في حوار مع الدكتور “الصادق الهادي” : الذي ترك منصبه مستشاراً لرئيس الجمهورية بسبب رفع الدعم عن المحروقات وعاد لمزاولة مهنة الطب
تناول الحوار معه دوافع تلك المبادرة وإلى أين وصلت وما هو موقف الإمام “الصادق المهدي” منها وهل هناك عراقيل تواجهها وما موقف الحزب من مبادرة رئيس الجمهورية حول الحوار ولماذا حدثت انتكاسة لهذا الحوار وهل هناك جهات داخل المؤتمر الوطني غير راغبة فيه وهل هناك أي حلول أخرى لمشاكل السودان المختلفة غير الحوار والجلوس على مائدة واحدة من قبل الحكومة والمعارضة بغية الوصول إلى حل؟.
نترك الدكتور “الصادق” في الجزء الأول من حوارنا معه وسنتطرق في الجزء الثاني إلى قانون الانتخابات الذي تمت إجازته من قبل البرلمان إضافة إلى بعض الأسئلة الأخرى.
} إلى أين وصلت مبادرة وحدة صف حزب الأمة؟
– مساعي توحيد حزب الأمة هي مساعي ليست جديدة بل كانت هناك عدد من قيادات حزب الأمة والأنصار سعت في هذا الاتجاه، وأذكر عندما أتيت من بريطانيا في العام 2000 قدت مبادرة تصب في نفس الاتجاه وقد أثمرت جهودي مع بعض الفصائل ولكن لم تكتمل الصورة الزاهية التي كنا ننشدها لتوحيد كيان الأنصار وحزب الأمة بصورة مثلى، ونحن لدينا الآن لجنة دائمة لتوحيد الحزب مهمتها أن تنور مكاتب الحزب كلما انعقدت تلك المكاتب في إطار مساعيها لتوحيد هذا الحزب وفي ظل تلك الظروف جاء اعتقال السيد “الصادق المهدي” بعد المبادرة التي قدمها المشير “عمر البشير” للحوار الوطني ولكن اعتقال الإمام “الصادق المهدي” بعد ذلك كان محبطاً لعملية الحوار نفسه لأن كل القوى السياسية كانت تنشد الحوار الذي أطلقه رئيس الجمهورية حتى يعود الحوار على البلاد بالخير والعمل على حل كل المشاكل المختلف عليها، فنحن أسرة الإمام “المهدي” بقيادة الإمام “أحمد المهدي” زرنا السيد “الصادق” في محبسه.
} من كان معك في تلك الزيارة؟
– الزيارة ضمت الإمام “أحمد المهدي” و”مبارك الفاضل” و”موسى عبد الله حامد” وشخصي و”الفاضل أحمد المهدي”.
كانت الزيارة بغرض الاطمئنان على صحته وعلى سير عملية التحقيق.
فالتحرك من أسرة الإمام “المهدي” كان تلقائياً وعاطفياً ووجد قبولاً وارتياحاً من قبل “الصادق المهدي”.
} ما الذي تمت مناقشته في ذلك اللقاء مع السيد “الصادق المهدي”؟
– الحديث كان يدور حول ملابسات اعتقاله وموقفه السياسي من عملية الاعتقال والقضية المرفوعة ضده بشأن قوات الدعم السريع.
} من الذي بدأ موضوع الوحدة هذه؟
– تطرقت أنا إلى موضوع الوحدة في ظل الجمع الذي ضم المجموعة التي زارت السيد “الصادق” فطالبت بلم شمل الأنصار وقلت لقد جمعتنا العاطفة الإنسانية ولابد أن تتطور هذه الزيارة إلى عمل ملموس لتوحيد الكلمة والصف.. فوجد حديثي صدى طيباً من المجتمعين خاصة الإمام “أحمد المهدي” والسيد “الصادق” ولعلها كانت الدافع أن يطلق الإمام “أحمد” مبادرة وحدة الكيان والصف ونحن نشيد بكل من يسعى لوحدة الكيان والصف ونمد أيادينا بيضاء للكيان.. وسبق أن أطلقت مبادرة وقلت فيها إذا لم نتحد نحن كأحزاب أمة ينبغي أن نتوحد في إطار تحالف لخوض المرحلة القادمة إن كان في عملية الانتخابات أو غيرها من المسائل التي تتطلب التوحد في العمل السياسي المشترك.
} ماذا كان موقف السيد “الصادق” من ذلك؟
– رحب بذلك وقال كلاماً طيباً يسعى لوحدة الكلمة ووحدة الصف.
} هل تكرر هذا الحديث بعد إطلاق سراحه؟
– نعم لقد سمعت منه حديثاً طيباً في خطبة (الجمعة) بعد إطلاق سراحه إذ رحب فيها بمبادرة الإمام أحمد المهدي ورحب فيها بوحدة الكلمة ووحدة الصف.
} كيف ستدفعون بهذا الحديث ليكون واقعاً؟
– الحديث يحتاج إلى آليات.
} هل تعتقد أن هناك جهات تعمل على تعويق ذلك؟.
– لا أعتقد ذلك فـأي أنصاري حادب وأي عنصر حزب أمة حادب على وحدة الكيان سيدفع بهذا العمل وفي أي ولاية من ولايات السودان نذهب إليها نستمع إلى قيادات الأنصار حول ضرورة الوحدة ولم الشمل.. وحتى من يحاولون عرقلة ذلك ينزوون خجلاً في ظل التيار الكبير الحادب على مصلحة الحزب ولم شمله.
