رأي ومقالات

محمد الســيد علي: نحو إعادة إكتشاف الأغنية السودانية


النجاح الذي حققته المطربة السودانية (هند الطاهر) في فرنسا مؤخرا دفعني لأن أعيد طرح هذا المقترح الذي أرى أنه يمكن أن يحدث حراكا في الجمود الذي أصاب الساحة والأغنية السودانية اليوم . المقترح ليس بجديد تماما وفكرته تقدم اليوم بشكل غير مقصود في برامج المسابقات ( نجوم الغد) مثلا ، السهرات التلفزيونية ، الحفلات الجماهيرية وبرامج مثل (اغاني واغاني) ، الخ … ملخص المقترح يتمثل في إقامة مسابقة نصف سنوية لأغانينا من لدن الحقيبة حتى نهاية السبعينات بشرطين : تطوير اللحن والأداء ، تطوير اللحن بحيث لا يخرج اللحن المقدم عن قوام اللحن الأساسي للأغنية وتطوير الأداء بحيث تؤدى الأغاني بإحساس جديد . لا خلاف على إن لدينا الكثير من الكنوز الغنائية التي قد لا نجد لها نظيرا في أي مكان أخر لكننا لا نحسن تقديمها . لدينا المفردة الأصيلة واللحن الجميل والبراحات التي يمكن أن تنطلق عبرها أصوات مبدعينا إلى أبعد مدى ، فقط كما قلت تنقصنا البراعة في تقديم مثل هذه الاعمال .

إن العالم من حولنا يتطور ولا بد من أن نطّور من قوالبنا الغنائية لا لتقديمها للأخرين فحسب بل حتى نستمتع بها نحن أولا ونعايشها بإحساسها الأصيل . تطوير اللحن يمكن أن يكون مثلا بإضافة آلات موسيقية جديـدة ، إضافة آلة القانون التي إفتقدناها منذ رحيل مصطفى كامل والتي أدمجت اليوم مع آلة الأورغ ، إبراز عزف منفرد لآلة بعينها : الكمان ، العود ، الساكس ، الخ … ، رفع وتيرة اللحن في مواضع وتخفيضه في أخرى ، إضافة الكورس وإبراز دوره بشكل ينسجم مغ الأداء . أما بالنسبة للاداء فيجب أن يكون بإحساس جديد مع تبيان الكلمات المغناه ونطقها بوضوح . اقول هذا وفي الذاكرة العديد من الامثلة :هل تذكروا (سوداني الجوه وجداني بريدو) هذه الأغنية التي كانت مهملة وملقاة على الشارع الغنائي لفترة طويلة ، إلى أن جاءت طالبات من مديرية النيل وباشراف إستاذ نابه يفهم في الموسيقى فقدم هذه الأغنية بشكل ولا أروع بحيث أصبحت هي المعيار والمقياس فيما توارت النسخة القديمة ، لماذا ؟ لأنه عرف مكامن الجمال في الاغنية بحسه الفني المرهف وأستطاع أن يقفز بها من مرحلة الأربعينات الى التسعينات محدثا بها فرقا كبيرا أدهش كل من إستمع إليها . كذلك هناك أغنية (أحب مكان .. وطني الســـودان) والتي أداها كورال كلية الموسيقى والمسرح بإنسجام بديع ورأينا كيف تفاعل الناس معها وعلى ذلك قس ، عـذارى الحيـاة : رشا شيخ الدين مثلا .. وفي الاداء بإحساس جديد من منّا لا يذكر (زينه أفتيموس) تلك الشابة السورية التي شدت برائعة الكاشف (أسمر جميل) فتفوقت فيها على نفسها حتى أنني أذكر أن أحد الذين علقوا على أدائها في النت قال بأنه لو كان الكاشف حيا لمنحها لها .

إننا حقيقة في حاجة إلى خطوة جرئية كهذه حتى نستطيع ان نخرج من هذه الوهدة التي علقت بها الأغنية السودانية فحينما تقام مثل هذه المسابقات فإن ذائقة الإستماع لتلك الأغاني سترتقي بين الشباب الذي حرم من معاصرة ذلك الارث العظيم وبالتالي ستشيع تلك الثفاقة ، ثقافة الزمن الجميل حيث الأصالة والغناء الحقيقي . لقد سمعنا وقرأنا كثيرا عن إنقطاع التواصل بين الاجيال عبر عقدين من الزمان أو يزيد بحيث بدأ شباب اليوم حائرا وهو في منتصف الطريق وأعتقد أن هذه فرصة طيبة لإستلهام الماضي والإستفادة منه ومن ثمّ بناء منصة راسخة للإنطلاق من جديــد . إن خطوة كهذه إن جرى تبنيها سوف تلقى الدعم من المعنيين بأهمية هذا الفن الأصيل ، بل ربما حتى من بعض رجال الأعمال الذين لهم صلة بالوسط الفني لكونها مبادرة تستحق التبني ولأن نتائجها ستحل بردا وسلاما على الوسط الفني والجماهيري بشكل عام . فقط أبدأوا ضربة البداية ولتكن الدورة الأولى دورة تجريبية تقتصر مثلا على العاصمة ثم تمتد في الدورة الثانية للأقاليم وعندها سترون العجب .

محمد الســيد علي


تعليق واحد

  1. استمعت لها ولكني لم اجد اكثر من فنانات الحفلات الدكاكينية. لا يوجد اي شيء جديد واري ان حنان النيل وغيرها أفضل بكثير الا آذاك انت عقدة الخواجة.

  2. ناس فارقه تعمل من الحبه قبه .. اكثر اكثر من عاديه فلماذا كل هذا الزخم الاعلامى والا عدم الموضوع … اللهم ارحم وردى وسيد خليفه واطل عمر الكابلى .