تحقيقات وتقارير

وثائق أمريكية عن السودان


منشورات شيوعية عن اغتيال السفير الأمريكي ونزول القوات الأمريكية في الخرطوم
واشنطن تخشى ضم السودان الى الجمهورية العربية المتحدة بقيادة عبدالناصر
“بعد أن فقد الغرب العراق، لا يريد أن يفقد السودان”
“اقتربت نهاية التحالف المهزور بين الختمية والأنصار”
—————————
صور مرفقة:
عبد الله خليل
وزارة عبد الله خليل
عبد الله خليل وماكميلان رئيس وزراء بريطانيا
————————-

واشنطن: محمد علي صالح

قبل سنوات قليلة، تكرمت صحيفة (السوداني)، ونشرت لي وثائق امريكية عن السودان، في ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول عن سنوات الديمقراطية الأولى، بقيادة إسماعيل الأزهري، أول رئيس وزراء (1954-1956). وكان خمس وعشرين حلقة.
الجزء الثاني عن الحكومة العسكرية الثانية، بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، آخر سنة كشفت وثائقها). وكان ثمان وثلاثين حلقة.
الجزء الثالث عن سنوات عبدالله خليل، رئيس الوزراء في الديمقراطية الأولى (1956-1958). وكان عشرين حلقة.
وهذا هو الجزء الثالث: عن الحكومة العسكرية الأولى، بقيادة الفريق إبراهيم عبود (1958-1964). وستكون ربما عشرين حلقة.
———————————-
منشورات شيوعية:
1-11-1958
من: السفير، الخرطوم
إلى: وزير الخارجية
“… اليوم، نشرت صحيفة “الميدان” الشيوعية خبرا في صدر صفحتها الأولى، عنوانه: “مجرمون”. ومعه صورتا السفيرين الامريكي والبريطاني في الخرطوم.
وفيه الآتي: “نكشف اليوم دور هؤلاء في المنشورات التي تهاجم مصر والمصريين. هكذا، يتحالف مجرمون مع مجرمين. هكذا، يتحالف الاستعماريون مع حزب الأمة الرجعي. يكاد المريب أن يقول خذوني. ألا يجب أن تقبض عليهم العدالة؟
زادت نشاطات هذا التحالف الإمبريالي الرجعي مؤخرا، بعد سقوط النظام الملكي في العراق…
(يوم 14-6-1958، أطاحت الثورة في العراق بالملك فيصل، الهاشمي، الذي كان حليفا لبريطانيا والولايات المتحدة. وأعلنت الثورة انسحاب العراق من حلف بغداد الذي كانت تشترك فيه أمريكا وبريطانيا، والذي كان يعارضه القوميون والتقدميون العرب، بقيادة الرئيس المصري جمال عبدالناصر، الذي كان يراه تدخلا غربيا في الدول العربية).
يريد الامريكيون والبريطانيون التعويض عن فقدان العراق بأن يكسبوا السودان، ويبعدونه عن الخط التقدمي الذي يسير عليه الرئيس المصري عبدالناصر. يريدون أن يتحالف السودان مع الملكية الرجعية في الأردن، ومع أنصار الغرب في لبنان.
تشمل الخطة استغلال عملاء سودانيين يعملون في السفارة الامريكية في الخرطوم لاغتيال السفير الامريكي. ثم تتدخل القوات الامريكية في السودان، كما تدخلت مؤخرا في لبنان…
(يوم 15-7-1958، نزلت قوات المارينز الامريكية في لبنان، بناء على طلب الرئيس اللبناني كميل شمعون. وكان شمعون والمسيحيون اللبنانيون في مواجهة مع المسلمين هناك الذين طالبوا بضم لبنان إلى الجمهورية العربية المتحدة، التي كانت تضم مصر وسوريا، برئاسة عبدالناصر).
تشمل الخطة اغتيال السفير الامريكي في الخرطوم، وليس اغتيال السيد عبدالرحمن المهدي. وذلك لأن القوات الأمريكية لن تتدخل إذا اغتيل المهدي. ماذا هو بالنسبة للاميركيين؟ مجرد رجل أسود في إفريقيا…”
رأينا:
هذه مقتطفات من تعليق طويل نشرته صحيفة “الميدان.” واليوم، قال لي السفير البريطاني في الخرطوم إنه سيجتمع مع وزير الخارجية السودانية، ويسأله عما ستفعل حكومته تجاه هذه الهجمات الصحفية البغيضة.
وأنا كنت قابلت أمين التوم، وزير الدولة، وتحدثت معه عن هذا الموضوع، وهو قال لي في بساطة: “هل تتوقع من الشيوعيين أن يقولوا غير ذلك؟”.
*****
خطاب دالاس:

