الأستاذ جوزيف أوكيلو وزير الشؤون البرلمانية في حوار الراهن السياسي .. (2-1)
مشكلة انتشار الأسلحة واحدة من مشاكل الإدارة بالجنوب!
أحزابنا صغيرة ولكننا نتحدث.. وهذه هي الديمقراطية
لستُ مسؤولاً عن تأييد بعض عناصر الحركة لقرار الجنائية, ولكن سلفاكير رافض له وأعلن ذلك!
توقعاتنا بإدانة الدول الصديقة لقرار مجلس الأمن جعلنا نستبعده!
بدأت الأحزاب الجنوبية في الظهور والتنافس أسوة برصيفاتها الشمالية, ونجد أنه وعلى الرغم من مشاركة أغلب الأحزاب في حكومة الوحدة الوطنية, إلا أن الأحزاب الجنوبية برزت بشكل قوي في الحكومة, محاوِلةً الظهور وإضفاء صبغة الديمقراطية في النظام الحالي, بالإضافة لحكومة الجنوب بما فيها حزب المؤتمر الوطني والذي يشارك بنسبة مقدرة, وحزب جنوبي مثل يوساب مثلاً والذي يتولى رئاسته وزير الشؤون البرلمانية الأستاذ جوزيف أوكيلو, نجده من أول الأحزاب الجنوبية التي كانت موجودة قبل اتفاق السلام, ثم بعد الاتفاقية تبعته أحزاب جنوبية أخرى. وبعد المذكرة التي رفعتها المحكمة الجنائية ضد الرئيس تساوت مواقف كل الأحزاب السودانية رافضة للقرار في موقف وطني صارخ ضد الهجمة الإمبريالية الشرسة الموجهة نحو السودان.
وحول موقف الأحزاب الجنوبية ودورها القادم في ظل قبضة الحركة الشعبية على مقاليد الأمور بالجنوب, كان (لآخر لحظة) هذا الحوار مع رئيس حزب (يوساب) الأستاذ جوزيف أوكيلو, وهو وزير الشؤون البرلمانية والذي تجاذبنا معه أطراف الحديث حول محاكمة البشير والملف الأمني ومشاكل المليشيات بالجنوب, والعديد من القضايا والملفات الساخنة, فمعاً لمضابط الحوار:
حوار/ غادة أحمد عثمان .. تصوير/ سفيان البشرى
* ما موقفكم بشأن القرار الذي أصدره لويس مورينو أوكامبو ضد السيد الرئيس؟
– هذا السؤال تكرر كثيراً وفي مناسبات مختلفة ونيابة عن حكومة الوحدة الوطنية وأنا عضو فيها حيث أكدنا رفضنا للقرار الصادر ضد الرئيس, وكذلك في منابر أخرى جمعت رؤساء الأحزاب تحدثتُ عن حزبنا (يوساب) وأكدتُ على موقف الحزب من مذكرة التوقيف, وقلنا إن توقيف الرئيس مر بمراحل كثيرة أولها كان ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية, حيث كان أن أمدت كشفاً لعدد (51) عضواً في الحكومة في العام 2004م, ووقتها كانت الاتفاقية (CPA) (نيفاشا) لم يتم التوقيع عليها, وقلنا وقتها كيف تطلب المحكمة توقيف أعضاء في الحكومة في ذلك الوقت وهم نفس الأعضاء المشاركين في المفاوضات, وقلنا للإيقاد والدول الراعية لاتفاق السلام وقتها: كيف يمكن أن توافقون على طلب مثول الأعضاء المشاركين في اتفاق السلام ومفاوضاته؟ لأن ذلك يدل على أنهم لا يرغبون في أن تنجح مفاوضات الجنوب ووقتها تم رفض ذلك الموضوع, وهذه كانت المرحلة الأولى..
وأما المرحلة الثانية أنهم قاموا ورفعوا هذه القضية في مجلس الأمن ولم يكن ذلك متوقعاً, لأنه عندما تمت مناقشة ذلك الموضوع مسبقاً كنا نتوقع من الدول وخاصة الصديقة أن يدينوا ذلك الموضوع حتى لا يصل إلى المحكمة الجنائية ولكن تمت إحالة هذه القضية بالإجماع وهذا كان بداية للمشاكل, لأنه وقتها لو كان الناس عملوا ضد ذلك القرار من جانب الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن وصوتوا ضده لما كان هناك أي استمرارية للقضية, ولكن تمت الإحالة وعندما تمت المرحلة الثالثة وقفنا ضد القرار وطلبنا إيقافه ولكن استمرت النتائج لتخرج بعدها القرارات, والمرحلة الأخيرة تم رفع الاتهامات ليتم توقيف الرئيس وكان وقوفنا في هذه الفترة مختلف عن الفترات السابقة, ولكن عندما خرج القرار لم يتبقَّ أمامنا إلا الرفض وتواصلت المواجهة ضده وهذا ما تم من الشعب السوداني والدول الأفريقية من الأصدقاء والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي وجميعهم وقفوا مع السودان, والدليل على ذلك أن الرئيس بعد القرار شارك في زيارات خارجية في مؤتمر قطر وهذا هو الموقف الذي نحن فيه الآن والذي يتمثل في مساندتنا للرئيس ونقف معه ونعمل لحمايته حتى نرى رد الفعل من الدول المستهدفة للرئيس.
