تحقيقات وتقارير

تداعيات معارك ليبيا علي السودان

[JUSTIFY][SIZE=5]ما يجري علي الحدود الغربية “علي امتدد 383 كيلومتراً” مع الجارة ليبيا ينبغي الالتفات إليه لأن انعكاساته وتداعياته خطيرة علي السودان، والذي تجمعه علاقات تاريخية ووشائج وصلات طيبة، ولا يزال الليبيون يتذكرون الدور المؤثر لقوة دفاع السودان في الحرب العالمية الثانية 1945، وإدخالها الرعب في قلوب القوات الفاشستية المحتلة وإرغامهم علي الانسحاب والجلاء عن مدن وأراضي ليبيا.

وقد ظلت قوة دفاع السودان الحارسة والحافظة لسلامة وأمان أهل ليبيا حتي نهاية الحرب العالمية، وظل التواصل بين الشعبين قائماً ومستمراً في كافة المراحل، ولدي استقلال السودان توطدت الصلات والمصالح بين الدولتين وفي تبادل المنافع والخبرات علي كافة المستويات، وكان الملك السنوسي مفكر ليبيا لا يقدم علي خطوة أو عمل خارجي إلا وجعل الخرطوم طرفاً فيه، ولعلنا نذكر درجة الثقة المتبادلة بين الملك السنوسي والقيادة السودانية في حقبة الستينات، عندما انعقدت قمة الخرطوم في أغسطس 1967 لدعم الصمود العربي وإعادة تأهيل الجيوش العربية في مصر والأردن، حيث قررت الكويت دفع 45 مليون جنيه إسترليني كل ثلاثة أشهر، وكذلك فعلت المملكة العربية السعودية 40 مليون جنيه إسترليني كل ثلاثة أشهر، وعندما جاء الدور علي ليبيا وكان رئيس وفدها ولي العهد الأمير محمد السنوسي الذي أبلغ الرؤساء والملوك العرب إنه لا يملك تخويلاً بالمال للصمود العربي، فرد نيابة عنه رئيس وزراء ووزير خارجية السودان السيد محمد أحمد محجوب بأن ليبيا ستدفع 35 مليون جنيه إسترليني كل ثلاثة أشهر لدعم الصمود العربي، وأنه سينوب عنه في إبلاغ الملك سنوسي بهذا القرار وإنه واثق من موافقته، وقد كان.

وفي إطار المداخلات المباشرة بين البلدين الجارين، عندما وقع انقلاب سبتمبر 1969 الذي قاده آنذاك العقيد معمر القذافي وأطاح بالنظام الملكي، فإن الوفد السوداني برئاسة الرائد مامون عوض أو زيد سكرتير مجلس قيادة ثورة مايو والأستاذ محجوب عثمان وزير الإرشاد القومي وآخرين، حيث نفذوا “بحكم الخبرة الانقلابية” صياغة البيانات والقرارات والإجراءات للنظام الجمهوري الجديد، وقد كافأ العقيد معمر القذافي لاحقاً السودان بمضايقات لا حدود لها بدءاً من إرساله لطائرة أسقطت القنابل علي إذاعة أمدرمان مطلع الثمانينات، إلي دعم وتقديم السلاح للعقيد جون قرنق لتمكين قواته وحربها ضد القوات المسلحة في الجنوب، وقد سمعت منه مباشرة هذا “الاعتراف” بحضور مولانا السيد محمد عثمان الميرغني والدكتور حسين أوب صالح وزير الخارجية والسيد أحمد سعد وزير شؤون القصر في طرابلس مطلع 1989، أي كان وراء إشعال الحرب “1983 في الجنوب” ولاحقاً في انفصاله.

