رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : حق المقاومة لا يسقطه الانتماء يا سمر

[JUSTIFY]أنموذج الكاتبة السعودية سمر المقرن في تناول المآسي التي تقع هذه الأيام على رؤوس أهل غزة من أطفال ونساء وشيوخ وشباب ينتظره المستقبل، هو أنموذج تعتريه مشكلة قصر النظر لرؤية الواقع المرير على أرض فلسطين ليس منذ عام 1948 فحسب، حيث كان استلام احتلال الأرض من الانتداب البريطاني، استلمه طبعاً يهود الشتات بموجب وعد بلفور عام 1917، ليس منذ ذاك التاريخ فحسب، بل منذ انهيار دولة المسلمين الموحدة التي كان آخر قرار قوي لها قبل انهيارها أصدره السلطان عبد الحميد هو رفض طلب مجموعة يهودية أرسلها ثيودور هرتزل للسلطان بمنح اليهود مساحات داخل فلسطين.

وإذا كان هنا من يقول من المعارضين لهذه الحكومة »أعيدونا ليوم 30 يونيو 1989 حينما بدأ حكمكم لتعود أوضاعنا إلى ما كانت عليه وتعود عافية الجنيه السوداني، فإن حل مشكلة فلسطين جذرياً يبدو أنها أيضاً تحتاج إلى العودة إلى الأوضاع السياسية في العالم الإسلامي إلى ما قبل الانتداب البريطاني، إلى اليوم الذي أصدر فيه السلطان عبد الحميد قراره برفض منح اليهود أية مساحة في أرض فلسطين، إلى اليوم الذي رفض فيه طلب اليهود بإقامة «مستوطنات» بموافقة الخليفة العثماني.

والسؤال هل من سبيل إلى هذه العودة؟! إن الإجابة بنعم نجدها عند »داعش«. فهي تتحدث عن أن تمتد خريطة دولة المسلمين الموحدة »الخلافة« من الفرات إلى النيل في مرحلتها الأولى في المستقبل القريب. وطبعاً من الفرات إلى النيل هو حلم اليهود الوردي بإقامة »إسرائيل الكبرى«. وها هي »الصغرى« تفعل بأهل فلسطين الأفاعيل بدعم أمريكي ورضاء عربي من بعض الحكومات العربية والمواطنين العرب، فماذا ستفعل »الكبرى« إذا تحققت ولم يتحقق امتداد دولة داعش؟!

والكاتبة السعودية سمر المقرن تحمل فهم بعض الكتاب، فهي ترى أن مصدر مأساة أهل غزة هي حركة المقاومة الإسلامية »حماس« لأن مقاومتها للاحتلال اليهودي وطردها لهم من أرض فلسطين إلى حيث أتوا يثير الجيش اليهودي فيقوم باستهداف الأطفال دون أن يوجه سلاحه نحو صدور جنود المقاومة. أي أنها ترى أن تحل المقاومة نفسها تماماً حتى ينعم أهل غزة بالأمن والأمان. هذا هو فهمها، وهي طبعاً أنموذج لكثير من أمثالها

لكن دعونا هنا نطرح سؤالاً مهماً، هل توجد حركة حماس أيضاً بصواريخها في »الضفة الغربية«؟ هل توجد في القدس ومحيط المسجد الأقصى؟ ألا يرى العالم ماذا يحدث في الضفة الغربية؟!

إن الكاتبة سمر المقرن تطالب الجيش الإسرائيلي ــ الذي لا يحتاج إلى مطالبة ووصية ــ أن يستهدف حركة حماس، وتقصد أن الجيش الإسرائيلي لا يوجه صواريخه وسلاحه نحو »حماس« بل يوجهه نحو الأطفال، فهي تريد أن تقول بالمثل السوداني »عينكم في الفيل وتطعنوا في ضلو«. لكن هل بالفعل صواريخ إسرائيل كما قالت الكاتبة سمر لا تتجه إلا صوب الأطفال والأبرياء، أي أنها لا تتجه نحو جنود مقاومة الاحتلال؟!

فما مصلحة إسرائيل في أن تترك صدور جنود المقاومة وتسمح لهم بالاستمرار في مقاومتهم وتستهدف بدلاً عنهم الأطفال؟! إن جيش الاحتلال اليهودي بالطبع يستهدف بالدرجة الأولى جنود مقاومة الاحتلال اليهودي، ويأتي سقوط الأطفال والأبرياء هدفاً ثانياً لإسرائيل، وليس خسائر ملازمة إذا أرادت تل أبيب أن تقول ذلك. ثم إن توصيف الكاتبة السعودية سمر المقرن لجنود »حماس« بأنهم إرهابيون، فهي بهذا التوصيف تظلم إخوتها المسلمين، وأكثر من ذلك تحرّض عليهم جيش الاحتلال لمجرد أنهم محسوبون على جماعة الإخوان المسلمين، وهي لا تنظر إليهم باعتبار أنهم فلسطينيون يقاومون الاحتلال في أرضهم بغض النظر عن أنهم »إخوان مسلمين«.. أو غير ذلك. فموقف الكاتبة من تيار سياسي معين أو جماعة معينة ورأيها فيها لا ينبغي أن يعمي بصيرتها من حقوقها في الحياة، فمن حق أي فلسطيني سواء أكان »إخوانياً« أو يسارياً أو نصرانياً أن يقاوم الاحتلال طبعاً، أليس كذلك؟

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]