تحقيقات وتقارير

الصراع القبلي فى دارفور .. نظرة من زاوية أخرى

[JUSTIFY]ليس لأي حرب يسقط فيها ضحايا وينزح فيها نازحون أية إيجابيات من أي نوع، ولكن إن كانت هناك ايجابيات -بأي درجة- للحروب القبلية المستشرية بضراوة هذه الأيام فى ولاية شرق دارفور على وجه الخصوص فهي أنها أعادت تعريف الأزمة فى دارفور وتفسيرها بذات حقيقتها ومنطقها القديم الذى لم تأخذ به المنظمات الدولية وصمّ عنه أذنيه المتجمع الدولي وتم تكريسه لدعاية واسعة النطاق ما تزال تعاني منها دارفور حتى الآن.

فى الوقت الراهن لا توجد اضطرابات أمنية كتلك التى كانت تجري فى السابق، ولكن هناك قتال قبلي يجري الآن بين قبائل رئيسية معروفة. والي الولاية عبد الحميد موسى كاشا وعبر مؤتمر صحفي بالخرطوم كشف عن أن وراء القتال القبلي الجاري حالياً فى ولايته أحزاباً سياسية معروفة وأنها تستند الى محاولة الالتحاق بالسلطة.

قبل ما يجاوز العشرة أعوام بدأت الأزمة فى دارفور بقتال قبلي، ما بين قبائل رعوية وأخرى زراعية. الأمر كان طبيعياً نظراً للصدام المتوقع فى العادة بين الجانبين بسبب الكلأ والماء، بل إن نشوء الحركات الدارفورية المسلحة جاء من هذا الباب، إذ ليس سراً أن حركة عبد الواحد نشأت فى جبل مرة وعلى سفوحه بغرض حماية قبائلهم من هجوم القبائل الرعوية وما لبثت بعض القوى الدولية (صاحبة الأجندة الخاصة) أن ركبت الموجة ووسعت نطاق الحرب.

الأمين العام للأمم المتحدة الحالي بان كي مون هو نفسه قدم تقريراً ضافياً -يوجد الآن ضمن وثائق الأمم المتحدة المهمة- أشار فيه بفذلكة تاريخية جيدة، أن الصراع فى دارفور صراع قبلي ناجم عن ما يعرف بتغير المناخ العالمي والذي تأثرت به المنطقة منذ سنوات الجفاف والمعروفة مطلع الثمانينات، فقد تقلصت مساحات العشب والكلأ وجفت مصادر المياه، وهذا ما حدا بالقبائل أن تتعارك لتفوز بما تريده.

إذن ربما كانت الخلافات القبلية هي القاسم المشترك الأعظم فى النزاع الدارفوري، ففي المرة الأولى بحسب توصيف الأمم المتحدة جرى بسبب الماء والعشب، وفى المرة الثانية جرى بسبب الاستوزار والبحث عن السلطة كما قال والي الولاية.

وفى الحالتين، فإن المجتمع الدولي لن يفهم هذه الحقيقة أو فهمها ولكنه لا يريد مثل هذا التوصيف، ولعل أسطع دليل على أن أزمة دارفور أزمة محلية عادية هو أنها وقعت بين قبائل توصف بأنها عربية (المعاليا والرزيقات) والبني هلبة والبني حسين، فلو كانت المواجهات بين عرب وأفارقة كما حاولت الدعاية الغربية تصويرها، لقلنا أن الأمر فيه نظر ولكن النزاعات أصبحت تقع داخل البطن الواحدة من القبيلة، وهذه شئون داخلية تمس صميم المتجمع السوداني الذي يملك آليات محلية فاعلة لحل الإشكالات هذه عبر الإدارات الأهلية وأعيان القبائل.

إذن ليس صحيحاً أن الحكومة السودانية هي من يغذي النزاع فى دارفور أو أنها طرف من أطراف الصراع. الآن ثبت أن قوى الأحزاب السياسية هي الأخرى ضالعة فى الصراع.

سودان سفارى
ع.ش[/JUSTIFY]