وجدي الكردي

ضيعوك يا الأخو..!


ضيعوك يا الأخو..!
[JUSTIFY] محمولاً على أعناق من صنع خياله، تجاوز ياسر باب (بيت ناس سلوى) وغاص بمؤخرته في أول كرسي بلاستيك صادفه، كانت الشمس قد مسحت بـ(عرق وجنتيها) على أطرافه.

ويبدو مكالمة (سلوى) لأسرتها في منتصف نهار اليوم نفسه بأنه: (في واحد شّغال معانا حيجي يخطبني الليلة)، كانت كفيلة بأن (ده يضرب تلفون لي ده)، فجاء الخال من أمبدة، وبنات العمة من القماير والخالات من الفتيحاب، وصبايا العائلة يكابسن (عشان يشوفو عريس سلوى شكلو كيف)، حتى أن إحداهن قالت وهي ترفع رأسها من (خُرم الباب):

ــ سجمي، مالو عامل كده؟!

حين قالت ذلك، أزاحتها رفيقتها بعنف، لتملأ عينيها من (الزول العامل كده)..!

في كرسيه التعبان، جلس (ياسر) كأنّ مغناطيساً هائلاً من الإتجاهات الأربعة تتجاذبه بعد أن تكالبت عليه العيون والظنون والأسئلة:

ــ قلت لي يا ولدي إنتا من أولاد وين؟!

ــ أها، ناس أبوك وأمك ما جو معاك ليه؟!

إرتاح (ياسر) جداً للسؤال الأخير، وكاد يتخذه قشّة يتعلق بها لكن سؤالاً مضاداً أفسد عليه ظنه:

ــ والله عدم الأهل ما عيب، نحن نخلّص الشغلانة دي والأهل يبقو يجو بي مهلة..!

استدرك (ياسر)، (مصيبتو الوقع فيها)، واستجمع كل احتياطيه من الشجاعة بعد أن فرك أصابع يديه العشرة، وقرص أذنه اليسرى مرتين ليتأكد بأنها لازلت في مكانها وقال:

ــ والله ياجماعة الواحد فينا شكلو متأسف كده يعني، لأنو ما كان جاهز وقلنا نجي نتعرّف عليكم في الأول و..وقبل أن يكمل (ياسر) عبارته، انطلقت الرصاصات من (البندقية أبو عشرة) إيذاناً بإنتهاء مراسم عقد القران الذي كان وكيله (حسّون النقناق)، فيما سالت الزغاريد من أفواه النساء والصبايا معلنة تتويج (ياسر) عريساً لـ(سلوى) على أن (يكمّلو باقي العرس برّاحة)..!

وفي طريق عودته إلى الخرطوم، كان (ياسر)، (ينقنق) بعبارات غير مفهومة وهو يتلفّت بحثاً عن (حسون)، وحين لم يجده قال بأعلى صوته:

ــ تسقط الثورة.. تسقط الثورة.

ولمّا رفع رأسه ليكمل هتافه، شاهد شرطياً يرمقه في دهشة، فتدارك أمره سريعاً وقال:

ــ أيوه تسقط الثورة، خصوصاً الحارة التانية..!
[/JUSTIFY]

أرشيف – آخر الحكي
[email]wagddi@hotmail.com[/email]