احمد دندش

إيهاب الشريف..للقصة بقية.!


[JUSTIFY]
إيهاب الشريف..للقصة بقية.!

سبقني المصور الصحفي البارع سعيد عباس في الحديث عن العازف الشاب ايهاب الشريف، وعن مأساته ومعاناته التى جعلته اليوم (مشرداً) يتجول مابين ازقة امدرمان وحواريها يستجدى المارة بضع جنيهات يقمن صلبه، بعد ان كان في يوم ما شاباً انيق الملبس وهادئ الطباع وبشوش القسمات.
يحكي سعيد عباس عن ايهاب بعد ان التقاه بالصدفة جوار اتحاد الفنانين، واحكي انا لكم اليوم عن مشهد كنت حاضراً ضمن حيثياته، وهو مشهد ايهاب بذات الشكل المزري والحالة المؤسفة التى وصل اليها، وهو يقتحم احدى البروفات بدار اتحاد الفنانين ويختار ركناً قصياً ليتابع مجريات تلك البروفة بينما اصابعه تتلاعب في الهواء قبل ان ترتد الى صدره وكأنه يقول: (هذه الصولة ملك لي).!
لازلت اذكر كيف تملك الحزن كل العازفين المتواجدين داخل تلك البروفة حال دخول ايهاب عليهم، ولازلت اذكر محاولة البعض منهم مداراة دموعه خلف موجة الالحان والتى كانت تقاسمهم ذات الحزن، بينما ظل بعض الضيوف الحاضرين للبروفة في عجب من امرهم حيال ذلك الشاب الغريب الاطوار الذى اقتحم البروفة ولم يجرؤ احد على ان يطلب منه المغادرة، بل كان كل العازفين يرسمون على وجوههم ابتسامة باهتة وكأنهم يستجدون مشاعر اولئك الضيوف بأن لايجرحوا ذلك الشخص.
احد العازفين بعد دقائق من اقتحام ايهاب للبروفة نهض من مكانه وسحب ايهاب من يده قبل ان يتحدث معه بالخارج حديثاً قصيراً عاد على اثره وحيداً لمواصلة البروفة، بينما ظل الضيوف الحاضرين في حيرة من امرهم تجاه مايحدث، قبل ان يتبرع عازف آخر بشرح الموضوع ويقول بآسي عميق: (معليش يااخوانا..بس دا زميلنا عازف كمنجة ربنا ابتلاهو بي مرض نفسي..والله لايوريكم مكروه في عزيز عندكم).!
نعم…بهذه العبارة قطع ذلك العازف تخيلات كل الضيوف، بينما ساد الحزن للحظات اجواء البروفة قبل ان يطلب بقية العازفين فترة راحة قصيرة، ولعلهم كانوا يحتاجون لها وبشدة بعد تلك الموجة من الحزن التى ضربت افئدتهم وزميل لهم يصل الى تلك الحالة من المرض دون ان يجد من يقف الى جواره ودون ان يجد من يحاول على الاقل مساعدته للخروج به من نفق تلك الازمة.
اين الفنانون الذين كان ايهاب يعزف خلفهم..؟ – هذا بالطبع بإستثناء الراحل محمود عبد العزيز، والذى إن كان حياً لما تواني في احتضان ايهاب، ولما تردد للحظة واحدة في الوقوف الى جانبه لحين خروجة من تلك الازمة- بل اين اتحاد الفنانين نفسه واين دوره في مثل هذه الحالات..؟ واين وزارة الثقافة (المجيدة) والجهات المناط بها ترقية الفنون في البلاد، وعازف سوداني شاب يتعرض لمثل ذلك الامتحان الرباني دون ان يجد من يقول له: (مشكلتك شنو).!
جدعة:
نعم..ربما لن يعير الكثيرون ايهاب الشريف أي اهتمام، ليس لأنه اقل من ذلك، ولكن لأن دواخلهم تحجرت وتيبست وصارت كالحة المعالم، وصارت مصالحهم الشخصية تطغي على أي جوانب انسانية، في زمان بات البعض يتلذذ بمواجع ومصائب الآخرين ولاحول ولاقوة الا بالله.

شربكة اخيرة: عزيزي ايهاب الشريف…لك الله..هو وحده القادر على كل شئ…اما نحن فلنا الخيبة والعار والخزي…(عليك الله اعفى لينا).
[/JUSTIFY]

الشربكا يحلها – احمد دندش
صحيفة الأهرام اليوم


تعليق واحد

  1. دة مصير كل العازفين لانهم يعيشون فى وسط عفن لا يجزبهم الا الولد الوسيم او البنت الحسناء المتبرجة وعندما تبلغ من الكبر عتيا تكون حالها كحال اخونكم ايهاب نسال الله لنا ولكم العافية