} أبناء الإمام “الصادق” هل بإمكانهم عرقلة تلك المساعي ظناً أن التوحيد سيسحب البساط من تحت أرجلهم؟
– لا أعتقد ذلك ولا أظن أن شخصاً حادباً على وحدة الكيان سيعمل على عرقلة الخطوات الطيبة هذه.. أبناء الإمام السيد “الصادق” ليس لهم علاقة بوحدة كيانات حزب الأمة فهذا أمر أجهزة إن كان أمر جهاز حزب الأمة القومي أو بقية أجهزة أحزاب الأمة ورغبة قيادات تلك الأحزاب في لم الشمل، ولما للسيد “أحمد المهدي” من مكانة اجتماعية مرموقة وبصفته الكبير في الكيان فله كلمة مسموعة فالخطوة التي قام بها لا يستطيع كائن من كان أن يرفضها.
} هل تم أي لقاء بينكم وبين أحزاب الأمة التي انفصلت في إطار تلك المساعي؟
– هناك مجموعة مخلصة وقريبة من الكيان وتسعى للوحدة وهي جادة وهناك مجموعة متمسكة بالمناصب والمواقع وأصحاب مصلحة وهذا شأنهم لا نتدخل فيه فليذهبوا حيث مصلحتهم وهؤلاء لا يرجى منهم الكثير وينتهي أمرهم بانتهاء هذا.
} بعد أن تركت منصب مستشار رئيس الجمهورية هل جرى أي اتصال معك مرة أخرى لمنصب آخر؟
– لو تذكر – أستاذ صلاح – أنتم أول صحيفة تحدثت لها بعد خروجي من مستشارية رئاسة الجمهورية وقلت ذلك وقتها للأسباب التي دعتني للخروج من الحكومة وكان وقتها السبب رفع الدعم الأول عن المحروقات في مايو 2012. وقلت وقتها من داخل مجلس الوزراء اعتراضاً واضحاً على رفع الدعم من خلال جلسة مجلس الوزراء التي حضرها رئيس الجمهورية وقيادات المجلس لأن رفع الدعم عن المحروقات ليس هو الحل للمشكلة الاقتصادية فالحل يتمثل في قيام مؤتمر اقتصادي قومي ندعو له الدولة وتهتم بتوصياته ويشارك فيه من أهل الاقتصاد وأصحاب العمل وأساتذة الجامعات. وطالبت بتقليص الحكومة المترهلة على المستوى الولائي والاتحادي وقلت وقتها أنا أول من يذهب في سبيل هذا التقليص كما تحدثت عن ضرورة إيجاد حل للمشاكل العالقة بيننا والإخوة في الجنوب حول قضية البترول التي كانت مشتدة بسبب خروج عائدات النفط من الميزانية كما تحدثت عن إحلال سلام شامل في دارفور وفي منطقة النيل الأزرق، ولذلك كان موقفي ثابتاً ولم يتغير من المواقف السابقة فأنا مع الحلول بالحوار وضد العنف أو استعمال السلاح للتغيير. وأعتقد أن التغيير يأتي عن طريق الحوار وعبر الآليات المشروعة ولذلك استبشرنا خيراً بالنداء الذي أطلقه رئيس الجمهورية للحوار الوطني ولكن رغم الانتكاسة التي حدثت له فنحن متمسكون به وهو المفتاح الرئيسي لحل كل القضايا العالقة في السودان ولكن ذلك يتطلب جدية من الحزب الحاكم المؤتمر الوطني وذبك بإتاحة الحريات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتحمل الرأي الآخر بصدر رحب، ويتطلب من المعارضة المرونة وعدم التمترس خلف الحلول غير الواقعية، وبالتالي فإن السياسة هي فن الممكن ويمكن تحقيق ما يمكن تحقيقه عبر الوسائل السلمية والمشروعة. واعتقد أن نافذة الحوار نافذة مشروعة تتطلب الجدية من كافة القوى السياسية.
} ولكن مبادرة رئيس الجمهورية حدثت لها انتكاسة أو ردة هل تعتقد أن هناك جهات غير راغبة في هذا الحوار وبالتالي تعمل على إجهاضه؟
– أنا أرى أن ضيق بعض أعضاء المؤتمر الوطني من الحريات التي أتيحت باعتقال بعض الساسة وبعض الناشطين السياسيين وإغلاق بعض الصحف هذا سجل انتكاسة كبيرة جداً للحوار الوطني ولكن اعتقد أن هذا الأمر عاصفة سوف تزول وستعود الأمور إلى نصابها فليس هناك أي حل موضوعي يمكن أن تطرحه الساحة السياسية إلا عبر الجلوس على مائدة الحوار والتفاوض وليس هناك حل لمشاكل البلاد إلا بالحوار فقد جرب حملة السلاح حمله ولكن لن يعود على البلاد إلا بالدمار والخراب ولم يصلوا إلى حل رغم حملهم لهذا السلاح والنظام الحاكم ظل باقياً، والسياسة تتطلب المرونة وتغيير المواقف بحيث لا تغير مواقفك الرئيسة أو مبادئك.
} هل تعتقد أن داخل المؤتمر الوطني جهات غير راغبة في الحوار؟
– في كل حزب سياسي هناك صقور وجماعة ومتمترسون يريدون أن يمرروا أجندتهم عبر وسائل معينة وهذا أمر موجود في الساحة السياسية وقد يكون هناك بعض من أعضاء المؤتمر الوطني لا يريدون هذا الحوار ولكن هناك إرادة المؤتمر الوطني كحزب حاكم ومكتبه القيادي يريد ذلك فأطلق الحوار واعتقد أن إرادتهم سوف تغلب على إرادة الذين لا يريدون الحوار.
حوار – صلاح حبيب: صحيفة المجهر السياسي
ي.ع