اوكامبـو وكـي مــون .. العـلاقـــة سيـئــة
كشفت مصادر من الأمانة العامة للأمم المتحدة، أن الأمين العام بان كي مون على علاقة سيئة للغاية مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو. ووصف مصدر مقرب من مكتب الأمين العام بان كي مون، رفض ذكر اسمه في تصريح لـ»الشرق الأوسط«، العلاقة بين الرجلين بالسيئة جدا، وقال »إنها وصلت إلى مرحلة لا يطيق فيها أحدهما الآخر« وقد أخذت تتدهور عندما قدم أوكامبو مذكرة إلى المحكمة لإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
وتفيد مصادر دبلوماسية غربية، بأن كي مون كان يدرك عواقب ملاحقة الرئيس عمر البشير، لأن الأمم المتحدة لها عمليات لحفظ السلام في الجنوب لتنفيذ اتفاق السلام الشامل والعملية الثانية في دارفور.
وأكد أكثر من مصدر تحدث لـ»الشرق الأوسط« أن كي مون سعى لدى الدول الخمس الدائمة العضوية لثني المدعي العام لويس أوكامبو عن متابعة الرئيس البشير،واضافت »إن الأمين العام اجتمع مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، عندما شرع المدعي العام في جمع الأدلة ضد الرئيس البشير«، وتابعت بالقول »أن كي مون اقترح أن تتم ملاحقة الأفراد الذين أدرجوا في قائمة لجنة الخبراء التي أوفدها الأمين العام للتحقق من الجرائم التي ترتكب في دارفور بدلا من ملاحقة الرئيس البشير«.
وافادت مصادر دبلوماسية ومصادر من الأمانة العامة أن كي مون الذي ورث أزمة دارفور من خلفه الأمين العام السابق كوفي أنان سعى إلى إيجاد حل دبلوماسي وسياسي لأزمة الاقليم، وأنه كان ولا يزال مقتنعا بإشراك الخرطوم في أي حل أو أية عملية تقوم بها الأمم المتحدة في السودان خصوصا في دارفور.
واكدت المصادر وجود خلافات بين الأمانة العامة والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن إزاء ما يجري في دارفور، فالأمم المتحدة من خلال وجودها الميداني على الأرض في دارفور تجزم بأن ما يجري في الاقليم لا يمكن تصنيفه كنوع من أنواع الإبادة الجماعية؛ لأن النزاع ليس نزاعا بين مجموعة عرقية أو إثنية أو دينية ضد مجموعة أخرى من أجل إبادتها كما يحدد القانون الدولي مفهوم الإبادة الجماعية. وتدرك الأمم المتحدة أن النزاع له أسباب عديدة منها سياسية وأخرى اقتصادية وثالثة تتعلق بالتغيير المناخي وبظاهرة الجفاف التي عمت الساحل التشادي وحتى شمال دارفور،وأن الصراع لا ينحصر قطعا بين قبائل عربية وأخرى زنجية أفريقية، وأنه لا يمكن تصنيف هوية الأطراف المتنازعة على أساس عرقي؛ لأن الهوية العرقية لسكان إقليم دارفور متداخلة وهجينية.
ورأى خبراء من الأمم المتحدة أن قبائل الجنجويد أو ما يسمى بالفرسان، لهم امتدادات كبيرة وأن وجودها لا ينحصر في دارفور وإنما هي قبائل منتشرة في تشاد والنيجر والسنغال،كما تجادل الأمم المتحدة بأن عدد القتلى وعملية إحصاء القتلى لاتزال غير دقيقة فهناك تضارب في عدد القتلى، فتقرير منظمة الصحة العالمي الذي صدر عام 2004 يرى أن عدد القتلى بلغ إلى حدود لا تتجاوز 90 ألفا والتقرير يأخذ في نظر الاعتبار أسوأ فترات القتال والنزاع، عندما شاركت القوات السودانية عام 2003 في النزاع، وتفيد تقارير دائرة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة بأن عدد القتلى قد تجاوز 200 ألف،ولكن منذ عام 2004 وحتى نهاية عام 2007 انخفض عدد القتلى، والمهم في كل تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى وبما فيها تقارير وزارة الخارجية الأميركية لا تبين سبب الموت.
ويرى الخبراء أن عددا من القتلى قد لقوا حتفهم بسبب الجفاف، وآخرين بسبب سوء التغذية، وآخرين بسبب النزاع المسلح. ويبدو أن الأمين العام بان كي مون هو في موقف حرج؛ لأن قرار تجميد فعالية مذكرة الاعتقال الصادرة بحق البشير بتهمة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية هو بيد مجلس الأمن الذي أحال ملف دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية، وهو يؤكد في تصريحاته العلنية أن المحكمة الجنائية الدولية هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة وأنه يجب عدم الربط بين عملية السلام والعدالة، وكثيرا ما حملت تقارير الأمم المتحدة بعض الفصائل المتمردين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأن ارتكاب الجرائم لا يقتصر على ميليشيات الجنجويد وعلى القوات السودانية فحسب، وكشفت مصادر دبلوماسية لـ»الشرق الأوسط« أن الأمين العام بان كي مون، اجتمع قبل توجهه إلى الدوحة للمشاركة في القمة العربية مع السفير السوداني لدى الأمم المتحدة عبد المحمود عبد الحليم، وتذكر المصادر أنه أبلغه عن نيته للاجتماع مع الرئيس البشير على هامش أعمال القمة، وتفيد نفس المصادر بأن المستشار القانوني للأمم المتحدة اقترح على الأمين العام عدم الاجتماع مع البشير لتجنب أي نتائج سياسية، طالما أن المحكمة الجنائية تطالب باعتقال البشير.
المصدر :الصحافة