خالد حسن كسلا : «إعلان باريس» هل يذبحه الشيوعيون؟!
وهذا هو دائماً حال الحزب الشيوعي، ينتقد الخطأ عند الآخرين ويقع هو في الخطأ الأكبر. وحينما يصف ممثل الشيوعيين في لندن الشخصية التي وقعت على إعلان باريس بالانتهازية والغواصة، فهو بذلك يرسل رسالة قراءة جديدة للكثيرين حول هذا الإعلان. إن القراءة ستقول إن الصادق غير صادق في إدارة ظهره للحوار الوطني الحكومي ومقاطعة الانتخابات.
وإذا كان الممثل الشيوعي يقول إن حركات دارفور اضرت بقضية المعارضة، فها هو الآن يضر بقضيتها بصورة أسوأ حينما يشكك في مصداقية الصادق ويتحدّث عن عنصرية حركات دارفور. وهذه التصريحات العجرفية الغبية قادت الي الاشتباك بالأيدي بين المعارضين في الندوة، ودفعت ممثل حزب الأمة القومي هناك السيد محمد عديلة الذي غضب جداً لوصف الصادق بالانتهازي والغواصة، دفعته الى إعلان مقاطعة حزب الأمة المشاركة في أية أنشطة للمعارضة مستقبلية.
وعلى أية حال قام ممثل الشيوعيين بتسميم الجو فعرّض حزبه لخسارة سياسية نكراء، فقد جلب له الكراهية من حزب الأمة القومي الحزب الأكبر في صفوف المعارضة، وأيضاً من حركات دارفور. وإذا نظر المراقبون للشأن السوداني إلى إيجابية واحدة في إعلان باريس فهي لعلها انتقال عبد الواحد من الرفض المطلق للتفاوض مع الحكومة بوصفه رئيساً لحركة تحرير السودان الى مبدأ الموافقة على التفاوض، وهي يمكن ان تحسب خطوة اقتراب من اتفاقية الدوحة او ما يمكن ان يشابهها، وخطورة عبد الواحد ليس في قدراته العسكرية حالياً، فهي قد ضعفت بحسب مراقبة المعطيات الميدانية، وإنما الخطورة في اسمه الذي يمكن أن يظل حالة مغنطيسية مستقبلاً لتجنيد المزيد من المتمردين، فالرجل لا يمكن ان تزهد فيه إسرائيل وتتركه بلا قوة مؤثرة على الامن والاستقرار، وهو الشخص المحسوب على المسلمين الذي اختار ان يكون على ارضها مكتب لحركته، ومن هذا المكتب يصدر التوجيه الى عناصر حركته هناك للمشاركة الى جانب جيش الاحتلال الاسرائيلي في صده لعمليات مقاومة الاحتلال اليهودي في فلسطين.
وحركة عبد الواحد ستدخل في مشكلة وطنية معقدة جداً كما حدث لحركة قرنق من قبل اذا تحقق الأمل الذي يستشرفه اعلان باريس، فالسؤال حينها سيكون هو: هل استغنى عبد الواحد وحركته عن خدمات اسرائيل ام سيظل صديقاً لها وهو ضمن تشكيلة الحكم في السودان؟!.. حركة قرنق كانت ظروفها تختلف لأنها مرتبطة بمشروع تقرير مصير الجنوب، وهذا ما لا يملكه عبد الواحد على صعيد اقليم دارفور، وحتى توصية جون قرنق بمشروع تقرير مصير آخر في السودان بعد انفصال الجنوب الذي قام أساساً على ذبح اتفاقية اديس ابابا عام 1972م، لم تكن لحركات دارفور وانما كانت لقطاع الشمال في الحركة الشعبية، والمنطقة المستهدفة طبعا هي جبال النوبة، وكانت فكرة قرنق ربط قبائل النوبة في جنوب كردفان بالمجازر والتوترات القبلية في جنوب السودان.
ولكن بسبب هذه الفتن القبلية هرب دينكا نقوك من جزيرة الزراف بجنوب السودان الى اقليم كردفان، فكيف لا يتعظ أبناء النوبة حتى إذا اصبح الجنوب مثل سويسرا، دعك من انه الآن اصبح مثل الصومال وأسوأ منها؟!
المهم في الأمر هو أن الحزب الشيوعي سفاك الدماء منذ عام 1970م و1971م لا يفيد ولا يستفيد.. وينتقد الخطأ ويقع في الأسوأ منه.
صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]