* سعادة الوزير أقريت بأن المجتمع الدولي تعامل بازدواجية مع حكومة السودان, لأن ذات المجتمع الذي رعى اتفاقيات السلام في فترة سابقة يأتي الآن ويبتز الحكومة, تارة بالضغط عليها وتارة بوسائل أخرى معلومة لديكم.. فما رأيك في هذا التعامل المزدوج من المجتمع الدولي؟
– كما قلت لك فالمجتمع الدولي أين يتمثل أساساً؟ سنجده يتمثل في مجلس الأمن وإحالة الموضوع للمحكمة الجنائية ونحن أعضاء في الأمم المتحدة, ولكن أغلبية الدول في الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وبعض الدول في جنوب أمريكا جميعها مساندة للسودان, ومرحلة المواجهة تمثل المرحلة الأخيرة حيث يجد السودان مساندة من قبل هذه الدول وبذا علينا أن نخاطبها ولدينا وفود ستغادر لبعض الدول, وكذلك هناك الحكماء من الدول الأفريقية أيضاً يتجولون في دول عديدة حتى يعرضوا رفضهم للقرار الذي صدر, وبذا هناك أمل لمساندة ووقوف قوي جداً تجاه موقف السودان.
* أنت رئيس لحزب جنوبي هو (يوساب) ألا تشعرون كأحزاب جنوبية ان موقف الحركة الشعبية تجاه الجنائية محرج بالنسبة لكم, فرغم أن موقف الحركة الرسمي مناهض للقرار ولكن هناك أصوات داخل الحركة لم تخفِ موقفها المؤيد؟
– أنا لا أرغب في التحدث باسم حزب بل أتحدث كعضو في حكومة الوحدة الوطنية, واجتمعنا وناقشنا مشاكل توقيف الرئيس في المنابر وفي مجلس الوزراء بوجود النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق سلفاكير ميارديت, وأعلن موقف الحركة الرافض ووقفنا كلنا ثم ناقشنا ذلك الموضوع في المجلس الوطني وكان الوقوف كلنا معاً, فإذا كانت هناك عناصر تتحدث في أحزاب أخرى فأنا لست مسؤولاً عنهم ولا أرغب في التحدث حول إحراج موقف الحركة, (وإذا عايزة الإجابة أسألي ناس الحركة عن إحراجهم). فأنا أتحدث عن (يوساب) ولكن موقف الحركة مساند لموقف حكومة الوحدة الوطنية, فإذا كان هناك حديث آخر (شوفي من يتحدث لك).
* هل تعتقد أن الموقف العربي الذي ساند الرئيس داخلياً وخارجياً يمكن أن تتبعه أية تغييرات من المجتمع الدولي في التعامل مع السودان خاصة بعد التفاعل الذي وجده من أمريكا اللاتينة والافارقة الذين هددوا بالإنسحاب من الجنائية في حال تصعيد مذكرة الرئيس؟
– إن قرار القمة العربية مساند للسودان ولذا يجب يبجب أن ننتظر ولا نسبق الحوادث, وما يهمنا هو وقوف الدول العربية في قمة قطر ولم تكن توقعها ولكنها جاءت مساندة للسودان بطريقة قوية.
* أنتم حزب جنوبي وأكيد لديكم قواعد هناك ولكن يتردد أن الحركة الشعبية هي المسيطرة على الوضع السياسي, وتحجم الأحزاب الصغيرة بالجنوب؟
– تحجمهم كيف يعني!
* تقلل من نشاطكم السياسي.؟
– إذا اطلعت على الدستور فهو يقول بمشاركة الأحزاب الأخرى بما فيها (يوساب) والستة أحزاب الجنوبية في حكومة الوحدة الوطنية وتمثيلهم فيها 6% بما فيها المجلس الوطني وفي الجنوب 15% والولايات 20%, وهذا تقسيم نابع من الاتفاقية وكذلك موجود في الدستور, فإذا كان عندي سبعة نواب في مجلس الجنوب فكم العدد الباقي؟
ولذا هم ليسوا بحجم كبير ولكن يستطيعون التحدث وهذه هي الديمقراطية, ودوري تم تقليله في التقسيم لأن المؤتمر الوطني منح 52% والحركة 28% والأحزاب الجنوبية عندها 6% .
