منى سلمان
النقناقة

في ذات عصرية ورغم أن السماء وقتها كانت مثقلة بالغيوم والطين والخبوب في الدروب حدّو الركب، إلا أن هذا الجو لم يمنع صاحبات الحرقة والحاجات والكُرب من التكأكؤ على راكوبة (الفكي)، فاجتمعن جلوساً على عناقريب مصفوفة بجوار حائط قديم، في انتظار أن يأتيهن الدور للدخول على (الفكي)، ولكن حكمة الله – ما لبث أن ناء الحائط القديم بما يحملنه من هموم، فمال وانتكأ ثم تهايل فوق رؤوسهن وطمرهن تحته..
طار الشمار وعمّ القرى والحضر، وتسامعنا خبر هلاك شرذمة من النسوة تحت حائط الفكي المنهار، وتكسرت ضلع ومخاريق البقية الباقية منهن، مما استدعى حضور النجدة والإسعاف لانتشال الجثث ونقل المصابات للمستشفى، ثم تطايرت الحكايا عن شماتة الشامتات في الناجيات من المصابات، خاصة وإن من نجت من الموت منهن، لم تنجُ من خطر الإصابة بـ (طلقة) ثلاثية التحريم رماها على وجهها (سيد بيتها)، وانطلق غير مبالٍ باجتماع مصيبتي (الميتة وخراب الديار) فوق أم رأسها المفلوق!
تذكرت هذه الحادثة القديمة عندما طالعت خبر تداولته الأسافير، يفيد بالقبض على أحد المشعوذين ومعه (30) متهماً ومتهمة كانوا في انتظار دورهم لمقابلته.. متّهم ومتّهمة يعني ذكور وإناث يا أخواتي ما ملاحظات إنو الرجال ديل بقو يزاحموا النسوان حتى على جري الفقرا؟! شيء عجيب يا زول!!
المهم سألوهم عن سبب الريد الوداهم الحفلة، فتفاوتت الأسباب ما بين جلب منفعة ورغبة في المضرّة، إلا أن ما لفت نظري هو إجابة إحداهن بأنها ترغب في (تدمير) زوجها لأنه تزوج من أخرى وسافر لإحدى الولايات معها، وترك لها خمسة أطفال تشقى بتربيتهم وحدها.. الغريبة، أنها لم ترغب في استعادة ودّه القديم ولا حتى التفريق بينه وبين زوجته الجديدة.. بل تدميره مرة واحدة.. غايتو ده نوع جديد من المغصة!!.
(لا يفلح الساحر حيث أتى) و(ما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) آيتان من الذكر الحكيم تؤكدان على أن الضار والنافع هو الله سبحانه وتعالى، وتدعوان للإيمان بأن الله يدافع عن الذين آمنوا والأبرياء والمظلومين حتى يرد الظلم عنهم، ويسلط في سبيل تلك المهمة جنود لا ترونها قد تكون في صورة (حائط قديم) ينهار فوق رؤوس الساعين للأذية فيفضح نواياهم السيئة في الدنيا قبل الآخرة، أو يكون الجنود بـ لباس البوليس ساعة (كشة) يقطع بها الله سبحانه وتعالى نوايا الغل والتدمير..
الغريبة أن الصحف الورقية منها على الإسفيرية تناقلت قبل يومين خبر كشة أخرى، وتحكي التفاصيل عن محاكمة (75) امرأة تم كشّهن بواسطة شرطة أمن المجتمع، بتهمة ممارسة طقوس احتفالية بـ (الريح الأحمر) وهو للمعلومية اسم الدلع لـ (الزار)، وذلك في أحد المنازل بأحد أحياء أمدرمان العريقة، حيث حضر للمحكمة الكثير من أهل المكشوشات، ومن بينهم بعض أزواج المتهمات بارتكاب جريرة النقزي بإهمال، والذين تابعوا قرار المحكمة القاضي بالجلد والغرامة، حيث تم تنفيذ الحكم عقب إعلانه بواسطة قاضي محكمة الجنايات المعنية..
ثم كان أن صارت عليهن اتنين وردة ووجع عينين، عندما رمى بعض الأزواج يمين الطلاق على زوجاتهن المجلودات.. انتوا مش المتهم لا يحاكم على نفس الجريمة مرتين! غايتو الكلام دا سمعتوا في محاكمة مبارك!!
حسناً يا جماعة، أنا حصل لي شوية (كنفيوز).. الطلاق فوق شنو ؟ لا أدري إن كانت النسوة قد ذهبن لبيت الزار من وراء ظهور رجالهن دون أخذ تصريح، أم أخذن من أزواجهن إذناً مسبقاً لمجاملة جارتهن المزيورة والفك عن أنفسهن شوية من كتمة الظروف؟!!
فإن كانت الأولى فهذا لعمري تهرّب من ذنب الاشتراك في الجريمة بالسكوت عنها، ويستاهلوا ينجلدوا عليها زي حريمهم، وإن كانت الثانية والنساوين مشن بالدس، فهذا يعني بأن الأزواج قاعدين في اضنينهم وغافلين عما يحدث وراء ظهورهم، وبرضو يكون جلدهم أولى!!
محرج:
بعيداً عن المناكفات.. يا أخوانا توعية الغافلات وتعليم الجاهلات ثم العفو والإصلاح أولى من خراب البيوت..
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email][/SIZE][/JUSTIFY]