4-11-1958
من: وزير الخارجية دالاس
الى: السفير، الخرطوم
“… يجب أن تجتمع سرا مع رئيس الوزراء عبدالله خليل، وتسأله عن تقارير في صحف سودانية بأننا نخطط لانقلاب عسكري في السودان.
ويجب أن تقولوا له إن مصادرنا الخاصة كشفت وجود تحركات لتنفيذ هذا. وإن الشيوعيين وعناصر في المعارضة ينشرون هذه الأخبار. ويحشدون الشعب ليمنع تنفيذ الانقلاب، وليعارض أي حكومة تأتي بعد الانقلاب. ويكررون أننا وراء هذه الخطة.
يجب أن تسألوا خليل عن هذه المواضيع.
يجب أن تقولوا له إنه، مهما كان رأيه هو، تنتشر أخبار في السودان، وخارج السودان، بأنه يخطط لانقلاب عسكري…
وأيضا، وصلتنا تقارير من مسئولين بريطانيين وفرنسيين بأنهم حصلوا على معلومات بأن خليل يخطط لانقلاب عسكري في المستقبل القريب.
يجب أن تقولوا له بأنه إذا، حقيقة، يخطط لذلك، لم يعد هذا التخطيط سرا. وها هي صحف الخرطوم تكتب عنه. لهذا، يمكن أن يعرقل كشف الخطة تنفيذها.
يجب أن تقولوا له إنه، إذا فشل الانقلاب، سيخسر خسارة كبيرة. وستتضاعف اتهامات الشيوعيين لنا، وبأننا وراء الانقلاب الفاشل.
يجب أن تقولوا له إننا نفضل أن يضع خليل جانبا أي خطة لتنفيذ الانقلاب في الوقت الحاضر.
ويجب أن تنقلوا لنا رأيه…”
*****
خطة الانقلاب العسكري:

5-11-1958
من: السفير، باريس
الى: وزير الخارجية
صورة الى: السفير، الخرطوم
“… نقل لنا دبلوماسي في الخارجية الفرنسية تصريحات على لسان محمد عثمان ياسين، وكيل وزارة الخارجية السودانية، خلال زيارته لفرنسا، عن الوضع السياسي في السودان:
وقال: “الوضع السياسي في السودان ليس مستقرا، أكرر ليس مستقرا. والتحالف الذي ظل مهتزا بين حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطي لن يستمر طويلا، أكرر لن يستمر طويلا.”
وقال ياسين إن قادة حزب الشعب الديمقراطي صاروا يتحولون الى عملاء للمصريين في السودان. وإنهم يريدون من حكومة عبدالله خليل قبول مساعدات روسية، كما يقبلها عبدالناصر. وأن الروس مستعدون لإرسال وفد الى الخرطوم لتقديم عروض زراعية واقتصادية، منها شراء القطن السوداني، لهم أو لدول المعسكر الشرقي في أروبا.
وقال ياسين إن عبدالله خليل، لمواجهة هذه الضغوط من عبدالناصر ومن قادة حزب الشعب، يخطط لانقلاب عسكري. وأجرى خليل اتصالات مع قادة القوات المسلحة. وفعلا، وصلت الى الخرطوم جماهير من الأنصار، ويتوقع وصول مزيد منها، لدعم الانقلاب العسكري.
وقال ياسين إنه يعارض الانقلاب العسكري. وإن الدول الغربية يمكن أن تساعد على الاستقرار في السودان بتقديم مساعدات اقتصادية الى حكومة خليل. وذلك لأن جزءا كبيرا من المشاكل في السودان مشاكل اقتصادية. وتقدر الدول الغربية على المساهمة في بناء خزان الرصيرص، وتنفيذ امتداد المناقل، وشراء القطن السوداني.
وقال ياسين إن المساعدات من الدول الغربية يجب ألا تكون مشروطة…
(حسب برقيات سابقة من السفير الأمريكي في الخرطوم، تريد الإدارة الامريكية، والدول الغربية، كسب السودان في صراعها مع القوميين والتقدميين العرب بقيادة عبدالناصر. وهناك إشارات الى “مطامع ناصر التوسعية”، بعد أن حقق الوحدة مع سوريا. وبأنه يريد أن يكون “امبراطورا” في المنطقة. وأن ذلك سيهدد أكثر المصالح الغربية، وخاصة الامريكية).
*****
خيارات حزب الأمة:

