د. حسن التجاني : تصريحات المسؤولين الضرر اللاحق !!
٭ أفضل الاختيارات في مثل هذه الحالات أن تترك أعمالك وإنجازاتك وتفانيك للآخرين يتحدثون فيها نيابة عنك.
٭ وكلما كثرت تصريحات المسؤول للأجهزة الإعلامية هذا مؤشر واضح ودليل على ضعف أدائه.. واهتمامه بالإعلام أكثر من عمله الذي جاء لأجله.
٭ دع الإعلام يلاحقك ويسعى لك.. صدقني تكون أكثر الناس فوزاً.. واترك الفرصة ليتحدث فيها غيرك من الآخرين ولا تتصدى لها أنت.. فقطعاً ستكون خصماً عليك مهما قلت إيجاباً أو سلباً.
٭ وفي البال الإعلام سلاح ذو حدين.. وفي الغالب يكون حاداً وجاهزاً للقطع.. وفي كثير منها تفهم تصريحاتك هذه بغير ما تقصد.. والإعلام حسب مدارسه كلها تقوم على الإثارة .. وعكس الإثارة يعلق عليها الأستاذ حسين خوجلي بأنه خبر فطير وأن الخبر دائماً يجب أن يكون حاوياً لمادة «الصودا» اللاذعة.. هكذا علمنا الأستاذ حسين خوجلي حينها كيف تصبح صحافياً.
٭ لذا الصحافة لا «ترمح» وراء الخبر الضعيف المثلج أو خبر الموظفين الذي يتناقلونه فيما بينهم دون لذعة.. بل يخرج من مصدره ميتاً.
٭ ولذلك نجد الصحافيين يميلون كثيراً للشخصية السياسية أو القيادية المثيرة للجدل.. فهي أنسب الشخصيات بالنسبة لهم لتلقي الخبر الذي يكون مشبعاً بالإثارة ومادة الصودا.
٭ لذا جعلت بعض الجهات والمؤسسات ناطقاً رسمياً لها يتحدث «بحكمة» و«إستراتيجية» و «قانون».. ودبلوماسية رقيقة المستوى.. هذا الناطق الرسمي إن لم يكن بهذه الصفات والعمق الفكري لن يكون صالحاً ليتحدث نيابة عن المسؤولين.. والذي يقوله هو نفسه يكون متفقاً عليه.. لكن صياغته تكون عليه بحكم «إعلاميته» في المهنة والتخصص.
٭ الإعلام الآن هو سلاح فتاك إذا لم تكن مدرباً عليه وقادراً على فك طلاسمه ومدركاً لكنهه سيُلحِقك بـ «أُمات طه».
٭ والظهور في أجهزة الإعلام بسبب أو بغيره لن يقود إلا للهلاك المجتمعي خاصة من أصحاب الرأي العام.
٭ بعض المسؤولين يعتقدون أن التصريح يجعلهم قريبين ليس من الرأي العام الذي يهمه مصلحته بل من المسؤولين الكبار بفهم «شوفوني».. أنا شغال.. وهذا هراء «إنتاجك ـ إنتاجك ـ إنتاجك» هو الذي يُحدد إذا كنت تعمل أم لا؟ ثم رضاء المواطن الذي أنت من أجله تعمل في كل المجالات هو الذي يحدد من أنت وماذا تستحق.
٭ دع أعمالك وإنجازاتك تتحدث عنك وأنت بوصفك مسؤولاً دع الإعلام لناسه من المختصين بمؤسستك يتحملون المسؤولية كاملة وكن أنت من خلف الكواليس.. وهذا أيضاً إبداع ينسب لك.
٭ مخاطبة الرأي العام مجازفة ومخاطرة لذا كثيراً ما نوصي بأن من الشطارة أن يكتب المسؤول في مخاطبته للإعلام وللرأي العام الجماهيري أن يكتب ما يريد إيصاله ويوزنه وزنة لا تسريب بعدها للخارج من غير المستهدف خطابياً.
٭ الملاحظ أن كثيرًا من عظماء الدول يقرأون من أوراق معدة سلفاً حين يخاطبون الصحافة والجماهير.. ثم لا يجيبون الصحافة إلا مما قرأوه أمامهم مكتوباً.. وحتى لو نقل صحافي أي حديث بهواه لمسؤول يكون هناك مصدر للمعلومة يتم الرجوع إليه ومن ثم يتم نفيه من قبل الصحيفة نفسها ليس كما هو الحال هنا عندنا في السودان أن ينفي المسؤول ما قاله بالأمس اليوم بنفيه.. ونعرف أن نفي النفي إثبات.
٭ لذا نتحدث كثيراً عن التخصص والتخصصية ونعتقد أنه كلما تحدثت كثيراً أخطأت كثيراً.
٭ في السودان حقيقة هناك مسؤولون كبار لا يحبدون الحديث للإعلام والأجهزة الإعلامية.. وهم أكثر الناس رزانة في العقل والحكمة.. لديهم نظرية «دع الإعلام يكتب دون أن تصرح» لكنا يجب أن نعمل ليكتب الإعلام ما عملنا.
٭ وكم قادت التصريحات الناس إلى السجون.. لسانك حصانك إن صنته صانك وإن أطلقته خانك.
«إن قُدِّر لنا نعود».
صحيفة الإنتباهة
ع.ش