زيارة مشار للخرطوم… أسباب التأجيل
للمرة الثانية بعد أن تم تحديد موعد زيارة زعيم المعارضة الجنوبية د. رياك مشار للخرطوم، يتم تأجيل الزيارة، لكن التأجيل هذه المرة وإن أتى من مشار نفسه إلا أن تساؤلات عديدة تبرز حول أسباب ودواعي الزيارة التي اعتبرت كختام للجولة التي شملت دول الإيقاد، والزيارة المؤجلة حملت في طياتها محاور عديدة، تشمل ظاهرياً مناقشة الأزمة مع المسؤولين هنا بالخرطوم، لكنها ربما تحمل في باطنها بعض المطالبات والاعترافات من الخرطوم بشأن المعارضة الجنوبية، أو ربما محاولة تغيير موقف الخرطوم المعلن بدعم الحكومة الشرعية في جوبا، ما يعني أن مشار يرغب في فتح جدول صغير لتمرير نقاط التغيير حول موقف الخرطوم.
حسابات حركة مشار:
ويرى الخبير الإستراتيجي اللواء معاش عباس إبراهيم خلال حديثه للصحيفة، أن الإيقاد منحت الطرفين مدة ستة شهور لتكوين حكومة مشتركة لحل النزاع، إلا أنه اشتعل مرة أخرى وترتب عليه بعض التحركات واحتلال بعض المناطق كمدينة الناصر التي احتلها جيش مشار مما زاد من تعقيد المشكلة، لذلك ترى الإيقاد أن السودان هو الأقرب إلى الطرفين، وأنه يعرف مكونات كل طرف. وكان من المقرر أن تتم الزيارة أول أمس إلا أن هنالك مستجدات داخل حركة مشار تركت علامة استفهام، أن هنالك عدم قبول لحكومة الجنوب، أو تحركات من الخرطوم مع جوبا لم يرض هذا التصرف مشار، لذلك الإيقاد كما حددت مع مجلس السلم الإفريقي شرط عقوبات على الطرفين، لأن هناك لاجئين ومجاعات وعدم السماح للمنظمات بدخول هذه المناطق. ويضيف إبراهيم أن الإيقاد حاولت حل المشكلة التي ترتب عليها نزوح كبير ولأن علاقة السودان القديمة مع كل الأطراف جعلت لديه القدرة على حل النزاع، لكن إذا حدث أي تباطؤ أو نزاعات أخرى فإن الغرب سيحمل السودان هذه التبعات. ويرى عباس إبراهيم أن السودان في البدء رفض هذه الزيارة، لكن الزيارة أتت بعد جهود من دول الإيقاد والاتحاد الإفريقي مما جعل الحكومة توافق على الزيارة.. خاصة وأن اثيوبيا لديها إلمام بالأطراف كالخرطوم.
ويختتم اللواء إبراهيم حديثه بأن من حق السودان استضافة مشار أو غيره دون خشية من رد فعل جوبا التي استضافت من قبل متمردي الجبهة الثورية ومسلحي حركات دارفور دون أن تهتم برأي الخرطوم أو ردة فعلها، كما أن دولة جنوب السودان رفضت من قبل التوقيع على اتفاقية تبادل المجرمين بين البلدين، وبالتالي لا يوجد ما يمنع الخرطوم من استقبال مشار طالما هي رغبة الوسطاء الأفارقة.
موقف حكومة جنوب السودان منذ إعلان الزيارة الأولى كان واضحاً فقد رفضت الزيارة، ففي تصريحات سابقة نقلت عن وزير خارجية جنوب السودان برنابا مريال بنجامين أنه لوّح بتعليق اتفاقيات التعاون الموقعة بين بلاده والسودان بسبب استضافة الخرطوم مؤتمراً صحفياً عقده متمردو الجنوب أعلنوا فيه عن قرب زيارة مشار للعاصمة السودانية، كما هدد مصدر رفيع بوزارة النفط بدولة الجنوب بإيقاف تصدير البترول عبر الموانئ السودانية بسبب انتهاك السودان الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، ودعم الخرطوم الحركات المعارضة لجوبا. حكومة الجنوب ظل موقفها تجاه الزيارة يبدو فيه الكثير من الحذر، ففي تصريح سابق لوزير الدفاع بدولة جنوب السودان كوال ميانق، اتهم جهات لم يسمها داخل الحكومة بدعم قوات مشار، قائلاً لا نتهم الحكومة السودانية كحكومة، وإنما هناك جهات ومجموعات داخلها تعمل بطريقة سرية في تقديم الدعم للمتمردين.
إذاً وبعد أن تأجلت الزيارة إلى وقت لم يحدد، برزت المزيد من التوقعات والتكهنات بشأن التأجيل وذهب بعضها إلى أن مشار يعيد حساباته وما يمكن أن ينجزه في هذه الزيارة، ومدى المطالب التي يمكن أن تحقق خاصة أن هذه الزيارة تأتي بتنسيق من دول الإيقاد، الأمر الذي جعل موقف الخرطوم سليماً إلى حد ما، لأن الدعوة لم تأت من قبل الحكومة، وإنما من دول الإيقاد. لكن ثمة احتمالات تبرز عن موقف حكومة الجنوب الرافض لهذه الزيارة، وثمة احتمالات عن أن التأجيل لمرتين ربما أتى من قبل حكومة الجنوب.