6-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
“… قالت لنا مصادرنا السودانية الخاصة إن الخيارات أمام حزب الأمة هي كالآتي، مع اقتراب موعد استئناف جلسات البرلمان يوم 17-11-1958:
الخيار الأول: شراء النواب داخل البرلمان، وخاصة الجنوبيين. وبوعود بزيادة الخدمات الحكومية في الجنوب، وبإصدار عفو عن الجنوبيين المتمردين. ثم، بعد التأكد من الحصول على أغلبية داخل البرلمان، إصدار قانون بتجميد البرلمان لفترة معينة، وحكم البلاد بواسطة مجلس الوزراء مباشرة.
الخيار الثاني، إذا فشل الخيار الأول، استعمال القوات المسلحة، وربما الأنصار، لضمان البقاء في الحكم. ومواجهة المعارضين مواجهة خشنة…
إذا نجح الخيار الأول، يعرض حزب الأمة وزارات على الجنوبيين، والاتحاديين، والختمية الذين يقبلون التعاون معه.
وقالت مصادرنا السودانية إن عبدالناصر استدعى علي عبدالرحمن، زعيم حزب الشعب الديمقراطي، ووزير الداخلية في حكومة عبدالله خليل، الى القاهرة. ويريد عبدالناصر إقناع حزب الشعب بإنهاء التحالف مع حزب الأمة، والانضمام الى الحزب الوطني الاتحادي لتشكيل حكومة مؤيدة لمصر، بعد أن توترت العلاقات بين مصر وحزب الأمة.
وقالت المصادر إن حزب الأمة بدأ في جمع مؤيدين له وسط الجنوبيين، وفي حزبي الشعب والوطني الاتحادي، من الذين يتفقون معه في الرأي، ويخشون أن عبدالناصر يريد ضم السودان الى الجمهورية العربية المتحدة.
وهناك تقارير أخرى بأن عبدالناصر طلب من الروس عدم إرسال وفد اقتصادي الى السودان، وعدم تقديم مساعدات اقتصادية لحكومة عبدالله خليل، وذلك لزيادة الضغط على خليل وعلى حزب الأمة، ولوضع السودان تحت رحمة عبدالناصر.
لكننا لسنا متأكدين من تاريخ وصول الوفد الاقتصادي الروسي الى الخرطوم، وإذا كان، حقيقة، هناك وفد تريد أن ترسله روسيا.
لكننا علمنا أن محمد أحمد محجوب، وزير الخارجية، يريد ألا يزور الوفد الروسي السودان قبل يوم 20-11-1958. ربما يريد محجوب، أولا، تنفيذ الخيار الأول بتجميد البرلمان يوم 17-11-1958، وأن يحكم مجلس الوزراء السودان حكما مباشرا…”
*****
المهدي رئيسا للجمهورية:

6-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
“… حسب تعليماتكم، جمعنا تفاصيل معلومات واتصالات بأن حزب الأمة يريد أن يكون السيد عبدالرحمن المهدي رئيسا للجمهورية…
لكنه، بسبب معارضة من الختمية، عرض عليهم أن يكون السيد علي الميرغني رئيسا للجمهورية بعد المهدي. لكن، رفض الميرغني أن يكون رئيسا للجمهورية، بعد، أو قبل المهدي…
وحسب معلوماتنا، قال الميرغني لحزب الأمة، عن طريق ممثليه، إن مجلس السيادة يجب أن يكون رأس الدولة في السودان، وليس المهدي، أو الميرغني، او أي شخص آخر…”
*****
انقلاب تؤيده أمريكا:

