تحقيقات وتقارير

الحزب الشيوعي.. مواصلة انتقاد الحكومة

[JUSTIFY]لم تكن الطفلة الصغيرة ذات السترة الحمراء تدري سر فرحة والدتها الناشطة في الحزب المعروف وهي تستقبل ضيوف ندوة حزبها العتيق بميدان مدرسة الأهلية بنين بأم درمان، وهي الثالثة والتي تأتي ضمن سلسلة الندوات السياسية التي ابتدرتها الأحزاب هذا الشهر حيث انطلقت في فضاء الخرطوم حرية تنظيم تلك الندوات سواء جاءت بقرار حكومي يقنن لها أو بسبب ضغوط الأحزاب التي دفعت الحكومة الى منطقة الحوار وفضاء الحريات، ولكل هذا أخذت الندوات التي نظمت طابع الفرح الكبير والاحتفاء، ومن ثم الحديث السياسي والنقد المباشر.. الحزب الشيوعي بندوته مساء أمس الأول كشف عن عضويته الشابة والعتيدة والعريقة والتي ملأت الساحة حضوراً تحت لافتة الحزب بالعاصمة القومية، وكأنه يردد ماقاله الشاعر الراحل محجوب شريف (ماقالوا فتنا وماقالوا متنا)

من خلال متابعتي للندوات الثلاث السياسية لأحزاب الإصلاح الآن والمؤتمر السوداني والشيوعي أن خطاب انتقاد الحكومة أو الإنقاذ هو الطاغي، وهو المحطة الأولى للابتدار والهجوم، وكشف التفاصيل للفساد وتصويب الكلمات نحوها، مع التمترس الثابت للمواقف المعلنة، ولم يكن هناك أسرار غامضة أو مفاجآت، فبحسب مراقبين سياسيين- تحدثوا لآخر لحظة أثناء الندوات التي تابعوها لقياس ومعرفة درجة استعداد الأحزاب للممارسة السياسية- وفق أدوات لعبتها الديمقراطية في شوطها الأول قالوا إن ما خرج من هواء ساخن هو أمر طبيعي إذا نظرنا إلى حالة المنع الطويل لمثل هذه لقاءات وندوات سياسية لأحزاب المعارضة وهي بمثابة نافذة ضرورية في مناخ الحوار الوطني الذي يدور الآن، وخاصة توجيه الحديث السياسي الى المواطن مباشرة… وهذا ما ذهب إليه السكرتير السياسي للحزب الشيوعي بالعاصمة القومية الأستاذ ميرغني عطا المنان الذى ابتدر الحديث في الندوة، نسبة لغياب زعيم الحزب الذي كان في رحلة تنظيمية الى كسلا أن البعض اعتبر الحزب الشيوعي انتهى بتخلي الحلفاء عنه في قوى التحالف، وأن البعض ذهب بعيداً رابطاً انتهاء الحزب بانهيار الشيوعية في أوربا، لكنه قطع بأن الشيوعي حزب رؤية وفكر، وأن الحوار بالنسبة له قضية سياسية محورية ذات أبعاد اجتماعية ثقافية فكرية تمحورت كصراع سياسي، وأنهم رغم هجوم البعض عليهم ووصفهم بالملحدين الكافرين لكنهم لم يردوا عليهم إلا بالأفكار الناضجة والقوية والمضيئة، ويختم كلمته بأنه مهما كانت نتائج الحوار الذي يؤدونه في المبدأ سيواصلون في الحزب الشيوعي خطواتهم التنظيمية وتطويرهم للأداء السياسي، ومضى في ذات الاتجاه الناطق الرسمي للشيوعي يوسف حسين بأن موقفهم ثابت تجاه الحوار الديمقراطي وليس (حوار عدي من وشك).. وزاد أن الحل يتمثل في عقد مؤتمر قومي جامع بعد اسقاط الشمولية.

مشيراً لرفضهم لإسناد رئاسة آلية الحوار لرئيس الجمهورية مضيفاً بأهمية محاربة الفساد واسترداد المال العام في إطار الحل الجاد لقضايا السودان، وكذلك تقليل الصرف على الحرب وتوجيه الأموال للتنمية الاجتماعية والاقتصادية وأضاف بأن القوى الغربية لا تريد إسقاط النظام الإسلامي لأنها تريد المحافظة على مصالحها لاستغلال ثروات البلاد ولموقع السودان الاستراتيجي على البحر الأحمر، ورأي أن هناك أزمة حقيقية في الاقتصاد لن تحل بوديعة قطر للسودان، ولا بقوى الإسلاميين السياسية.. مشيراً بأن العجر في الميزانية بلغ 6 مليارات دولار محملاً المؤتمر الوطني هذا التدهور متوقعاً انتفاضة شعبية، وكشف حسين في الوقت نفسه قدرتهم على امتلاك البدائل وهي التهمة التي قال إن الحكومة توجهها له كقوى معارضة بأنهم بلا بدائل، وختم بأن دعا بضرورة استصحاب الحركات المسلحة في الحوار لوقف نزيف دارفور.. مشيراً الى أن ملتقى أم جرس لن يحل الأزمة لأن طابعه قبلي بينما مشاكل دارفور أكثر تعقيداً.

من جانبه خاطب الندوة ممثل قوى الاجماع والحزب الناصري الأستاذ ساطع الحاج- ترحم على شهداء بانتو- وشدد على ضرورة تفكيك النظام، ودعا الى حوار تؤطره قوانين وتحميه.. والشاهد أن المنصة كانت تعج بالشباب كذلك المنظمين المصطفين من الجنسين الناشطين بالحزب والذين ظلوا في حالة هتاف بشعارات الحرية، ولم ينسوا طريقة الحزب القديمة في توزيع المنشورات، ووزعوا ورقة على الحضور موسومة بـ (مبادرة الحرية أولاً) في حين صدح كورال بالأغنيات الوطنية كعهد شباب الحزب في الحشد والشعارات والشعر، ذلك الوجه الآخر للخطب السياسية ذات المعاني والمواقف تجاه قضايا الوطن وفي المقابل كان حضور النساء واضحاً في الصفوف الأمامية.. حيث ملأن المقاعد، مما يشير الى المجايلة في الحزب الشيوعي، وضخ الدماء الجديدة..

عضو الهيئة المركزية الأستاذة آمال حبر الله تحدثت في المنصة ساردة تاريخ المرأة وضرورة استحقاقها للمشاركة السياسية ودعت الى العمل بدستور 2005م وعدم تعارض القوانين مع الحريات، وطالبت بالغاء قوانين تعمل ضد حرية المرأة، ودعت الى العمل الجاد عبر الحوار الديمقراطي لتخطى المرحلة الآنية الى مرحلة سياسية تقبل الجميع وفق أسس جديدة…

على كلٍ رغم تشابه الكلمات في كلٍ الندوات التي عقدت تبقى الحقيقة أن ممارسة الحرية وفق الضوابط المعروفة ونيل الحقوق بالطريقة الصحيحة لن يغضب أحداً في ظل منافسة سياسية شريفة الحكم فيها المواطنون الذين وقفوا يراقبون ويسمعون ليقرروا فيما بعد في اي اتجاه يكونون في ساحة الوطن الكبير.

صحيفة آخر لحظة
عيسى جديد
ت.إ[/JUSTIFY]