أزمة ثقافة أزمة وطن : ثقافة الوفاء بالوعد (1)
من قبل حدثتكم عن ثقافة احترام الوقت المفقودة في وطننا، وهي لا تختلف عن فقدان ثقافة الوفاء بالوعد التي تكون أكثر خطورة وتأثيراً على المجتمع، لكنها تحمل بين طياتها الكثير من السلبيات كعدم الاهتمام بالوعود والقيام بالواجب وسداد الدين والالتزام بالميعاد. فعلى سبيل المثال، لاحظت أن الغالبية من الناس في السودان لا يرد في هاتفه على رقم لا يعرفه سواء كان هذا الشخص مهماً أو من العامة، وعندما سألت عن الحكمة في ذلك لأنني افترضت أنها نوع من التباهي أمام النفس ومنح الذات أهمية مصطنعة عبر هذا التصرف غير الحضاري، فأخبروني أن تفسيري جزء صغير من الحقيقة لكن في واقع الأمر أنه تهرب من أن يعثر عليه الشخص المتصل الذي يغير رقم هاتفه كي لا يتجاهله المتلقي، وهذا التهرب عادة ما يكون لعدم قدرته على الوفاء بالتزام مادي أو معنوى أو تهرباً من مسؤولية أو خوفاً من سد حاجة، لذلك تصبح رنة الهاتف بعبعاً لصاحبه وفي أغلب الأحيان لا يرد عليك الشخص إلا فيما ندر وفيما رحم ربك.
أنا شخصياً بعد عدة تجارب قررت ألا أدين أحداً أو أستدين من أحد، ومن كان صاحب حاجة وجعلني الله قادراً على مساعدته أقدم له العون دون دين أو أعتذر له، وإن كنت محتاجاً أطلب المساعدة مباشرة ودون استدانة لأن تجربتي مع الذين يطلبون الدين ويعدون بالوفاء به فاشلة، ليس لأنني في انتظار رد الدين لكن لأن هذا الشخص مهما كان قريباً منك تخسره إلى الأبد لأنه يظل يتهرب منك في كل سانحة حين يعتقد أنك ستطالبه برد الدين، ووقتها أكون قد نسيت الأمر وعفوته من السداد. ليست الحاجة أو ضيق اليد هي السبب في عدم الوفاء، بل هو عدم الاهتمام بالأمر أصلاً، والسائد لدينا هو عدم الوفاء وعدم الالتزام بما نتعهد به أمام أنفسنا وأمام الآخرين وأمام الله من قبل ومن بعد.
لقد وردت كلمة وعد بصيغها المختلفة حوالي (122) مرة في القرآن الكريم، وقد جاءت جميعها في محافل ترغيب وترهيب تجعلك تشعر بقيمة الوعد إن أتى من الخالق أو من العبد وأهمية الوفاء به الذي ورد في آيات كثيرة كقوله عزّ وجلّ: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا).. (وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).. (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) صدق الله العظيم. وقد ورد معنى الوفاء كذلك في محل الالتزام بالأمانة والثقة التي يمنحها الناس لصاحب الشأن، مثل الذين يقومون بالبيع والشراء فعليهم الوفاء بالكيل، وهو التزام بالوعد الذي أقاموه أمام الله سبحانه وتعالى وأمام الناس، قال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).. (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) صدق الله العظيم
ونواصل..
{ مدخل للخروج
أحياك كالفجر احتفاؤك بالجمال
بكل صرح في مداك بكل دار..
وإذا التقيتك في بين أطراف المدى
في لهفة الميقات أشرق وارتدى
بدر السماوات الخمار
متوهجاً بالعشق تاريخ ابتدائي ها هنا
وعد سيبقى في شواهقك انتصار
وعلى طريقك سوف
يبقى في دواخلنا شعار
الله يا زين الهوى
يا لوحة لبست خطوط البرق
زهواً وافتخار
الله يا امرأة تحلت بالشهامة هاجساً
وترفعاً أغلى وصرحاً واعتبار
الله يا وهج القصيدة
يا شموع الصحو
تحتضن المواسم والبحار
الله يا امرأة تتوه بحسنها شمس النهار
وتضيع أزهار الحقول وتختفي
كل اللآلئ والمحار..
أواه يا امرأة تطوقها الأساور
والمجرات انكسار ..
بحضورها.. حتى الضحى
حتى المحيطات الكبار ..
أواه يا امرأة عليها
كل نبض في الحياة
يظل يخفق بانبهار
حتى الورود بخدها
من طيف بارقها تغار
حتى أنا وقصيدتي
وهواي والبعث الأخير ولهفتي
والصبر والعصب الجدار
هزي بساق سحابتي
تأتيك فيضاً من ثمار
هذي بلادي لوعة بك تستجير
فضمخيها بالتقارب والجوار
عكس الريح
[email]moizbakhiet@yahoo.com[/email]