ثقافة وفنون
عوض رحمة…يد تمسك بـ(كمنجة) والأخرى بـ(طبنجة).!
سعيد عباس
عوض رحمة…يد تمسك بـ(كمنجة) والأخرى بـ(طبنجة).!
(1)
ان تكون عازفا وتعمل على قيثارتك لتسعد نفسك ومن حولك وتدوزن الالحان فأنت فنان ولكن ان تكون عازفا وتمسك بقيثارتك وتعزف وسط دوي القنابل وأزيز الطائرات وصوت الرصاص ورائحة البارود فأنت فنان وانسان تحمل بين ثنايا قيثارتك وروحك المرهفة رسالة تودّ ان توصلها مهما كلّف الامر وكذلك كان نجم هذا اليوم الاستاذ الموسيقار عوض رحمة وهو يحمل آلة الكمان في خنادق قوات الردع العربية بلبنان وحرب السويس بجمهورية مصر العربية ضد الاسرائيليين.
(2)
هو من الموسيقيين الاوائل الذين تدربوا على يد الاساتذة خواض والتهامي وعبدالفتاح الله جابو حيث بدأ عازفا على آلة العود في البداية وبعدها انتقل الى آلة الكمان واتقنها في فترة زمنية وجيزة بفضل نباهته وحسه الموسيقي العالي ، دخل المعهد العالي للموسيقى والمسرح وهو في قمة نجوميته الموسقية بعد ان عزف مع كبار الفنانين ابراهيم الكاشف وعثمان حسين وابو داؤؤد فاراد ان يدخل المعهد لصقل تجربته بالجانب الاكاديمي البحت.
(3)
ونجومية عوض لم تبدأ بالتدريج كغيره من العازفين لأنه بدأ مباشرة مع الفنان عبد الكريم الكابلي في اليوم الذي كان للكابلي حفلا غنائيا بالخرطوم وقد تغيب احد عازفيه ووقتها ذهب الكاشف بمعية الفنان محمد المزارع فسألوا عوض رحمه وقالوا له هل تعزف بعض اغنيات الكابلي فقال نعم فعزف لهم عددا من اغانيه بصورة مدهشة وسأله الكابلي كم تحفظ لي من اغاني فرد بكل ثقة قائلا كل اغانيك فقال له لدي حفل بالخرطوم سوف تذهب معي وبالفعل عزف معه في هذا الحفل واعتمده الكابلي مباشرة بفرقته لمدة دامت عشرات السنين وعندما عزف في حفل آخر مع الكاشف وهو في بواكير صباه اخذه الكاشف في اليوم التالي مباشرة لدار الفنانين واستخرج له بطاقة ودفع رسومها.
(4)
مر عوض رحمة بعد ذلك بمرحلة مفصلية عندما عزف مع كبار العازفين في اغنية الملحمة وزامله حينها محمدية وسيف النصر وموسى ابراهيم وكانت المفاجأة الكبرى في زواج عوض رحمه بأن غنى في زواجه اكثر من 37 فنانا على رأسهم ابوداؤود والكاشف وعثمان حسين والكابلي وسيد خليفة ووردي…الخ وشابين صغيرين يافعين في ذلك الحين هما محمد سلام ومجذوب اونسة كما شارك عوض رحمة في تحرير قناة السويس بكمنجته عندما ذهب اليها للترفيه للجيش السوداني هناك مع عثمان حسين وميرغني المامون واحمد حسن جمعة حيث كان بين الاسرائيليين والجيوش العربية معبر مائي ضيق وهم يرون بعضهم البعض على عرض البحيرة، ومن الطرائف انهم كانوا يغنون من على شط البحيرة التى كانوا عليها ويرقص الاسرائيليون على انغامهم بالضفة الاخرى وكان الجيش السوداني بقيادة الجنرال فضل الله برمة ناصر، وقتها كما شارك عوض رحمه في مهرجانات خارجية كبيرة على رأسها مهرجان قرطاج في سبعينيات القرن الماضي وقدموا اعمالا مميزة في مسرح جمعهم مع الفنانة نجاة الصغيرة وعبد الحليم حافظ والفنان محمد عبده الذي غنى بعد وردي ولكن لم يستطيع تكملة وصلته الغنائية نسبة لهتاف الجمهور المتواصل هناك وردي وردي وردي.
(5)
هناك محطة كبيرة في مسيرة عوض رحمة الفنية عندما ذهب في حرب لبنان ضمن قوات الردع العربية مع الجيش السوداني الذي كان وقتها بقيادة العميد الركن مصطفى الزين صغيرون والفنانين ابوداؤود وعبد القادر سالم وفنان شاب صاعد جديد وقتها كان عبد الله البعيو حيث كانت الاوضاع الامنية حرجة وصعبة للغاية خصوصا عندما ذهبوا وامامهم الضابط المسؤول الذي قال لهم لا تضعوا ارجلكم وخطواتكم إلا في المكان الذي اضع فيه رجلي واصطف كل الجيش والفنانين في خط طولي خلف القائد نسبة لزراعة اماكن كبيرة بالالغام حتى وصلوا فندق (باركليز) الذي كانت تنتظرهم مفاجأة كبرى فيه حيث تم قصفه وهم بداخله ليتم ترحليهم عبر الأنفاق التحتية الى السفارة السودانية هناك ولكن تمّ قصف السفارة ايضا نسبة لوجود دبابات ومدرعات حولها مما جعل عوض رحمه يمسك بيده الكمنجة وعلى الاخرى (طبنجة).!
صحيفة السوداني
خ.ي