أ.د. معز عمر بخيت
رسالة من القطب الشمالي للوطن الغائب
للوطن المغاير نجمة
سكنت جراح الشوق منذ البدء
وامتلكت رؤاي
إن كان لي هزج الرؤى
والسيف والنبض الموازي
شاعرا يروي خطاي
لملأت قطبيك اشتهاءً
ثم سقتُك في دماي
إني يباغتني هواي
وهواك والنذر المبارك
يحملاني للثريات العلية كوثرا
في ساعديه ندى القلوب
في العمق شيء لم يزل
للآن يسأل عن ملاقاة الغروب
والبيت والوطن البعيد
ملاذ وجهي حين تختنق الدروب
كيف الوثوب ؟
أشتاقُ للصفِّ الطويل
وللضياع وللهروب
أشتاقُ للوطنِ الممزق
للتراب و”للهبوب”
أشتاقُ للآتين من جوفِ المعارك
لا حصاداً يبتغون ولا حُبوب
ولكل أصداف الرحيق
لكل ظلٍّ بالطريق
وكل كف تبتغي خير الدعاء
الحلم بالخبز الرديء
وبالتظاهر عند قطع الكهرباء
شيء يدور مع الدماء
العشق كان الانتماء
إني أبيع مُنى الحياة
على البحارِ العارياتِ بلا حياء
هذي شعوبُ القطبِ سنبلةٌ
تبدَّت فوق أكتافِ الجليد
لا زال شوقي عند خط الاستواء
يدور من حولي وحيد
شبح اللقاء الآن قد أضحى طريد
يا ليل لا تغشى عيون القادمين إذا أتوك
محمّلين ببعض حبَّات الرمال ..
فالجوعُ في وطني ملاذ
من لصوص الافتعال
والجوع فخر للرجال
ولكل أوجاع الصبايا
النائمين على الحلال
الجوع عار للوزارة
والسياسة والضلال
والخبز جمرُ الحق
يحرق من تحدَّى واستطال
وسنشعل الأفقَ احمراراً
من بقايا الاحتمال
كل الخواطرِ والشجونِ على مسامي
سوف يشفيها النضال
سأعود يا وطني قريباً من رذاذ الثلج
للَّهب المقدس في عيون الكادحين
وأعود بالزاد الجديد إلى الصغارِ التائهين
يوماً جلست بشاطئ البحر الشمالي
والبحيرات اللواتي ما اغتسلن من الذنوب
يمدُدن لي كفَّ المودةِ ثم يبدأنَ الهروب
يا طائر البطريق قُل لي
ما يضيرك أن تؤوب
فتجئ صوبي من خطوط البرد
تفرد رشك القاني على أرض الجنوب
يا حزنيَ المكتوب
ماذا يفتديك وما يليك
فلا الديار تلوح فيك
ولا الحنين يفيق من عمق الحنين
سكن المساءَ الصبرُ
واسترخى حريق الغائبين
فعلمت أن الأرض تنبت في دياري
خصلة الإحساس فيضاً
من رحاب الياسمين
وبرغم عشب الفقر
رأس الطحلب النامي كجنح الصقر
جرح الماء والإعياء
سوس الساسة المطحون في الأحشاء
عمق الشارع المسكين
وبرغم أحزان الصغار
على طواحين المدار
بكل متكأ حزين
يبقى لوجهك يا بلادي
سندسُ الصبح المعتق والمبين
ولكل أزهار الحقول هناك شوقي
مترعاً بوح التلاقي بين غابات السنين
يا أرض إني ما اهترأتُ
ولا رحلتُ الى حدود الأرض
إلا كي أجيئُك حاملاً
زفراتِ هذا البعدِ سيفاً
يبتر الجهلَ اللعين
فمتى أعود سأفتديك بكل عمري
فالسنابلُ في جبيني لا تموت
إني عشقتك لا عقاراً ابتغي
أبداً ولا حكرَ البيوت
إني عشقتك لا وزيراً كان حلمي
او رئيساً للوزارة مثل خيطِ العنكبوت
إني عشقتك لا زعيماً للسيادة
ساكناً بحرَ السكوت
فلقد عشقتك والنجيمات انبهاراً
طفن من حول الأديم ..
لا كنَّ هن المشرقات ولم يكن
في عُرفهن الشمس تعشق أو تهيم
هذه خلايا النحل أبرقت الورود
رسالة العشق القديم
وهناك ساقُ الطندب المشتاق للفأس الرحيم
تستقدم الصيف الجديد وتنحني
للجدول الباكي وتنتظر النسيم
ياحسن أصلك في بلادي قائماً
والسحر والنجوى تقيم
إني حملتُ قوائمي
وسلكت دربي
وانتقلت إلى الصراط المستقيم
فمتى أعودُ أحمِّل الناس انعتاقي والسلام
كي نغرس الزيتونَ بالنيل العظيم شجيرتين
عليهما سربُ الحمام ..
في هدأة المطر المغير
أرى زماني قد مضى
والبحر ينأى والغمام
يا سيف هل لي بالركائز
فالصحائف مثقلات بالشحوب
وبالتساقط والخواء ..
فلنهجر الشرخ المهين ونهتدي
بالوثب طفراً وازدهاء
ونعود نحترف العطاء ونحتفي
بالصبر بركان النماء
يا أمتي هذي رسالةُ من يحب
ومن يظل بوجنتيك كدمعة
صنعت تواريخَ البكاء
وسقت لهيب الموت ثورة شوقك الملغوم
زلزالاً يشق الأزمنة ..
يا أمتي ماذا لديَّ سوى هواك فهل أنا
غير الهوى إلا ككهف لم يداخله السنا
فلعلنا
ندنو نقبل راحتيك ..
فلتغفري لي كلَّ طيفٍ
مرَّ بي من دون أن يجثو لديك
و لتغفري للناس حزنك والجوى
و أنا الملام بكل حبي
فأحمليني في يديك ..
يا أمتي هذا ندائي فاسمعيني
كل مجدي في الدنا وقْفٌ عليك ..
علمتني معنى الوفاء فهل أوفي بالذي
استدينتنيه وبالذي سيظلُّ يكحَل مقلتيك
حتماً سيحتفلُ الشذى بك والورودُ وها أنا
ابتاعُ مورديَ العتيقَ وكلنا
يا أمتي نصبو إليك. معز البحرين
عكس الريح
[email]moizbakhiet@yahoo.com[/email]