وبما أننا مشاركون في الاتفاقية فنحن ننتظر مستقبلاً لنرى ما إذا كانت حصتنا ستكون فقط 6% أم ستزيد, لأن الدستور والاتفاقية شبه متفق عليهما من كل السودانيين.
* هناك مشاكل أمنية في الجنوب آخرها في ملكال, فهل الحركة الشعبية فشلت في بسط الأمن في الجنوب؟.
– مشكلة ملكال وجود القوات المشتركة بها هي تشمل قوات الحركة والقوات السودانية, وإذا حصل شيء في ملكال لا يمكن أن نضع المسؤولية على حزب واحد بل القوات المشتركة والتي يشارك فيها الحزبان الكبيران.
وحتى يأتي فريق التحقيق بتقريره سنرى من أين جاءت الأخطاء, ولا أريد أن أقول إن الحركة فشلت أو القوات الأخرى والمليشيات هي جزء من القوات وهي التي اختارت الإنضمام إليها وهي جزء من القوات المشتركة.
* وماذا عن الخلافات القبيلة, حيث أنه معروف أن الجنوب يعج بالخلافات والتي تهدد بعض القبائل, وهذا اعتراف من قيادات في الحركة فكيف تقرأ مستقبل الجنوب في ظل هذه التداعيات والتقلبات السياسية؟
– السودان عموماً وبعد اتفاقية السلام كان هناك أمل على أن تحل مشاكل السودان عن طريق النقاش بما فيها مشكلة دارفور ولكن للأسف لم نستطع أن نحل قضية دارفور, وفي الإدارة في الجنوب هناك مشاكل بعد الاتفاقية مثل انتشار الأسلحة في أيدي المليشيات وأيدي الأشخاص في القبائل, حيث لم يتم حصر للأسلحة, فإذا كانت هناك مشاكل قديمة بين القبائل وخاصة القبائل الرعوية التي كانت هناك مشاكل بينها, فإنها تناقش على مستوى الإدارات الأهلية لأن هذا النوع من المشاكل يستخدمون فيه الحراب ولم يكن هذا السلاح موجوداً أصلاً بل كانت الأسلحة بيضاء, ولكن بعد أن جاء السلام والاتفاقية لم يتم حصر السلاح وكانت هناك مليشيات تابعة للحكومة وأخرى للحركة, وكانت هناك قبائل قد اشترت أسلحة بحجة أنهم يريدون أن يدافعوا عن أنفسهم وممتلكاتهم.
* مقاطعة: هل معنى قولك أنه لم يكن هناك شعور بالأمان بعد السلام؟
– هذا كان قبل السلام, وأي شخص كان عنده سلاح ليدافع به عن ممتلكاته, والحكومة كان عندها رأي في ضرورة حصر هذه الأسلحة بسرعة, ولكن عندها قام الجيش بالجنوب بجمع السلاح من أيدي المواطنين وهي أسلحة غير مرخصة وهم أناس غير تابعين لا للجيش ولا للحركة الشعبية ولازالت لديهم أسلحة, فعندما تكون هنالك مواجهات قبلية نجدهم يستخدمون فيها تلك الأسلحة وهذا شيء صعب, ولا يمكن أن ترسل البوليس ليوقف مثل هذه المشاكل لأن هؤلاء أناس مسلحون ونأمل من الحكومات كلها أن تقوم بحصر الأسلحة بسرعة, حتى إذا ما وجدت مشاكل جديدة أن لا يستخدموا فيها أسلحة وهذا شيء مؤسف جداً أن تكون القبائل مستخدمة للأسلحة, كما أنه مؤسف أن ينهب البعض أبقار الآخرين وممتلكاتهم عبر السلاح فهذه ظاهرة موجودة حتى الآن.
* وهل استمرار هذه الظاهرة يعني أن اتفاق السلام لم يفعل شيئاً تجاه استتباب الأمن لمواطن الجنوب؟
– ليس اتفاق السلام بل الحكومة, فهناك حكومة الوحدة الوطنية المركز وحكومة جنوب السودان وحكومات الولايات, فكل هؤلاء يبذلون مجهودات وهناك ولايات جنوبية ليس بها مشاكل ولكن هناك ولايات تستخدم فيها القبائل الأسلحة ولكن ليس بالدرجة الضخمة وهي لم تصل للدرجة المقلقة .
وهناك من ينهب أموال الآخرين وهذه ظاهرة لم تكن موجودة زمان والحل هو حصر الأسلحة من أيدي المواطنين والذين هم ليسوا جيشاً بأسرع فرصة ممكنة, وهذا يتطلب أن يتحدث السلاطين والإدارات الأهلية إلى أهلهم ولكن هذا لم ينجح وكل واحد خائف من الآخر, ولذا المسألة تحتاج لشيء يتفق عليه ويشمل كل الأطراف.