أبيي.. تستغيث!!
بحلول ابريل المقبل تتجاوز ادارية أبيي النصف الاول من عمرها والذي تمخض عن اتفاق خارطة طريق تم بين شريكي نيفاشا، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على خلفية أحداث دامية وقعت بمنطقة أبيي مايو الماضي رمت بظلال سالبة على علاقة الشريكين وساقت الحركة الشعبية لتجميد نشاطها في حكومة الوحدة الوطنية لحين ابداء المؤتمر الوطني المرونة الكافية منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل في 5002م.
أهالي ابيي استبشروا خيرا بالخارطة التي وقعها الطرفان أملا منهم في ان تنتهي معاناتهم ويهنأوا بالسلام الذي تم ويذوقون طعمه وان لا تستمر معاناتهم في الحرب والسلم، وبدوا متفائلين أكثر بعد اعلان تكوين الادارية للمنطقة في اكتوبر من العام الماضي والتي يناط بها القيام بمهام جمة على رأسها اعادة اعمار المنطقة وارجاع النازحين الذين هجروا مناطقهم جراء أحداث مايو وتشتتوا في العراء ما بين شمال وجنوب بحر العرب، الى جانب توفير الامن والخدمات.
وها هي الادارية تدخل شهرها السابع دون ان تفي ولو بجزء من مهامها وتشتكي من الاحباط والاهمال وتصف نفسها بالمشلولة فالادارية حتى الآن لم تستلم ميزانيتها رغم انها عكفت على اعداد ميزانيتها ورفعتها الى رئاسة الجمهورية بحكم أنها تحت اشراف الرئاسة مباشرة والاخيرة بدورها احالت الميزانية لوزارة المالية والاقتصاد الوطني والتي ادخلت الادارية في دوامة لما يقارب الاربعة أشهر دون أن تطال شيئا ولا يمر شهر الا ويحضر رئيس الادارية أروب مياك للخرطوم على امل ان يجد مبتغاه رغم ان نائبه رحمة عبد الرحمن النور ظل مرابطا بالخرطوم منذ ديسمبر من العام الماضي، فالادارية قبل شهر فقط استلمت مبلغ اثنين مليون جنيه كانت رئاسة الجمهورية صدقتها لها لتسيير اعمالها في اكتوبر الماضي بعد ان ارتفعت ديون الادارية لعشرة ملايين جنيه وبدأ الاحباط واليأس يتسربان للادارية ولاهالي ابيي الذين نفد صبرهم وبدأ عدد من المسؤولين في الادارية يشيرون الى ان العملية مقصودة وانهم اوجدوا فقط كديكور لامتصاص الازمة حينها وان العملية كلها سياسية فقط واخذ عدد كبير من ابناء المنطقة وفي الادارية ذاتها في تحميل رئاسة الجمهورية المسؤولية المباشرة. ويؤكد وزير المالية بالادارية آر دينق، في حديثه مع «الصحافة» امس ان خزينته فارغة تماما. ويوضح «ما يوجد في الخزينة فقط الهواء». وقال ان الادارية لم تنفذ شيئا منذ توليها المسؤولية في ابيي باستثناء تسيير اعمالها عبر الديون من صغار التجار وبعض الافراد المتحمسين والضريبة المحلية.
واكد انه حتى الآن لم ينطبع تأسيس ادارة مالية بصورة جيدة او تعيين كوادر مؤهلة بسبب انعدام الموارد المالية. واضاف «حتى الآن لم اوقع او اصدق على اية مبالغ». وذكر ان عمليات العودة الطوعية شبه معطلة باستثناء العودة التلقائية من ابناء المنطقة في الولايات الشمالية والشرق والعاصمة. واوضح «ومعظمهم عاد ادراجه لتردي الاوضاع» وقال ان حكومة ابيي تعمل كمتطوع في اشارة لعدم صرفها لرواتب واكد ان الادارية تعاني من مشكلة دفع المرتبات للعاملين الذين يبلغون «140» بمن فيهم الدستوريون والتنفيذيون. واشار الى ان المتأخرات والرواتب من 2008 وحتى مارس 2009 تصل «81» مليون جنيه.
وسخر دينق من المبلغ الذي حولته وزارة المالية والبالغ خمسة آلاف و620 جنيها كمرتبات للادارية عن شهر فبراير، واشار الى ان المبلغ لا يكفي لمرتب فرد واحد وذكر ان الادارية حاولت ان تسدد جزءا من ديونها وصرف مرتب شهر واحد للعاملين ومبلغ اثنين مليون جنيه الذي استلمته والخاص بالتسيير. واشار للتململ الذي بدأ يظهر وسط العاملين بسبب المرتبات، وأوضح «ان العاملين بمستشفى أبيي نفذوا اضرابا لاكثر من أسبوعين».
ويرى خبراء الامن ان المشكلة المالية يمكن ان تسبب اضطرابات وتسهم في تفجير الاوضاع مرة اخرى بأبيي لاسيما وان المنطقة شهدت مشاكل وهي في حاجة ماسة للخدمات. ويشير الخبراء الذين استطلعتهم «الصحافة»الى ان تعطيل ميزانية أبيي يحدث يشكك في اتفاق خارطة الطريق خاصة وانها تخضع لاختبار. وقالوا ان المطلوب من الدولة الوضوح والصراحة والاعتراف بأن البلاد تمر بأزمة مالية تلقي بظلالها على السودان ككل، الى جانب اعادة النظر في الميزانيات السابقة واعادة وضعها بطريقة اكثر واقعية حسب الاولويات، وشددوا على ضرورة اجراء جراحة قاسية في الميزانية وإيلاء أبيي الاولوية القصوى. واشاروا لضرورة اعمال مبدأ اشراك المواطن في المعلومات.
وزير مالية أبيي آر دينق، يقول انه رغم مشكلة المرتبات إلا ان موظفي الحكومة يداومون على اعمالهم يومياً ورغم انه لا توجد مهام يقومون بها.
عموماً لازالت ادارية أبيي تمد حبل الصبر على امل ان تستجيب الرئاسة والمالية لمطالبهم وتتكرم بإعطائهم حصتهم التي تمكنهم من ان يكونوا حكومة حقيقية وليس مجرد ديكور، ولازالت الادارية تعمل على تهدئة المواطنين وتقف سداً مانعاً أمام عمليات التصعيد فإلى متى ستتمكن الادارية من مد الصبر والاكتفاء بملاحقة المالية والتنقل بين الخرطوم وجوبا وأبيي لحل قضيتهم، لاسيما وان أول شرارة للحرب اندلعت من هناك؟.
alawia24@hotmail.com
علوية مختار :الصحافة