جسمي المنحول براهو جفاك

طلب مني صغيري آخر العنقود في الصباح ان اجهز له سندوتش بيض ليأخذه معه للمدرسة، وذلك لان صاحبة البوفيه تقوم بـ (جلق كمشة شطة) كاملة الدسم داخل ضفتي السندوتش ذو الثلاث طعميات والذي يباع بثلاثة جنيهات كاملة .. سألت شقيقه الأكبر ان كان يرغب هو الآخر في الانعتاق من لهيب الشطة فأجابني بقنعان بأنه لا يحب البيض، هنا تدخل اخيه الصغير بالتوضيح أنه ايضا لا يحب البيض ولكنه مجبر عليه، حتى لا (ينحّل) عليه بقية زملائه حالة كونهم ايضا لا يحبون البيض !!
استوقفني مصطلح الراندوك الذي تسلل لداري خلسة، فتبرع الصغار بأخباري ان غالبية الطلاب الان يعتمدون سياسة (التنحيل) وهو نوع من الغذاء التطفلي على طريقة قرمة من هنا وقرمة من هناك، والتي كان يلجأ اليها المعسرين منهم لسد حوجات البطون، الا انها تمددت وصارت هي الاصل حتى ان صاحب السندوتش قد لا ينوبه منه غير القرمة الاخيرة وقد لا يجد !!
حسنا يا جماعة، عندما ظهرت المدارس الخاصة قبل عقدين أو أكثر كخيار أرقى وانضف واكثر انضباطا من نظام المدارس الاهلية القديم، والتي كان يدرس بها (الاغبياء ابناء الاغنياء) حسب مقولة شهيرة لأحد كبار التربويين وقتها، وذلك لان من يقصّر مجموعه في الأولية التي تحولت الى ابتدائية دون دخوله المدارس الحكومية، كان اهله يضطرون لالحاقه بهذا النظام البرجوازي ..
ما علينا، المهم انه عندما ظهرت المدارس الخاصة بعد ذلك العهد، كان يلجأ اليها المرتاحين ماديا لابعاد ابناءهم عن مشقة المعافرة طلبا للعلم في مدارس الحكومة، بعد ان طالها الجوباك والاهمال واكتظت بالطلاب حتى تحولت الفصول لعلب ساردين، ولضمان حصول هؤلاء الابناء على نوعية ممتازة من التحصيل والمتابعة الاكاديمية التي تفتقر اليها مدارس العامة، ولكن مع التدهور المريع الذي طال قطاع التعليم، (انجبر) البقية من متوسطي الدخل والغبش للمجازفة بالولوج لدنياوات التعليم الخاص، واقتطاع رسوم الدراسة الباهظة من لقمة العيش والتضحية بضرورات الحياة التى لا استغناء عنها، من اجل ان يحظى فلذات اكبادهم بتعليم يفتح لهم طاقة عشم من نور تضيء ظلمة المستقبل .. اذكر أنني زرت مدرسة العيال قبيل نهاية اليوم الدراسي وغادرتها مع جرس الخروج، فكان ان عزمت علي مشرفات الترحيل ان اعود معهم بعربة الترحيل بدلا عن العودة بالرقشة كعادتي ..
سبحان الله، طوال جولة الحافلة بنا بين البيوت لانزال الطلاب كانت القصة تسد حلقي، فقد كانت اغلب تلك البيوت عنوانا للبؤس والفقر تحكي عن شظف العيش والضيق الذي يعانيه ساكنيها .. بيوت ما كنت تحسب ان اصحابها لهم القدرة على سد فجوة الجوع ناهيك عن توفير تعليم خاص لابنائهم لولا الجبر ..
صار اغلب مرتادي التعليم الخاص هم ابناء الموظفين زي حلاتنا .. مهنيين .. صنايعية من ذوي الدخل المحدود والمهدود والمبتّب، جميعهم فضلوا ان يقطعوا من اللحم الحي من اجل مستقبل افضل للابناء، أما ابناء الذوات العلية والمهن ذات الرواتب الدولارية والمواقع السيادية والمخصصات الدستورية فقد (خلّوها لينا) ومالوا الى ارتاد سوح المدارس الاجنبية !!
حسنا تانية يا جماعة، نرجع لمرجوعنا الأولاني .. لا أدري كيف هو الحال في المدارس الحكومية بعد تطبيق حزمة الاجراءات التقشفية، اذا تحولت المدارس الخاصة لـ (مناحل) وسادت بين طلابها شريعة الغاب .. يا ناحل أو منحول !!
مخرج أول:
لا أدري كيف يباصر اولياء الأمر غير المدعومين حكوميا هذه الزيادات .. لي اربعة ابناء في مراحل التعليم الاساسي في غمضة عين تضاعفت رسوم ترحيلهم وتجاوزت سقف المليون، وبينما كان الواحد منهم يكتفي بـ خمسة جنيهات مصروف يومه تكفيه للسندوتش والبارد وشيء من تحلية، صارت العشرة جنيهات اذا نجت من النحّالة لا تكفي حق الثلاث طعميات وقزازة الموية !!
مخرج ثاني:
عذرا لأحبتي ان خضت اليوم في بحر الهموم فقد عاهدت نفسي ان اجعل زاويتي استراحة من الهم ومنقصات العيش وقد غالبتنا، زعما بأن لكل عيش خبازه وقد تعودنا خبز الحلويات .. رغم الظروف حاولنا ان نزرع الفرح والامل في القلوب عملا بوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما وجهنا انه اذا قامت الساعة وفي يد احدنا فسيلة ان يقوم بزراعتها .. حاولنا وسنحاول ان شاء الله أن نصنع من فسيخ الرهق شربات ونغني للقمة الهنية لنطرد شبح الجوع في القرى والمدن والنجوع:
جسمي المنحول براهو جفاك
[/JUSTIFY][/SIZE]
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]



سلام الى الاستاذة منى ارجو ان الفت انتباهك الى ان الشعب السودانى جميعة يدرك حجم المعاناة التى يعيشها فى مختلف النواحى سواء كان فى مدار س او تكلفة ترحيل .وفى تقديرى المتواضع انه لم يعد هناك وقتا لسرد انواع المعاناة للمسؤوليين لانهم يعلمون ذلك ولكن ان كان هنالك شئ يقدم فهو تقديم المقترحات لحل مثل هذة الازمات . فانا عندما اقتنى صحيفة او افتح صفحة على الانترنت واقراء لاى كاتب ارجو ان لا يحدثنى عن شى موجود فى حياتى وانا اعلمة .
زرفت عيوني بالدموع الله قادر على ان يرينا فيكم يا ناس المؤتمر الوطني عجائب قدرته في الدنيا قبل الاخرة يوم لاينفع مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم فصبرا” جميلا” فان مع العسر اليسر ومع الضيق الفرج