حسن إسماعيل : مسرح العبث السياسي
اهم المحطات في شهر الاعتقال كانت هي رود الفعل الضعيفة والهشة التى نظمتها اجهزة الحزب الرسمية وقادة هيئة شئون الانصار والوقفات القليلة العدد والحشد فى ميدان مسجد الامام عبد الرحمن مطالبة باطلاق سراح المهدي.. ثم وثيقة تفاهم هشة وفطيرة التكتيك وقعتها سارة نقد الله مع ياسر عرمان. سارة -على ذمة الاهرام اليوم إبان حفل استقبال الصادق المهدي- ابتسمت وقالت إن الحكومة اطلقت سراح الصادق بسبب مذكرتها مع عرمان! كل هذا على خط الحزب، أما فى الاطار الحكومي فإن قادتها ظلوا يؤكدون ان القوات المسلحة خط أحمر وان القضية ضد الصادق قضية قانونية وستمضي الى نهاياتها.
بالله عليكم فى اي بلاد الناس غيرنا يتم إهدار الوقت بهذه الصورة كاملة العبث؟ كل جهة سياسية مصابة بالضعف والهزال والارتباك تصر على ملء الوقت باللعب التكتيك وتتناسي الاستراتيجي، عفواً، هي لا تتناسى الاسترايجي بل هي فاقدة الاستراتيجي من الاساس.. شهر كامل وباعة اللبن يطرقون ابواب الناس ويتنبأون ضمن ونستهم الجانبية باطلاق ساح المهدي. من من السودانيين سمر اللون، أصحاب العيون العسلية لم يتنبأ باطلاق سراح المهدي؟ شهر كامل والصحف تحدثنا عن الكيلومترات الاربعة التى يقطعها الرجل فى محبسه، شهر كامل والساسة والنخب يشتركون فى لجنة وساطة لاطلاق سراح الرجل ثم ماذا بعد؟ لا شيء، لا يتبقى سوى هذه الاسئلة الحليقة التى سنطرحها على الناس والله المستعان!
لماذا هاجم الرجل هذه القوات وهو يعلم انه سيعود ليكتب إلتماساً وتوضيحاً لاطلاق سراحه والعفو عنه بخصوص هذا الموضوع؟ لماذا اصر الرجل على استفزاز هذه الاجهزة حتى تعتقله؟ الصادق دخل كوبر وترك خلفه حزباً ممزقاً مثخناً بالجراح وخرج ووجد أمامه حزباً عاجزاً تتقطع انفاس قادته لينفوا أنهم كتبوا إلتماساً.. فكيف خرج الرجل إن لم يكتبوا الالتماس؟ ماذا استفاد الصادق وماذا استفادات الساحة؟ الرجل يرد ان يرسل اشارات بانسحابه من الحوار وذهابه الى النصف الثاني من الميدان إن ظل انعقاد المائدة المستديرة على هذا الشكل.. والوطني أراد ان يضع خطاً لامعاً لا تتجاوزه أقدام المعارضين… حسناً، كل هذا التكتيك المتبادل فأين المكاسب العامة خلال الشهر الذي انقضى؟
عفواً شعبي الكريم، فهذا هو سلوك الكبار.. لا شيء فى جعبتهم غير هذا العبث المكرور بلا نهاية.. ونحن مضطرون للدوران فى تلك السواقي المهجورة الكسيحة ما لم نقطع الحبل وننعتق ونتركها تدرو بأعواد خشبها الذي أكله السوس…(محن)!
صحيفة الخرطوم
ع.ش