7-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
“… نشرت صحيفة “الميدان” الشيوعية اليوم تعليقا عنوانه: “افتحوا عيونكم. تخطط أمريكا لانقلاب في السودان.” وجاء في التعليق:
“على خطى الانقلابات العسكرية التي تنظمها الامبريالية الامريكية في دول امريكا اللاتينية، وقعت مؤخرا ثلاثة انقلابات عسكرية في آسيا، أيضا بتخطيط الامبريالية الامريكية: باكستان، بورما، تايلاند…
لجأ الامريكيون الى الانقلابات العسكرية بعد أن لاحظوا أن هناك حكومات مدنية، وتتمتع بالديمقراطية، لكنها لا تطيع أوامرهم. مثل حكومة باكستان الديمقراطية التي أطاح بها انقلاب عسكري…
ويشبه الوضع في السودان الوضع في باكستان. وتريد اميركا السيطرة على السودان عن طريق حزب الأمة. لكن، تكرر التوقعات أن حزب الأمة سيسقط في البرلمان عندما يستأنف جلساته يوم 17-11-1958.
وتوضح معلوماتنا أن السفارة الامريكية في الخرطوم، لهذا، تخطط مع حزب الأمة لانقلاب عسكري لاستمرار سيطرتها على حكم السودان. نجاح او فشل هذه الخطة يعتمد على قدرة الشعب السوداني العظيم على إفشالها قبل أن تنفذ…”
*****
قائمة المطلوب قتلهم:

7-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
“… اليوم، نشرت صحيفة “الأمة”، الناطقة باسم حزب الأمة، ما أسمتها قائمة المطلوب قتلهم من قادة في حزب الأمة. وقالت إن وراء وضع القائمة منظمة اسمها “قادة تحرير السودان”، وفي القائمة:
عبدالله خليل، رئيس الوزراء، “عميل بريطاني.” وامين التوم، وزير دولة، “عميل امريكي.” وعبدالرحمن علي طه، وزير الحكومة المحلية، “عميل للامبريالية البريطانية.” ومحمد صالح الشنقيطي، زعيم مجلس النواب، “عميل للامبريالية البريطانية.” وعبدالرحمن المهدي، زعيم طائفة الأنصار، “بعد أن يصير رئيسا للجمهورية، حسب الخطة الامبريالية.” رئيس تحرير صحيفة “الأمة.”
في نفس الوقت، نشرت صحيفة “العلم” أن تهديدات بالقتل وصلت الى رئيس تحريرها من جهات مؤيدة لحزب الأمة. وفي التهديدات إشارات الى العمالة لمصر ولعبدالناصر…”
*****
رد خليل على دالاس:

8-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
“… حسب تعليماتكم، قابلت رئيس الوزراء عبدالله خليل. وتحدث معه عن النقاط التي أشرتم اليها. وهذا ملخص رأيه:
اولا: لا يخاف من الشعب السوداني، مؤيديه، ومعارضين له. لكنه يخاف من النفوذ المصري، وهو نفوذ قوي وخطير.
ثانيا: يتابع مؤامرات المصريين مع قادة حزب الشعب الديمقراطي والحزب الوطني الاتحادي لإسقاط حكومته لتنفيذ مطامع عبدالناصر التوسعية.
ثالثا: يفكر في نصيحة من مؤيديه بطرد وزراء حزب الشعب من وزارته. وإدخال اتحاديين يقبلون التعاون مع حزب الأمة…
وقال لي خليل إنه يرى أن علي عبدالرحمن، زعيم حزب الشعب الديمقراطي، ووزير الداخلية في حكومته، واسماعيل الازهري، رئيس الوزراء السابق، والآن في المعارضة، يراهما عميلين حقيقيين لمصر…
وقال خليل إن الأزهري اتفق مع عبدالناصر على التحالف العسكري معه. وإن ناصر يمكن أن يقبل سودانيا ليكون وزيرا للخارجية (إذا انضم السودان الى الجمهورية العربية المتحدة).
وقال خليل إن القوات المسلحة تحت سيطرته. وستنفذ أي أمر يصدره لها، إذا دعى الحال (لانقلاب عسكري). لكنه يأمل، ويتوقع، ألا يصدر هذا الأمر. غير أنه يريد أن يكون واعيا، ويتخذ خطوات احتياطية لمنع تحركات مفاجئة من جانب القادة السودانيين المؤيدين لمصر.
رأينا:
أولا: لا أشك في أن خليل يريد حلا دستوريا للمشكلة الحالية في السودان.
ثانيا: قال لي السفير البريطاني في الخرطوم إنه، حسب معلوماته، اتصل قادة في القوات المسلحة مع خليل، وقالوا إنهم يريدون القيام بانقلاب عسكري. وإن صبرهم قد نفذ. لكن، قال لهم خليل أن ينتظروا حتى يسافر ويعود من إثيوبيا. وألا يتخذوا خطوات غير دستورية… ثالثا: إذا استعمل خليل القوة لإسقاط حكومته المدنية، ووقع الانقلاب العسكري، ستكون هناك نتائج لا يعرفها أحد. لكن، سيكون ذلك أفضل من الكارثة المؤكدة التي ستحدث للمصالح الغربية إذا صار علي عبدالرحمن، وغيره من حلفاء عبدالناصر، قادة للسودان…”
*****
مشاكل بين الختمية والأنصار:

