رأي ومقالات

د. هاشم حسين بابكر : مع حديث الوالي..!!

لفت نظري حديث السيد والي الخرطوم الذي أقر فيه بالقصور في ادائه وحكومته تجاه الكوارث التي سببتها السيول والامطار الاخيرة..!!
ومن اغرب ما سمعته من تبرير يقول نحن بشر، وهل الشعوب الأخرى التي تواجه الكوارث الطبيعية ولاتها من غير البشر؟ وهل كون الوالي وحكومته بشر ينفي عنهم اللوم في التقصير في حق الرعية؟ فالمولى عز وجل خلق البشر وجعلهم خلفاء في الارض واختار آدم عليه السلام خليفة في الارض دون الملائكة الذين عرضوا انفسهم منافسين له، وآدم عليه السلام ابو البشرية ما خلق الا ليعيش على الأرض لانه بشر، فهل تبريرا لوالي بأنهم بشر يعفيه من المسؤولية، فالحاكم والمحكوم في هذه الدنيا بشر وليسوا من جنس آخر فالله خلق الدنيا هذه ضمن ما خلق واستخلف فيها البشر، فمنهم من حمل الامانة واداها بحقها ومنهم من أفسد فيها وسفك الدماء بشهادة الملائكة أنفسهم..!

واغرب تبرير سمعته من مسؤول كان «خير الخطائين التوابون» لقد استخدم الآية الكريمة في غير مكانها فالمخطئ الذي يتوب إلى الله يخطئ في حق نفسه وذنبه الذي ارتكب لا يتضرر منه الآخرون، فالله يقبل توبة عبده النصوحة بعد ذنوب ارتكبها في حق نفسه، أما اذا كانت الذنوب في حق آخرين فلهذا حديث آخر، فالله لايغفر تلك الذنوب ما لم يعفو اولئك الذين ارتكبت في حقهم..!!
واذا اعتبر الوالي نفسه ضمن خير الخطائين، فكيف يا ترى تكون مواصفات من هو شرهم..؟!
اعتراف خطير اعترف به الوالي وهو أن ما حدث بالولاية ليس فوق التوقعات مما يعني أنه كان يدرك العواقب ولكنه لم يتحرك ورغم ذلك يضع نفسه في ضمن خير الخطائين..!!
واعتراف آخر لايقل خطورة يقول فيه «لا نستطيع لوم خيال المهندس السوداني في ان الظروف المناخية تتغير كل عشرين عاماً..!!
هذا يعني ان الوالي يدير شئون العباد بالخيال الذي وصفه بالهندسي، الهندسة يا هذا لا تقوم ولا تبنى على خيال، فالهندسة علم يقوم على حقائق علمية ومعلومات ونظريات علمية ليس للخيال فيها اي مجال، فإنشاء المصارف يقوم على معلومات تراكمت لعشرات السنين بل مئات يؤخد فيها المنسوب الأعلى للهطولات المطرية حتى وان تكرر كل خمسين أو مائة عام، ففي اليابان مثلاً تبنى المباني على اساس درجة عالية من الثبات بحيث يمكن ان تتحمل زلزالا اكثر من سبعة درجات على مقياس ريختر، واليابان بلد زلازل، ماذا كان يحدث لطوكيو مثلاً أو أي مدينة اخرى لو ابتلاها الله بوالي مثل والي الخرطوم أو اقرانه من بقية ولاة السودان؟
أمور البشر تدار بالمعلومات ورصدها وتحليلها ويتم التخطيط حسب نتائج التحليل، وليس لخيال انسان كان مهندساً ام طبيباً ام غير ذلك!!

وضع العلم جانباً، ولم يهتم احد بالمعلومات التي يمكن ان يقوم عليها أي عمل هندسي وترك الامر للخيال، والذي يستخدم الخيال بدلاً عن المعلومات ليس مهندساً تخيلوا معي ان يقوم مهندس بتصميم طريق معبد على اوهام خياله بان الحمولهة يمكن ان تسير على هذا الطريق خمسة طن مثلاً..! ويبني الطريق على هذا الافتراض الخيالي، فماذا لو مرت عليه حمولة عشرة اطنان او ما يزيد..؟ النتيجة هي ان يهبط هذا الطريق إلى ادنى مستوى ويصبح كالبحيرة التي تجمع المياه هذا اضافة للحفر التي تفاجئ السائق في قلب الشارع المعبد..!! هذا مبنى على خيال مريض ووصف مريض هذا لم يسبقه السيد الوالي لخيال المهندسين..!!
إن العمل الهندسي مهما كان دقيقاً ومتقناً يجب ان يراعي عوامل أخرى غير ذات صلة بالهندسة، الاضرار البيئية مثلاً، فأي عمل هندسي مكتمل الاركان ان كان يسبب ضرراً بيئياً فهو مرفوض من أساسه، ولننظر لخيال الولاية الذي صمم المجاري بالخيال لا بالعلم هذه المجاري التي صممها الخيال اكبر ضرر للبيئة حتى من السيول والامطار ومنها تنتشر الامراض الفتاكة والروائح الكريهة وهي تحتفظ بالمياه القذرة لاطول فترة ممكنة بعد جفاف السيول والبرك في الشوارع التي لم يصلها خيال مهندسي الوالي ولم يحظ بالمجاري التي تفتق عنها خيال مهندسي الوالي..!! اظن ان تلك الاحياء بلا مجاري أوفر حظاً من تلك الاحياء التي نكبت بخيال مهندسي الوالي..!!
الآن فقط وبعد حديث الوالي فهمت تماماً ما عنته الآية الكريمة التي وصفت الانسان بالظلوم الجهول فبمثل هذا الولي واقرانه حدث ما كانت تخشاه الملائكة من فساد وسفك للدماء!!

صحيفة الإنتباهة
ت.أ

تعليق واحد

  1. ” «خير الخطائين التوابون» لقد استخدم الآية الكريمة في غير مكانها”

    هذا جزء من حديث نبوي شريف وليس آية كريمه ، راجع ما تكتب قبل نشره هداك الله.