قير تور

حكومة الجنوب لوحدها!

[ALIGN=CENTER]حكومة الجنوب لوحدها! [/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]كنت أتحدث مع أحدهم أمس، يكلمني من (توور اللي) -ولاية واراب- وسبق لي الحديث مع نفس الشخص يوم السبت الماضي، عن مرض أصاب أحد الأطفال وهي طفلة لم تتعد العامين. حسب ما أفادني المتحدث، فالرسوم المطلوبة لفحص العينة (دم، بول، فسحة… إلخ) يتطلب توفر مبلغ عشرين جنيهاً (يعادل تقريباً 9 دولار) ولأن أمر الفحص لن يتوقف فقط عند عينة واحدة فعلى الأقل على الشخص الذي زهج من استعمال الأعشاب والأدوية البلدية وقرر الذهاب للعلاج في المركز الصحي القريب.. فعليه على الأقل توفير ما لا يقل عن (60) جنيها للفحوصات.
المهم في ذلك الوقت كنت أتأمل هذه الحكاية ولأنني أعرف عدم وجود مستشفى متعارف عليه حسب المواصفات في المنطقة المذكورة أعلاه، فكدت أصاب بحماقة مستديمة درجنا عليها وهي توجيه النقد دون روية إلى حكومة الجنوب بإعتبارها مقصرة في حق ابنائها ولم تقم بالواجب نحوهم وكثير من الأمور التي هي شعارات ناجحة والشخص خارج المياه.. على نهج المثل (الفي البر عوام).
توقفت عن ما اعتبرته حماقة لا مبرر لها، ليس بسبب أن حكومة الجنوب لا يمكن نقدها… فقد انتقدتها مرات كثيرة ولا أعرف إن كان لما نقول ونكتب أثر ورد فعل أم لا فهذا لا يهمنا فنحن نكتب من أجل أن نشهد لحقائق تتطلبها المرحلة خاصة للعامة… المهم الذي أوقفني هو انتباهي فجأة إلى أننا لم ننته من الشهر الأول في العام 2009م.
لكن ماذا يعني ذلك؟… ذلك يعني الكثير، ففي هذا الأسبوع يقوم الرئيس المشير عمر البشير بزيارة تاريخية إلى ولاية (نهر النيل) وهناك حسب ما شاهدته يوم أمس الإثنين 26 يناير 2009م، الكثير من المشاريع التنموية والبنية التحتية.
هذه المشاريع العملاقة فخر لإنسان الولاية هناك، تجعلني اعود بذاكرتي إلى الأسبوع الفائت فقط لنقرأ معاً بأن ولاية واراب شهدت اشتباكات قبلية راح ضحيتها العديد من الأبرياء.. وفي ولاية (أعالي النيل) والرئيس كان هناك في مدينة ملكال لحضور احتفالات تحول ذكرى (الحرب) إلى سلام.. شهدت المدينة مقتل أكثر من تسعة أفراد وفي رواية من شخص قابلته يوم الأحد الماضي قادم من ملكال قال بأن العدد وصل إلى 17 شخصا..!!
إذن، فإن المتأمل لكل الأخبار القادمة من الجنوب يسمع أخبارا غير سارة وحتى الأحداث التي من المفترض ان تكون سبباً للفرح صارت تصنع الحزن… فهل نلوم حكومة الجنوب على أنها السبب في ما يحدث؟؟
حسب رأيي فحكومة الجنوب ليست صاحبة المسؤولية وحدها في عدم توفر الخدمات وانتشار المناوشات القبلية في الولايات وغلاء العلاج. فهناك مسؤولية تقع على المجتمع المدني وخاصة الذين يجلسون في الخرطوم وخارج السودان وغيرهم يملأون الصحف حقداً وكراهية بين الناس يحرضون الموجودين هناك على القتال وهم سالمون في اماكنهم. مثلاً انا يمكنني في مكاني هنا في الخرطوم تحريض الكثير من الناس ليقاتلوا ويتلون وأنا بعيد عن الميدان. أما الخدمات التي نبكي في عدم توفرها فالسؤال ما مدى المساهمات والجهود التي تسهم في بناء مناطق الحرب بعد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل…؟[/ALIGN]

لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1151- 2009-1-27