منى سلمان

نسوان نافذات

نسوان نافذات
[JUSTIFY] توقفت السيارة المظللة في المدخل بالقرب من الدرجات الرخامية التي تؤدي الى استقبال المبنى الفخم، فنزلت من المقعد الخلفي سيدة مكتنزة الجسم ناعمة يبدو عليها سيماء الراحة ودعة العيش، بعد أن أسرع السائق بالنزول لفتح الباب الخلفي .. وضعت نظارة شمسية كبيرة على عينيها ثم حملت حقيبة جلدية انيقة وتوجهت نحو الدرجات، فاسرعت اليها السكرتيرة لتحمل عنها الحقيبة وتسبقها لفتح باب المصعد بينما وقف موظفي الاستقبال في صمت بروتكولي مهذب ..
ما ان جلست خلف مكتبها الفخم خلعت النظارة والتفتت للسكرتيرة التي تقف في انتظار اشارتها:
فايزة النعجة دي جات .. تكون لسه ناموسيتا كحلي وما صحت من النوم .. ما عارفة ليه الغبية دي فارضنها علي مديرة مكتب وهي روحا ما بتقدر تديرا ؟ !!
ترد السكرتيرة بتزلف خائف:
هديك قاااعدة .. اعملي حسابك منها سعادتك ما تجي داخلة علينا هسي .. دي عندها ضهر .. مافي زول بقدر عليها ..
ترد سعادتها بصوت غاضب وقد رفعت بنانها المخضبة في وجه سعاد سكرتيرتها الشخصية:
علي منو ؟ والله شعرة ما تهزها فيني .. عليك الله خلينا منها .. ما تعكري دمي من الصباح .. كدي أمشي جيبي لي قهوة من عمك مصطفى وأسأليهو بالمرة جاب لي الفسيخ الوصيتو ليهو ولا نساهو زي أمبارح..
تبدأ سعاد في الانسحاب وهي تتمتم بالموافقة ولكن صاحبة السعادة تتذكر شيئا فتستوقفها قائلة:
هيي .. قبال ما أنسى يا دي .. كلمتي أمك عشان تجي تقعدي لي مع الأولاد ؟ خلاص جابو لي التذاكر والسفر يوم الجمعة الجاية ومتعال جاتو مأمورية قال مسافر يوم الخميس .. يعني الشفع حا يكونوا براهم غير الشغالين والسواق مافي زول معاهم ..
تتردد سعاد ويبدو عليها الحرج:
والله أمي عصلجت المرة دي .. قالت المرة الفاتت طولتي في السفر وهي قاعدة تخدم براها مافي زول بساعدا غيري و….
تقاطعها صاحبة السعادة بنفاذ صبر:
هييي الكلام الملولو دا مابنفع معاي .. غايتو أمك التتصرف لانو الشفع مصرين عليك .. هبّوية قالت مافي زول بيعرف يشرح ليها غيرك والامتحانات قرّبت ..
سعاد تهز رأسها بالموافقة وقد ركبها الهم وتسرع بمغادرة المكتب، فتحمل صاحبة السعادة هاتفها الجوال وتتصل برقم ثم ترجع للخلف وتضع رجلا على رجل وتتمرجح بالكرسي يمين وشمال:
عليك الله يا حسن خلي عمي محمد السواق يجيني فوق …. ما جا لسه ؟ سمح في منو من السواقين ؟ …. لالالا .. شريف دا ما بعرف ينقي الخضار السمح وقاعدين يغشوهو … طيب عليك الله متى ما جا عمي محمد خليهو يطلع لي طوالي ..
تغلق الخط وتلتفت لـ سعاد التي تضع فنجان القهوة أمامها وتقول:
عليك الله يا سعاد شوفي لي تلفون ناس مكتب الاستخدام الجابو لي البت الميتانة دي .. ولا احسن اضربي ليهم انتي عشان يجو يسوقوها يشوفو لي واحدة مدردحة بدل البومة أم جضوم العلّوني بيها دي .. هدديهم قولي ليهم لو ما جابو لي حاجة عدلة .. تلفون وااااحد نقفل ليهم مكتبهم دا .. عالم ما عندها غير الاستهبال ..
تشير سعاد برأسها علامة الموافقة وتهم بالمغادرة فتلاحقها بطلب آخر:
نادي لي معاك عبد الغني بتاع العلاقات العامة ..
على هذا المنوال كان الروتين اليومي لحضرة المسئولة، في السعي الدؤوب المشلهت لتسير دفة الامور في مملكتها الشخصية، بمساعدة الادوات والمعينات في مملكتها العامة .. سائقي المصلحة حسب التخصصات وما تؤهله لهم الخبرات فبعضهم لمشاوير السوق المركزي وسوق السمك لتشوين الثلاجات وأخرون مرجون لسداد ثغرة تثبيت كرسي الوظيفة بـ شعبة المشعوذين والمشعوذات .. حتى موظفي العلاقات العامة كان لهم دور في الاستطلاع والشمشمة لاستبيان سير وسلوك متعال أبو العيال ..
تهمة خلط الاوراق وشربكة الصلاحيات تلحق بالمسئولات من ادنى لاعلى المستويات .. سمعت عن معلمة في (أم طرقا عراض) تحضر معها (الملوخية) لبنات المدرسة لـ (توريقها) في الفسحة حتى لا (تمسك يدها ) وتؤخر عليها الطبيخ عندما تعود للبيت ..
مخرج التحدى ان تبدي كل متنفذة في مجالها من الكفاءة ما تثبت به اننا لسنا مجرد تمامة عدد ..

منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email][/JUSTIFY]