تحقيقات وتقارير

دوران للخلف: السودان لم يعد قادرا على تلبية حاجة السوق العالمي من الماشية.. جرس آخر للتنبيه بأهمية الاهتمام بمشاكل الصادر السوداني لجهة أنها المخرج الوحيد للأزمة الماثلة الآن

[JUSTIFY]جاء في الأخبار أن القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني لولاية الخرطوم أكمل استعداداته لانعقاد مؤتمره في الثالث والعشرين من الشهر الجاري للبحث عن الإشكاليات التي تواجه الاقتصاد القومي. الخبر في مجمله لا يدعو للغرابة ولكن بالنظر للوضع الاقتصادي العام فإن الاقتصاد الوطني يحتاج إلى تنفيذ ما تمخضت عنه المؤتمرات السابقة وإنزال توصياتها إلى أرض الواقع قبل أن تعتزم الدولة انعقاد مؤتمر اقتصادي آخر، فإذا كان وزير الثروة الحيوانية يصرح للزميلة (السوداني) بأن السودان لم يعد قادرا على تلبية حاجة السوق العالمي من الماشية، فهذا جرس إنذار آخر يدق للتنبيه بأهمية الاهتمام بمشاكل الصادر السوداني لجهة أنها المخرج الوحيد للأزمة الماثلة الآن. وزير الثروة الحيوانية نفسه نقل قبل شهور من الآن لنواب البرلمان نبأ تراجع صادر الثروة الحيوانية من 26 ألف رأس إلى ألفي رأس فقط، الخبر بدا صادما في مجمله لكل الأوساط الاقتصادية التي تعول على صادرات الثروة الحيوانية في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من موارد البلاد المهترئة، فالمحزن في هذه الدولة أنها تمتلك من الموارد ما يجعلها في مصاف الدول العظمى، إلا أن أسباب ومسببات كثيرة تجعل من هذه الموارد لا ترقى إلى مصاف الصادرات، بالإضافة إلى ضعف معينات الصادر نفسه لتظل هذه الموارد تدور في حلقة مفرغة ولا تستطيع الدولة الاستفادة منها. حديث وزير الثروة الحيوانية في البرلمان يدق جرس الإنذار في مفاصل البلاد، فإذا كانت الدولة تمتلك أكثر من مائة مليون رأس من الثروة الحيوانية، وفي ذات الوقت تتضاءل نسبة الصادر لتصل إلى ألفي رأس بسبب الاشتراطات الصحية والقيود الفنية التي تحددها الدول المستوردة بجانب عجز الحكومة عن تلبية الاحتياجات التصديرية من اللحوم إلى أسواق المملكة العربية السعودية ومصر، بوصفهما أكبر الأسواق للصادر السوداني من الثروة الحيوانية، ويمضي الأمر إلى أن يبوح الوزير بأن المجازر غير مطابقة للمواصفات الصحية العالمية، ويطالب بمراجعة السياسة الكلية التي تمنع إنشاء المجازر الخاصة. الغوص في المشكلات التي تتعرض لها الصادرات السودانية يبدو صعبا بمعزل عن السياسيات التي تتبعها الدولة والتي تقعد بقطاع مهم من أداء دوره المنوط به في وقت تشتد الحاجة إليه والأزمات الاقتصادية تحيط بالدولة وتجعل خزينتها في حاجة لكل دولار، لأن هنالك مئات الالتزامات الداخلية والخارجية التي تقابله وقد سبق وأن أكدت جهات رسمية أن ثمة معيقات تعمل على إزاحة الصادرات السودانية من الأسواق العالمية بسبب مشاكل في المواصفات، هذا بخلاف الإشكاليات الأخرى التي تعاني منها الجهات المصدرة نفسها من ارتفاع تكلفة الرسوم والجبايات وعدم التنسيق بينها وبين الجهات ذات الصلة، إلا أن الجهود في هذا الصدد لاتزال من الضعف بمكان، فالاهتمام بمواصفات الصادرات يبدو باهتا ما يقلل من قابلية تنافسها في الأسواق العالمية، وليس مقاييس الجودة فقط هي ما تعيق الصادرات السودانية لأن تظهر على واجهات المحلات العالمية، فالشكاوى من قبل المصدرين تتعالى في ظل عدم التنسيق بين الجهات الرسمية وعدم تفهمها للإشكاليات، وبالأمس القريب جأر مصدرو السمسم بالشكوى وتعالت صيحاتهم بعد أن قررت وزارة التجارة رفع طن السمسم إلى 2400 دولار بدلا عن 1550 دولارا ما عطل حركة صادر السمسم لفترة تزيد عن العشرة أيام. ضعف حركة الصادرات لا يؤثر فقط على حركة الاقتصاد، بل يتمادى ليعطل مفاصل اقتصادية أخرى من شأنها أن تتحرك في ذات المجال لتعمل على تدوير حركة الإنتاج، وعلى سبيل المثال لا الحصر ترغب قرية الخرطوم للشحن الجوي في العمل على نقل وشحن الصادرات العالمية وهي مساهمة بين القطاعين العام والخاص إلا أن ثمة معيقات وجهات تحول دون عمل القرية في الصادر العالمي ويقتصر دورها على الشحن الداخلي الذي تدهور بعد انفصال الجنوب وفقدان جوبا كجهة كان لها دورها في حركة الشحن الأمر الذي أدى وفقا لمديرها العام أحمد النور إلى تقليص 50% من حجم العمالة، ويكشف لــ( اليوم التالي) أن حركة الصادر الداخلي لا تتجاوز الـ 10 أطنان وسط توقعات بارتفاعها إلى 200 طن حال تحسُن الأوضاع ودخول الصادر دائرة اهتمام الدولة، ويشتكي النور من ضعف العمل في الصادر الداخلي رغم التكلفة العالية التي أنشئت بها القرية وتقدر بـ 4 ملايين دولار الأمر الذي جعلهم في القرية يبحثون عن جدوى الدخول في حركة الصادر العالمي لما تمتلكه القرية من مؤهلات ومعينات تستطيع من خلالها العمل في حركة الصادر العالمي بهدف المساعدة والإسهام في دفع عجلة الصادرات السودانية إلى الأمام، وقال النور إن عملهم الحالي مقصور على مدن الجنينة، الفاشر ونيالا ووصف الحركة بأنها ضعيفة ما يتطلب التفكير الجاد في زيادتها، وانتقد النور دخول جهات منعت عملهم في حركة الصادر العالمي بحجة عدم وجود تصديق لهم رغم أن التصديق يسمح بالاستخدام كمركز شحن جوي، وأكد النور أن طبيعة عمل القرية لا تسمح بتسرب المواد الممنوعة وتعمل على أعمال الوزن الصحيح تجنبا لأية حمولة زائدة للطائرات تتسبب في سقوطها

الخرطوم – نازك شمام
ي.ع[/JUSTIFY]