تحقيقات وتقارير
ترقيص الصحف وتصحيف الرقص: قرارات وتصريحات طريفة.. شعبية ساحقة

بعض تلك القرارات كانت مثار سخرية وتندر من جانب المواطنين، واستقبلها الناس بكثير من الدهشة خاصة تلك التي كانت مباغتة ومفاجئة وغير متوقعة بالنسبة إليهم، فاحتلت تلك القرارات لنفسها (مكاناً عالياً وقواماً سامقاً)، فلفتت إليها الأنظار حتى برزت أخبار السياسة والحروب، و(استلمت) منهما الجو.
يقابلني شخصياً؟
في غمرة الانشغال السياسي وأحاديث السياسيين والحكومة والمعارضة، والبحث عن وسائل الوصول إلى الكرسي، يصوب والي الخرطوم المثير للجدل عبد الرحمن الخضر تصريحاً نارياً وقوياً، الخضر قال على رؤوس الاشهاد “أي زول مالاقي شغل يجي يلاقيني شخصيا”، حاكم الخرطوم شغل الوسط الشبابي والعام منذ إطلاق تصريحاته تلك، ونفضت أسر كثيرة الغبار عن أوراق وشهادات أبنائها عسى ولعل أن تظفر بوظيفة في حكومة الخضر أو نظرة لمباني ولايته ومكتبه الأنيق، حديث الخضر أشعل نيران كانت تحت الرماد تنتظر من يرسل نحوها الهواء. فالخضر هو الوالي والحديث السياسي المنثور له لا يلقي بالا بل وحتى التزاماته التنموية في ولاية الخرطوم، لكن حديثه عن توفير فرص العمل حرك ساكن الشباب الذين يواجهون ودفعهم لتكوين وقفة أمام مكتبه اليوم “الأحد”، هل ستكفي خزانة وظائف الخضر للكم الهائل من حضور مكتبه يوم غد.
حطب دخان
من كان يظن مثلا أن قرارا صغيراً بحجم فرض رسوم على حطب الدخان سيقلب الدنيا ويشغل الناس مثلما فعل القرار الذي اتخذته حكومة ولاية غرب كردفان، ليتصدر بطرافته وغرابته عناوين الصحف ويشعل أخيلة رسامي الكاركتير على تناولها، القرار الذي اتخذته حكومة غرب كردفان بفرض رسوم على حطب الدخان نال ذلك الخبر حيزا كبيرا من التناول، وأدخل الحكومة في حرج كبير وبالغ ذلك القرار الذي عثر عليه أحد الصحفيين في أضابيرها، وحطب الدخان هو أحد أدوات التجميل ذائعة الاستخدام في الأوساط النسائية، ويمتلك هو الآخر شهرة كبيرة.
جلد أولياء الأمور
أيضا رسخ قرار حكومة ولاية القضارف القاضي بجلد وسجن أولياء الأمور الذين يثبت أنهم يقفون وراء تسرب أبنائهم من المدارس خاصة في المناطق الريفية التي تشهد عمليات تسرب للأطفال، وهم في سن المدرسة، رسخ في أذهان الكثيرين بالغرابة التي حملها ذلك القرار، حيث أن ملف أطفال خارج المدرسة أقلق الدولة كثيرا، ولجأت لتلك العقوبة، وهو ما حدث فعلا، حيث حكمت إحدى المحاكم في منطقة البطانة بإنذار أولياء الأمور وتنفيذ العقوبة عليهم حال تكررت مرة أخرى، ومعروف عن ولاية القضارف أنها تعاني من متلازمة أطفال خارج المدرسة تبلغ (105) آلاف طفل هم من المفترض أن يكونوا في قاعات الدراسة إلا أن ظروفهم وأحوال أسرهم تحول دون تعلمهم.
الكسرة المُرة
أيضا لما تبدت مظاهر المشكلة الاقتصادية وطرحت الدولة برامج الإصلاحات الاقتصادية والتقشف أطلق وزير المالية السابق علي محمود حسب الرسول تصريحه الداعي لتناول الكسرة، في وقتها حقق حديث محمود قدرا كبيرا من التداول والانتشار وكان بإمكان حسب الرسول أن يمضي ليسجل فكرته الألمعية ضمن (سجله الإبداعي) ويحتكره كإحدى النظريات الاقتصادية التي تتضائل أمام قدرات آدم سميث في استنكاه الحلول، البعض كان يرى غرابة في حديث وزير المالية لأن تكلفة (الكسرة) في الكلفة الاقتصادية أعلى من رغيف الخبز، لكن لما كان محمود وزيرا في عهد الحكومة السودانية التي تغدق على أعضائها بالرواتب العالية والحوافز الضخمة، فإن تكاليف الحياة المعيشية وضغوطها يتأثر بها المواطن أكثر من وزراء الحكومة.
ترقيص الصُحف
أما وزير الإعلام أحمد بلال عثمان الذي طالته الكثير من الانتقادات مؤخرا في حديثه عن إيقاف الصحف، يتجاوز أيضا إلى السماح لبعض المنظمات بتدريب فنون الرقص، ذلك الموضوع الذي زحف إلى ردهات البرلمان وأشعل فتيل الأزمة في نظر البعض الذي كان ينظر إلى خلفيات الحكم الإسلامية لا الطالبانية، بلا وقعت وزارته عقدا لنشر وتعليم فنون الرقص، وهو ما اعتبره نواب البرلمان ترفا مقابل الأوضاع التي تعايشها البلاد، ولقيت حظا وافرا من التداول في المجالس في قدرة وزارته مستقبلا في إنتاج الرقص، ومهما يكن من أمر فإن الأخبار والتصريحات والقرارات التي تحمل قدرا من الطرافة، بإمكانها تنظيف الآذان قليلا من شمع، قرارات إعلان الحرب وفرمانات الاعتقالات وتضييق الحريات، وتحقق للكثير من الملفات الغائبة عن الضوء الإعلامي سفورا وظهورا في عالم أصبح لايحتفي كثيرا بالطرفة ولا الغرابة من شدة استغراقه في لقمة العيش.
صحيفة اليوم التالي
أ.ع