوق».

الطوق العربي حول الكيان الصهيوني. وغليان دول الطوق وجيرانها يحقق تلقائياً الاستقرار لمشروع الاحتلال اليهودي التوسعي على حساب حقوق الفلسطنيين والعرب والمسلمين. ليس أمام حكومة سلفا كير أو أية حكومة قادمة في جوبا، غير التعاون الأمني والاقتصادي والتجاري مع السودان. وأية محاولات غش من خارج القارة لجوبا لا يتضرر منها قادة التمرد السابقون الذين هم حكام ومعارضو اليوم، بل يتضرر منها المواطن الجنوبي. وانظر إلى إسرائيل دولة تقام في صحراء، مع ذلك هي غنية ومنتعشة اقتصادياً وخدمياً، بأموال دافع الضرائب الأمريكي.

وانظر إلى جنوب السودان دولة تقام على أنهر وأراض خصبة، وبحيرات نفط، وتهطل عليها الأمطار، ومع ذلك المواطن فيها بائس فقير مريض جاهل. إذاً العقلية الأفريقية الغبية، هي التي جعلت الإنسان الأفريقي يفشل في إدارة الدولة واستغلال مواردها. ويكون صاحب قابلية لإشعال الحروب لمصلحة الدول الغربية ومشروع إسرائيل الاحتلالي. سلفا كير يزور السودان في موسم «عودة الوعي». فهل عاد الوعي بالفعل؟!

هل سيكون تمرد مشار «كي من نار» لعلاج سوء العلاقات بين الخرطوم وجوبا؟! أي هل أسهم مشار بطريقة غير مباشرة في تحسين العلاقات بين السودان وجنوب السودان..؟! يقول الرئيس البشير «زيارة سلفا كير أدت الغرض».

يا سلفا كير كن مثل لممبا ونيريري ومانديلا وضع في التاريخ بصمة حميدة.. وهذا يبدأ بتحسين العلاقات مع دول جوار السودان ،أفريقيا الوسطى، وكينيا، ويوغندا، فهي أولى من إسرائيل «الأنانية» التي تضحك على الأفارقة.. تطردهم من أرضها وتطمع في موارد بلادهم. أليس كذلك؟!

صحيفة الإنتباهة
خالد حسن كسلا
ع.ش