احمد دندش

طه الضرس.. بعيداً عن المسكنات (2)

[JUSTIFY]
طه الضرس.. بعيداً عن المسكنات (2)

لعل اكبر خطأ ارتكبه الفنان الشاب طه سليمان في مسيرته الفنية كان اصراره الدائم على تفريخ (اغنيات السوق)، وحصر نفسه داخل ذلك القالب، مع العلم بأنه يمتلك المؤهلات والموهبة لاداء ادوار اكبر من ذلك الدور بصورة جيدة، ولكنه اختار الطريق السهل والاكثر اثارة للجدل، وهو مادفع بعدد كبير من معجبيه للاعتراض ولابداء رأيهم في هذا الجانب، ولعل تلك الرسالة التى طالعتها قبيل فترة من احد معجبيه كانت ابلغ من اي حديث يقال، حيث قال ذلك المعجب لطه سليمان بأنه يحبه جداً، لكنه يجد صعوبة كبيرة في التواصل معه، وذلك بعد ان اختار طه سليمان لمعجبيه التواصل معه عبر (حفلات الأعراس) مسبباً بذلك ألماً شديداً بالنسبة لهم وحارماً اياهم من اللقاء به على المسارح الجماهيرية والتى تحفظ لهم كبرياءهم وكرامتهم ومكانتهم، وذلك لأن (حفلات الأعراس) وببساطة هي مناسبات خاصة لا تتاح لكل من يود الاستماع لطه (صورة وصوت).
الأمر الآخر الذى اضر بطه سليمان كثيراً كان اهماله الكبير في التعامل مع شعراء لهم وزنهم في الساحة الفنية، واختياره الغريب بأن يكون تعامله حصرياً مع بعض الشعراء من ذوي الاهتمامات الشعرية المحددة التى تخاطب شرائح معينة من المجتمع وفي مقدمتها الشباب، وبذلك اغفل طه سليمان جزئية هامة وهي التواصل مع كل الشرائح بلا استثناء، واختيار شريحة معينة للغناء لها وابلغ دليل على ذلك، ان اغنيات طه سليمان التى قال خلال الحوار الذى اجرته مع الزميلة محاسن احمد قبل ايام بأنها (درر يعتز بها)، هي مجرد اغنيات حصرية لا تتناسب مع فئات عمرية مختلفة، ولا اظن ان ستينياً يمكنه ان يستمع او يطرب لأغنية مثل (قنبلة) ولا اعتقد ان آخر في عمر اقل منه يمكن ان تجذبه اغنية مثل (طاعني دائماً بي ورا).!
طه سليمان فنان صاحب موهبة- قد نتفق على ذلك- لكننا نختلف معه تماماً في اسلوب ادارته لتلك الموهبة، وإلغائه تماماً لكل الآراء التى تأتيه في هذا الجانب، مع فتحه الباب على مصراعيه للآراء الاخرى التى يكون طابعها المدح فقط ولا شئ سواه، بمعنى ان طه سليمان يحتاج بشكل عاجل الى مراجعة اسلوب تقبله للنقد-حتى من المحيطين به- بشكل اكثر انفتاحاً، وان يمنح الآراء السالبة جزءاً من اهتماماته، وقديماً قال اهلنا (اسمع كلام الببكيك).
شربكة أخيرة:
غداً أحدثكم عن حديث طه سليمان ورأيه في من ينتقدونه، وعن احتواء الفنان الراحل العملاق وردي له، واحدثكم ايضاً عن (المطبلاتية) الذين تهمهم مصالحهم في المقام الاول معه، بينما لا يهمهم كثيراً ابداء النصح له، او حرصهم على قول (الحقيقة) له في زمان تتقازم فيه الحقائق امام المصالح.
[/JUSTIFY]

الشربكا يحلها – احمد دندش
صحيفة السوداني