الغش التجاري والسلع غير المطابقة للمواصفات.. جرد حساب
ويؤكد عقيد شرطة محمود الريح حسين في ورقة علمية عن (الغش التجاري) أن إدارة الجمارك زادت من ترقية أدائها في محطاتها المختلفة والمنتشرة في السودان لاحتواء محاولات الغش التجاري والذي زادت معدلاته نتيجة التطور الصناعي والتقني.
ويشير عقيد شرطة محمود إلى أن إدارة المعامل الجمركية تقوم بتحليل الورادات مثل الأغذية والألبان ومدخلات الإنتاج والمحليات والأقمشة والمواد الخام والكيماويات والمبيدات لمعرفة مكونات تلك السلع.
ويقول إنه من خلال العمل التقني كشفت الجمارك عن كثير من حالات الغش التجاري، ويشير إلى حالات الغش في الألبان عبر التحليل لتحديد نوعية الألبان لمعرفة نوعية كامل أو منزوع الدسم بجانب الأقمشة لمعرفة تركيبتها من البولستر أم خليط من القطن والبولستر، ويقول إن البعض يخلط المدخلات الصناعية بالمحليات الصناعية والذي يؤدي لفارق كبير في الرسوم الجمركية حيث يستطيع المرود التصرف في سكر الصناعات المدعوم لكسب أموال طائلة.
ويؤكد العقيد شرطة محمود إن الجمارك أصدرت لائحة التدابير الحدودية الجمركية لحماية حقوق الملكية الفكرية، وقال إنها مجموعة من التدابير التي تتخذها الجمارك من ضمنها إيقاف البضائع المنتهكة للملكية الفكرية، ويؤكد أن تلك الإجراءات منعت سلعاً مقلدة من الوصول للمستهلك، ويوضح أن الجمارك وقعت مذكرات تفاهم مع اتحاد أصحاب العمل لمنع التقليد في السلع.
يرى الباحث الاقتصادي دكتور عادل عبد العزيز الفكي في ورقة علمية عن (الآثار الاقتصادية للسلع غير المطابقة للمواصفات) أن تلك الآثار تتمثل في حدوث خسائر مباشرة في العنصر البشري، ويعتبر عادل أن العناصر البشرية تعتبر أهم مورد اقتصادي هام.
ويعدد عادل المضار المترتبة على تلك السلع ويقول: يمكن أن تنشأ حوادث سقوط الطائرات لعدم اتباع برامج الصيانة حسب المواصفات بينما حوادث الطرق المميتة تحدث لاستخدام إطارات غير مطابقة بجانب حوادث انفجار الغلايات (القيزانات) لعدم اتباع المواصفات في تشييدها أو عند صيانتها.
ويرى أن آثار السلع غير المطابقة للمواصفات تمتد لتصل وتؤثر على ارتفاع تكاليف نظام الرعاية الطبية والصحية ويشير إلى الأغذية الملوثة نتيجة عدم الالتزام بمواصفات الحفظ والتخزين والتي تتسبب في الإسهالات وزيادة احتمالية السرطان بينما المضافات الغذائية غير المطابقة للمواصفات مثل إضافة مادة الميلامين للحليب التي ثبت تأثيرها بالإصابة بالفشل. ويعتقد أن ثمة احتمالات لحدوث مقاومة للمضادات الحيوية في السودان نتيجة لإضافة بائعي الحليب مضادات حيوية للحليب السائل لمنع تخثره.
على أن الباحث الاقتصادي دكتور عادل عبد العزيز يرى أن السلع غير المطابقة للمواصفات تمتد آثارها لهدر الموارد المائية والزراعية لعدم استخدام معدات مطابقة للمواصفات القياسية بجانب انتشار الآفات الزراعية نتيجة استخدام مبيدات غير مطابقة وفقدان كميات من المحاصيل لعدم استخدام حاصدات ومواعين تخزين مطابقة للمواصفات.
ويشير دكتور عادل إلى أن السلع غير المطابقة للمواصفات تؤدي لإهدار الطاقة الكهربائية وطاقة الوقود الأحفوري وغيرها من مصادر الطاقة وذلك عند استخدام أجهزة كهربائية وأجهزة ميكانيكية غير مطابقة للمواصفات القياسية يترتب عليه استهلاك أعلى أو غير ويضيف: يمثل هذا إهداراً لعنصر اقتصادي هام.
ويشير دكتور عادل إلى أن خطورة السلع غير مطابقة للمواصفات تتعاظم عند استعمال السلع الرأسمالية وكذلك باستخدام المصانع الوطنية لمعدات إنتاج غير مطابقة للمواصفات والتي سيترتب عليها إنتاج سلع غير مطابقة للمواصفات القياسية وبالتالي ضعف تسويقها ومنافستها للسلع المستوردة. بينما تسبب المنتجات الصناعية غير المطابقة للمواصفات والواردة من دول أخرى في توقف وتعثر الصناعات الوطنية لأنها تصل وتباع للمستهلك بأسعار زهيدة جدًا.
ويقدم دكتور عادل أطروحة تشير الى أن العبء الاقتصادي يتفاقم ويصل الى زيادة الانفاق الاقتصادي لمعالجة الآثار البيئية عبر استخدام معدات ميكانيكية ووسائل نقل غير مطابقة للمواصفات والتي تتسبب في عدة مشاكل بيئية يستلزم معالجتها إنفاقاً مالياً كبيراً. ويحذر من استخدام أكياس النايلون غير القابلة للاذابة والتي تسبب الموت للماشية ويفقد التربة خصوبتها بجانب النفايات الصناعية التي لا تتم معالجتها حسب المواصفات والبطاريات المستنفدة وكلها تؤثر سلباً على المناخ والتربة والمياه وتتطلب المعالجات إنفاقاً مالياً كبيراً.
الأمين العام للجمعية السودانية لحماية المستهلك دكتور ياسر ميرغني يقول ان الغش التجاري يقصد به غش في مواصفة السلعة حيث يحدث غش في سعر أو وزن أو حجم السلعة بينما السلع غير المطابقة للمواصفات تعتبر منتجات مغشوشة عن عمد.
على أن دكتور ياسر ميرغني يشير الى التداخلات بين الغش التجاري والسلع غير مطابقة للمواصفات، ويؤكد الأمين العام لجمعية المستهلك أن الغش التجاري يتنافى مع حق المستهلك في المعرفة ويقول يمكن أن يحدث الغش في ديباجة السلعة، ويضيف يجب أن يحصل المستهلك على معلومات الشراء السليمة ويؤكد حق المستهلك في التعويض والحصول على تسوية عادلة.
ويحذر ياسر ميرغني من انسياق المستهلك وراء الإعلانات المغرية والمضللة ويقول على المستهلك التأكد من الضمان لدى البائع ويضيف: (حتى لا يفقد حقه).
ويلفت دكتور ياسر نظر المستهلك في ظل ضعف الرقابة الحكومية الى ان يخضع جميع السلع لحواسه الخمس للتأكد من أن السلعة ليست ضارة، ويؤكد أمين جمعية حماية المستهلك أن دور جمعيته توعوي عبر تبصير المستهلك.
صحيفة الصيحة
عبد الوهاب جمعة
ع.ش