8-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
“… نشرت صحف سودانية اليوم بأن رئيس الوزراء عبدالله خليل قال إنه مستعد للسفر الى القاهرة لمقابلة الرئيس المصري عبدالناصر، والعمل لحل المشاكل بينهما. وقال خليل إنه سيفعل ذلك إذا تأكد أن المقابلة ستكون ناجحة.
في نفس الوقت، حمل أحمد محمد صالح، عضو مجلس السيادة، خطابا خاصا من عبدالناصر الى السيد عبدالرحمن المهدي بأن عبدالناصر مستعد لمقابلة رئيس الوزراء خليل لحل المشاكل بين البلدين. وأن المهدي أطلع السيد علي الميرغنى على فحوى الرسالة.
لكن، يفضل قادة في حزب الأمة أن يسافر، أولا، وزير الخارجية محمد أحمد محجوب الى القاهرة لمقابلة عبدالناصر. ثم ليعود بالنتائج الى خليل…
وأمس، فجأة، سافر الى القاهرة وزير الداخلية علي عبدالرحمن، وهو قائد حزب الشعب الديمقراطي الذي يتحالف مع حزب الأمة في وزارة خليل. وقيل إنه يحمل رسالة من السيد علي الميرغني الى عبدالناصر بأن الميرغني مستعد للتوسط بين عبدالناصر وحزب الأمة. ومستعد لقبول أي حل وسط حتى إذا رفضه قادة في حزب الأمة…
ويوجد في القاهرة الآن أمين السيد، رئيس مجلس الشيوخ، ومن قادة حزب الشعب الديمقراطي. ويعتقد أن السيد وعلي عبدالرحمن سيجتمعان في القاهرة مع قادة في الحزب الوطني الاتحادي، وسط أخبار بأن الختمية والأنصار وصلا الى نهاية التحالف بينهما…
هذا هو التحالف الذي أسقط حكومة الحزب الوطني الاتحادي، بقيادة اسماعيل الأزهري، وظل يحكم السودان منذ سنتين تقريبا، وظل الأزهري في المعارضة…”
*****
رأي المصريين:

12-11-1958
من: السفير، القاهرة
الى: وزير الخارجية
“… اليوم، كتبت صحيفة “الجمهورية” المصرية: “وضع الامبرياليون سحابة سوداء فوق العلاقة بين الجمهورية العربية المتحدة والسودان. لهذا، لا بد من تحالف قوي بين الشعبين الشقيقين على طول وادي النيل.”
رأينا:
نلاحظ أن هذا هو الخط الحكومي والشعبي في مصر. ونشرت صحف مصرية تصريحات لزعيم الحزب الوطني الاتحادي، اسماعيل الأزهري، والذي يقف في المعارضة الآن، بأن عبدالناصر مستعد لحل المشاكل مع السودانيين. وصار الأزهري نجما في الإعلام المصري، وهو الذي طالما كان هدف انتقادات المصريين، منذ أن رفض الاتحاد مع مصر، واختار الاستقلال للسودان، سنة 1956…
وحسب معلوماتنا هنا، سيعود القادة السودانيون الى الخرطوم خلال الأيام القليلة القادمة لأن البرلمان السوداني سيستأنف جلساته يوم 17-11-1958. لكن، يبدو أن حزب الأمة لا يريد ذلك، وسط أخبار بأن اتصالات القاهرة بين الاتحاديين والختمية، وأيضا اتصالات في الخرطوم، تمهد لفك تحالف الختمية مع الأنصار، وانضمامهم الى حزب الشعب الديمقراطي، وإسقاط حكومة عبدالله خليل…”
*****
الحلقة التالية: أيام قليلة والانقلاب

صحيفة السوداني


تعليق واحد

  1. نرجو من صحيفة السوداني ان تتبنى فكرة تجميع هذه الوثائق في (كتاب) اذ أن كثير من وثائق تاريخ السودان الحديث مجهولة بفعل فاعل أو جهل جاهل !!!!! تاريخنا حقيقة في حاجة الى مراجعة و تنقيح من قبل المختصين في هذا المجال !!!!!