تحقيقات وتقارير

البطولة السياسية على طريقة تحالف المعارضة !

[JUSTIFY]يبدو واضحاً ان تحالف المعارضة السودانية لا يتبيَّن تماماً ما يقوله فى الندوات السياسية التى إنطلقت فى أرجاء واسعة من العاصمة السودانية الخرطوم ما بين ضاحية شمبات بالخرطوم بحري حيث أقام حزب المؤتمر السوداني ندوته المحضورة، وما يبن ميدان الأهلية بأم درمان حيث خاطب الحزب الشيوعي السوداني جماهيره.

صحيح ان عودة الليالي والندوات السياسية من الممكن أن تربك حسابات أي حزب سياسي معارض متعطش للأحاديث الملتهبة والشعارات الحارة. وصحيح أيضاً ان الحديث فى هذه الندوات مجانيّ ولا يدفع الحزب المعنيّ نظيره مقابلاً مادياً. ولكن دون شك هناك كلفة سياسية باهظة حيث تتكفل (غرفة المقاصة السياسية) بإجراء عمليات الخصم والإضافة على نحو منتظم ودقيق وإن لم يلحظه المتحدثون فى هذه الليالي الصيفية الساخنة!

الحزب الشيوعي وبعد انتقاله من مرحلة (حضرنا ولم نجدكم) الى مرحلة حضرنا ووجدناكم بالمصادفة، بدت له الساحة السياسية فى لحظة من اللحظات وقد تسربلت باللون الأحمر القاني فى مشهد شبيه بحفلات (الزار) فطفق محدثه يتحدث عن إنجازهم لهذه الحريات! ولأن المشهد كان شديد السخونة فقد تقدم الحزب خطوات بإتجاه (إثبات الرجولة) وقال إنهم يرفضون رئاسة البشير لآلية الحوار.

المتحدث الذي يعتبر قيادياً مهماً في الحزب كان لتوِّه يتحدث عن عدم مشاركتهم فى الحوار إلا بعد استجابة السلطة الحاكمة لشروطهم، ولكن ذات المتحدث وقد أخذته نشوة المنبر والاهازيج المرسلة في الأرجاء عاد ليؤكد أن حزبه يرفض ترؤس الرئيس البشير لآلية إدارة الحوار!

واحتار السامعين، كيف يرفض الحزب الشيوعي من الاساس الحوار وفى الوقت نفسه يقفز قفزة كبيرة فى الهواء ليرفض رئيس آلية الحوار؟ هل هي محاولة من الحزب لكي يتحاشى عزلة سياسية لاحت نُذرها فى الآفاق وبدت وشيكة؟ أم أن الحديث كان ذو شجون فأرسل قادة الحزب أحاديثهم المرسلة دون ان يتثبتوا منها؟

تحالف المعارضة صنع لنفسه (مناخاً خاصاً) طالباً النزال وحده والطِعانا، فقد وجد نفسه بعد انجلاء الغبار السياسي مُطالَباً بأن يكون على قدر التحديات. ونحن لا شأن لنا لا من قريب ولا من بعيد بما يشتهي التحالف أن يقوله ويسمعه للناس فهذه أمور كما قلنا له فيها مطلق الحرية على ان يضع فى اعتباره أنها ذات كلفة سياسية باهظة، ولكن من المشروع بالنسبة لنا كمراقبين أن نحاول قياس المنطق السياسي، ومحاولة فهم ما يدور.

فلو كان صحيحاً -ولو بنسبة 1%- أنَّ تحالف المعارضة الذى كان له الفضل فى إطلاق الحريات فإن السؤال الذي يتبادر الى الذهن فوراً لماذا انتظر التحالف كل هذه المدة الطويلة لكي ينجز ما أنجزه بكل هذه السلمية والبساطة والتلقائية؟ بل لماذا ما يزال التحالف حتى هذه اللحظة يطالب بوقف الحرب وإلغاء القوانين المقيدة للحريات؟

إن الذي استطاع ان يحقق ما تحقق قمين بأن يحقق -بأقل جهد من الجهد السابق- الهدف الأكبر فما الذي حال دون تحقيق التحالف لإسقاط النظام؟ المأساة هنا ليست فى إدعاء شرف البطولة الكذوب؛ ولكنها اعمق من ذلك بكثير إذ إنّ واحدة من أزمات أحزابنا افتقارها الى الموضوعية والامانة الوطنية، فقد استعصى على هذه القوى رد الفضل الى الحكومة السودانية ولو من باب تشجيعها ودفعها للمزيد من الانفتاح، ولهذا فإن الاستحقاق الانتخابي الوشيك من شأنه ان يفضح كل هذه البطولات العابرة.

سودان سفاري
ع.ش[/JUSTIFY]