هل ترفع حكومة السودان يدها عن الإعلام؟
ورغم اعتراف رئيس تحرير صحيفة “الجريدة” إدريس الدومة بأن توجيهات الرقيب الأمني التي كانت تفرض على الصحف السودانية اختفت بعد إعلان رفع القيود على الصحافة، فإنه يتوقع “التعسف في تطبيق القانون”، خاصة أن إعلان البشير تحرير الإعلام من قبضة أجهزة الدولة جاء مشروطاً بعبارة “وفق القانون”، وهو ما يعني بقاء خضوع قطاع الصحافة والإعلام لقانون الصحافة والمطبوعات و”لقانون الأمن الوطني” أيضا.
ويمضي الدومة إلى القول إن تحرر صحافة الخرطوم من قبضة أجهزة الحكومة وسلطاتها الأمنية لم يتحقق بعد، خاصة أن الصحافة الورقية بالسودان عبارة عن استثمارات لرؤوس أموال تخضع للقوانين السارية، لذلك فإن “إطلاق الحرية يبدو أمرا صعب المنال في مثل هذه الظروف الاستثنائية”.
الدومة: تحرر الصحافة من قبضة الحكومة وأجهزتها الأمنية لم يتحقق بعد (الجزيرة نت)
عراقيل حزبية
ويقول الأمين السياسي لحزب “العدالة” بشارة جمعة إن إعلان الحكومة رفع القيود عن الصحافة خطوة إيجابية ينبغي أن تتبعها خطوات أخرى لتعزيز مناخ الثقة بين الحكومة ومعارضيها في الداخل والخارج، ويرى أن أهم الخطوات في هذا الاتجاه إلغاءُ كافة القوانين المقيدة للحريات.
وفي الوقت الذي امتنعت فيه بعض أحزاب المعارضة عن تلبية دعوة الحوار الحكومي، يشير صديق مساعد الكاتب بصحيفة “الانتباهة” الموالية للحزب الحاكم إلى أن “هناك قطاعا لا يستهان به داخل حزب المؤتمر الوطني يتوجس من انفتاح الحكومة على المعارضة”، وهذا وضع قد يتسبب في حدوث عراقيل كثيرة أمام مسيرة الانفراج الإعلامي والسياسي القائم الآن، بحسب مساعد.
وحول ما إذا كان إعلان رئيس الجمهورية إطلاق الحريات الصحفية قد يُلغي قضايا النشر العديدة المرفوعة ضد صحفيين ومؤسسات إعلامية أمام المحاكم السودانية، قال المحامي المتخصص في قضايا النشر الصحفي الدكتور نبيل أديب للجزيرة نت إنه يتوقع شطب أو سحب الكثير من البلاغات والقضايا المفتوحة ضد الصحفيين من جانب أجهزة الدولة على اعتبار أن الشاكي هو الحكومة، هذا باستثناء قضايا الحق الخاص التي ليس للنائب العام حق التدخل فيها.
نبيل أديب: لم تُرصد أي مؤشرات إيجابية فيما يتعلق برفع اليد عن الصحافة (الجزيرة نت)
لا مؤشرات إيجابية
وأشار أديب إلى أنه لم تُرصد حتى الآن أي مؤشرات إيجابية تدل على تنفيذ الأجهزة المعنية للتوجيهات المعلنة، ويؤكد أنه “إذا توفرت إرادة سياسية حقيقية فمن المتوقع أن يهيئ تحرير الصحافة من القيود مناخا مناسبا للحوار بين الحكومة وقوى المعارضة”.
وفي هذا السياق، يقول الصحفي والمحلل السياسي بصحيفة “اليوم التالي” محمد الأسباط إنه لم يتحقق شيء على أرض الواقع منذ إعلان الرئيس رفع القيود عن العمل الصحفي. والسبب برأي الأسباط “وجود ترسانة القوانين المقيدة للحريات، مثل قانون الأمن وبعض مواد القانون الجنائي، ولائحة الصحافة، والسلطات الممنوحة للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات”.
ويختم الأسباط حديثه للجزيرة نت بالقول إن الحديث عن الحريات الصحفية في ظل سريان هذه القوانين “محض ثرثرة”.
ويقول أستاذ الصحافة والإعلام عبد النبي عبد الله الطيب إن قضية حرية الصحافة لا يمكن فصلها عن المناخ السياسي العام، وإن الصحف السودانية -إلى جانب تكبيلها بالقيود الحكومية والأمنية- رهينة في أيدي الناشرين وملاك الصحف، وهم في الغالب تجار يقصدون الربح.
عبد الله محمد الشيخ-الخرطوم
الجزيرة