تحقيقات وتقارير

أسرار طلاب الجامعة.. بث مباشر في (الواتس آبْ)

[JUSTIFY]يميل الكثير من الشباب إلى وضع همومهم على كواهل أصدقائهم، مستغنين بذلك عن آبائهم أو إخوانهم، وكثيراً ما يتغوّل الأصدقاء على مساحات كانت سابقا حكراً على (ناس البيت)، عندما كانت (البيوت أسرار) و(الإبن سر أبيه) و(الأم صديقة ابنتها)! وبدلاً عن ذلك، كوّن الشباب شبكة منغقلة من الأصدقاء والصديقات، تصلح لأن تكون مستودعاً مضموناً للأسرار.
لكلِّ منا حاجة نفسية في أن يودع أسراره ومشاكله وهمومه للآخرين، وبعد أن انشغلت الأسر بمشاكل الحياة عن متابعة ما يجري لأبنائها، صارت العلاقات البينية أكثر رسمية وتحفظاً، ما يجعل الكثير من الشباب يلوذون بأصدقائهم حين تباغتهم مشاكل قد لا يفهمها (ناس البيت) أو لا يقدرونها حق قدرها، حتى يبلغ السر مداه وتراه مبثوثاً، أدناه الرحلات الجامعية (السرية)، التي تتسرب مقاطعها (الخليعة) مصورة على (الواتس أب)، يراها القاصي والداني.
فهل ما زالت أسرار الطلاب محكومة بأسوار الجامعة، أم أن البعض ما زال يبوح بأسراره وهمومه إلى (ناس البيت)؟!

تؤكد طالبة الجامعة الإسلامية آثار محيي الدين، أن خالتها (في البلد)، هي أقرب الناس إلى قلبها لأنها لا تكبرها في السن كثيراً، وبحكم دراستها في الخرطوم، أصبحت تحكي أدق أسرارها إلى صديقتها. تقول:
ـــ عندما نعجز أنا وصديقتي عن حل أية مشكلة، أتصل بخالتي وأحكي لها حتى تصل معي لحل.
وتقول صديقتها مودة: (أمي مشغولة بحكم أنها أستاذة في الجامعة، لذلك أحل مشاكلي مع صديقتي إلا إذا تعثر الأمر، فأرجع إلى أمي وهي بدورها تفرّغ لي نفسها وتستمع لي).
وتعترف (هديل) من جامعة النيلين بأنها تعتبر صديقتها أقرب إليها من أهلها، خاصة عندما تريد أن ترتاح من سرِّ مّا يضيق به صدرها وتقول: (أي زول مشاكلو على حسب عمرو، عشان كدا أحسن تحكي لي زول قدرك).
ولا تنفي هديل أنها تخص أختها الكبيرة ببعض أسرارها ومشاكلها بحكم السن المتقاربة، لكنها تستدرك وتقول: (المشاكل التي أخجل منها فلا أحكيها إلا لنفسي).
وتثق (زهرة) من جامعة الزعيم الأزهري، ثقة عمياء في صديقتها وتعتبرها الأقرب من أمها وأخواتها، وتضيف: (أفضل أن أحكي لها عن أسراري وآخذ المشورة منها في مشاكلي حتى أجد الطريقة المثلى التي أحكي بها إلى أهل بيتي لآخذ رأيهم وأضمن استجابتهم لطلباتي).
ـــ ألا تخافين من أن تبوح صديقتك هذه بأسرارك التي خبأتها حتى من أمك وأخواتك؟!
ـــ أنا اختبرت صديقتي قبل أن تصبح من أقرب الأقربين لي، لذلك لم تخذلني ولن تخذلني إن شاء الله!
وعلى النقيض من (زهرة)، يعتبر (فارس)، الطالب بجامعة السودان، أبويه مستودعاً لأسراره وهما كما يقول: (أقرب ناس لي، وهم أولى من أصدقائي وأكبر من أي صديق، لذلك يستطيعان حل المشاكل بهدوء ودراية أكثر).
وعلى نفس الشاكلة، يرى (منذر)، أن أباه هو صديقه الوحيد في حياته وكل أسراره يحكيها له، يقول: (أبي أولى بحل مشاكلي لكن إذا كانت المشكلة (تافهة) أحكيها لأحد أصدقائي)، إلا أن صديقه (عثمان) من نفس الكلية وترعرع في إحدى دول الخليج يرى أن أصدقاءه مخزن أسراره الأول قبل الأهل والأقارب، وعندما يعود إليهم يأمّنهم على أسراره كافة، أما عندما يكون في السودان، فيلجأ الى زملائه في الجامعة.
تقول أستاذة التربية وعلم النفس الإجتماعي سامية محمد، أن المرء عندما يتعرض لمواقف مشحونة بالتوترات الإجتماعية والنفسية، يحتاج لمن ينصت إليه ويشير إليه بالرأي، وعادة ما يلجأ لمن يحس تجاهه بالإرتياح والثقة والأمان، لذلك يلجأ الشاب لأبيه لطلب المشورة، كذلك الشابة لأمها طالما كانت الثقة بينهما عامرة وعاملتها الأم بشيء من التقدير والصدق. وتضيف: (المؤسف أن الأم والأب في بعض الأحيان يتعاملان من منطلق الخوف على الإبن والإبنة من التغيرات التي اعترت المحيط الإجتماعي الواسع، ما يؤدي لإنغلاق الشباب على أنفسهم ومحيطهم ويخفون أسرارهم ومشاكلهم عن الوالدين، بينما يبوحون بها إلى أصدقائهم، وأحياناً يكون الأصدقاء دون مستوى هذا الشرف، وقد تستخدم الأسرار في ما بعد، كسلاح إبتزازي بين الأصدقاء).
المحصلة، أن يحس الأبناء بعدم فهم الوالدين لمشاكلهم وقضاياهم فيحجمون عن إشراكهم في أسرارهم، كما أن الوالدين أحيانا يخافان على صورتهما الأبوية فيصبحان أكثر قسوة على الأبناء، ظانين أن هذا يحافظ على الأولاد فيظهران في المجتمع بأنهما يقومان بدورهما في التربية.

صحيفة حكايات
ع.ش[/JUSTIFY]