رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : عودة عافية الجنيه لا عودة «مبارك»

[JUSTIFY]وزير المالية ومحافظ بنك السودان ورئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان هم من ينبغي أن يهتم بتصريحاتهم هذه الأيام «المواطن».. وهم من ينبغي أن يستقبلوا في خزائن الدولة عودة الجنيه بعافيته بعد أن يتماثل للشفاء بالوصفات التي حددها هؤلاء الثلاثة قادة الاقتصاد العام. نعم عودة عافية العملة الوطنية.. وليس عودة مبارك المهدي أو عودة غيره. مبارك المهدي راح إلى الخارج لسبب تجاري وليس للنضال الذي عاد منه باتفاق نداء الوطن عام 2000م.

ولذلك فإن حكاية عودة مبارك لن تسمن ولن تغني من جوع المواطن السوداني إذا لم تكن واحدة من إرهاصات المزيد من الجوع في المستقبل القريب. مبارك يلفظه حزبه بقيادة الصادق المهدي لأنه يتعامل معه على طريقة «الذين كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا».. ويمكن بعد شهر من لقاء بالصادق يتراجع ويفكر في إحياء حزبه «الإصلاح والتجديد». والآن يقال إن حزب الأمة أصبح أحزاباً شتى.

لكن هذا حديث غير دقيق، فحزب الأمة القومي بعد 1989م قد انشق مرة واحدة بمجموعة مبارك، وبعد ذلك أصبحت تنشق كل مجموعة انشقت من «مبارك». هذا ليس المهم الآن. إن المهم الآن هو عودة عافية العملة الوطنية. لقد استشعرت الدولة خطر استغلال بسط الحريات في الصعيد المالي والتجاري، وأدركت تماماً أن هذا يستعدي عليها المواطن. ولكنها الآن تقول للمواطن «أنت محور الاهتمام». ودعونا نتغنى مع وزير المالية الناجح د. بدر الدين محمود بتصريحاته التي أطلقها أمس الأول بخصوص عودة «عافية» العملة الوطنية وحمايتها من الانتهازيين.. الذين يستغلون توجه الدولة نحو بسط المزيد من الحريات. لكن الدولة تتجه أيضاً الآن لتفعيل قانون عقوبة الاتجار بالعملة.

قال الوزير إن وزارته ستقوم بإصدار توجيهات للجهات العدلية باتخاذ التدابير القانونية اللازمة حيال المضاربين بالدولار. وأوضح أن القانون يتيح الحرية الكاملة لامتلاك العملات الصعبة إيداعاً وسحباً وتحويلاً دون قيود لكنه يحرم المتاجرة بها.
إذن الأمر واضح.. ويعني أن من تسوّل له نفسه الاتجار بالعملة على حساب الاقتصاد الوطني لينعكس هذا سلباً على معيشة المواطنين يبقى عدواً للمواطنين. فليفهم هذا.. ونحن نقول للوزير لم نكن نعارض في هذا الصدد من أجل المعارضة ولكن من أجل أن تقول وتفعل ما يجعلنا ننتقل من خانة المعارضة إلى خانة التأييد. والآن نؤيد ما تقول وننتظر ثمار تنفيذ ما تقول. والجهات العدلية نفترض فيها حسن النية، فهي لن تقصّر بعد أن شرعت الدولة في تفعيل القوانين التي تحمي قيمة العملة الوطنية.
أما الأخطر فهو ما جاء ضمن تصريح وزير المالية حيث اتهم الصحف ـ ولعله يقصد بعضها ـ بأنها تروج للمضاربين بالدولار عبر التصريحات التي قال إنها تُنشر لهم، واعتبر أن هذا ما يؤجج من المضاربة بالعملة الصعبة.

إذن هذا أكبر أسف والله يلازم المواطن حينما يجد أن الدولة تتخذ من خلال وزير المالية ومحافظ البنك المركزي السيد عبد الرحمن حسن عبد الرحمن ورئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان السيد سالم الصافي حجير إجراءات جادة لحسم فوضى الاتجار بالعملة وتوجه الجهات العدلية لإجراء اللازم وفي نفس الوقت يجد بعض الصحف تروج للمضاربين بالدولار. هذا مؤسف حقاً. وفيه خيانة للرسالة الإعلامية المنوطة بالصحافة.

وإذا كانت بعض الصحف هكذا تؤذي المواطن في معيشته رغم الفقر والظروف القاسية التي تمر بها البلاد في جانب الخدمات، فإن كاتب هذه السطور وفي هذه السطور يدعو وزير المالية إلى أن يوجه بحسمها تماماً مع أصحاب المضاربة الوهمية. وصحافة تروج ضد معيشة المواطن تبقى غير محترمة حتى ولو كانت تتبع لجهة ما أو شخص ما أو أشخاص ما. إن تفعيل محاربة الاتجار بالعملات يعني «عودة» عافية العملة الوطنية «الجنيه».. نريد عودتها هي ولا يهم المواطن عودة «مبارك».

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]