وعندما اقتلعت ثورة الشعب النظام القذافي، لقي الزعيم القذافي حنفه، واعتقل أنجاله ومستشاروه وادعوا السجون تمهيداً للمحاكمة، جاء الاعتقاد آنذاك بأن “صفحة جديدة” للعلاقات بين البلدين، قد بدأت وأن أبواب المصالح فتحت علي مصراعيها وأن العمالة السودانية ستجد فرصاً واسعة في كافة مجالات العمل بحكم الثقة المتبادلة والعلاقات الأخوية التاريخية وحيث كان السودانيون وحدهم موضع الثقة بحكم الألفة والخبرة معاً، ورغم تبادل الزيارات وتوقيع الاتفاقيات فإن الأوضاع تضاربت في ولايات ليبيا، حيث تفاقمت الخلافات والصراعات بين الأجنحة والفصائل وتدور الآن معارك تستخدم فيها كافة الأسلحة المتقدمة من الطائرات إلي الصواريخ وغيرها.
ولم يعد مشهد الحرائق والقتل في مواقع عديدة إلي جانب تهديد مستودعات النفط يوحي بثمة استقرار أو هدوء أو السيطرة للدولة علي الحرب وتداعياتها المرعبة هل يمكن للسودان بحكم الخلفية والعلاقات التاريخية الاضطلاع بدور ما في التهدئة وعودة ليبيا الجديدة، وهل يتحسب السودان وبوجه خاص الأجهزة الأمنية إلي مسألة تدفق السلاح الحديث عبر الصحراء إلي داخل السودان؟.

صحيفة التغيير
بقلم: محمد سعيد محمد الحسن
ع.ش[/SIZE][/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. السؤال هو هل هذا الانقلابي المدعو / خليفة حفتر مدعوم من مصر ومن الأمارات تكملة للدور القذر الذي قامت به في مصر وما حصل في مصر على زعم أنهم يريدون تصحيح الثورة ؟ أم أنه مدعوم أمريكياً وغربياً أم أنه قام به من تلقاء نفسه ؟ تكلمت البي بي سي عن الخلفية التاريخية لحفتر فقالت هو : شارك العقيد القدافي في القيام بانقلاب 1969م وشارك في حرب شريط أوزو ولماهُزمت القوات الليبية من التشاد, أُسر حفتر , وظل في تشاد حتى استيلاء إدريس ديبي على الحكم ثم حملته طائرات أمريكية إلى أمريكا التي ظل فيها حتى قيام ثورة 17/ فبراير التي أطاحت العقيد القدافي , وقد عاد إلى ليبيا مع الثورة, والسؤال هو هل أُعدّ لهذا اليوم لينصب نفسه حاكما وآمراً على البلاد في ظل عدم الاستقرار الحاصل الآن ؟( نظرية المؤامرة حاضرة ) وبالتالي يكون هو ومن معه من عملوا على عدم استقرارالبلاد واغتيال الأشخاص البارزين من مثل اللواء عبد الفتاح يونس العبيدي الذي تمتع بكاريزما وشخصية قوية إبّان الثورة ومن ثم كان يمكن أن يشكل عقبة أمام المخطط الذي كان سينفذ بين حفتر ومحمد جبريل القادمين من بلاد العم ســام ,أم أن حفتر ملتزم بمبادئ الثورة ؟ لا شك أن الإسلاميين الذين كانت دماؤهم وقوداً للثورة لن يتركواالأمر لحفتر ومن معه بهذه السهولة لاسيما وأنه يناصبهم العداء وقد وصفهم بالمتشددين والقاعدة والظلاميين ..إلخ ( نفس الأوصاف التي تطلق عليهم في كل دولة لا ترغب فيهم ولا تعطيهم فرصةالمشاركة في حكم بلدهم ) وحفتر بهذه اللهجة المعادية للإسلاميين لا يمكن أن يكون ضمن جماعة( محمد يوسف المقريف) الإسلامي الذي لجأإلى السودان أول الثمانينات وغادر من بعد إلى مصر والغرب وكان رئيساً للبرلمان قبل الأخير !! الآن موقف السودان في حيص بيص , خاصة وأن البشير كان قد صرح بأن للسودان دوراً في الإطاحة بالعقيد, ولذلك ستكون خسارته كبيرة إذا خسر الإسلاميون الحكم ولا يمكنه الوقوف الآن إلى جانبهم ومساندتهم لوجستياً, وعلى كل حال الذي يهمنا بطريقة ملحة هو أن لا تعود ليبيا مرة أخرى موئلاً وداعماً للمتمردين الدار فوريين . والله المستعان