تحقيقات وتقارير

الميناء البري بالخرطوم تدهور في الخدمات رغم زيادة الإيرادات

[JUSTIFY]تأسست شركة الميناء البري للخدمات كإحدى الشركات الخاصة بالبلاد بشراكة بين مجموعة النفيدي ووزارة التخطيط العمراني والجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي تضمنت الشراكة مجموعة من الأسهم نالت مجموعة شركات النفيدي النصيب الأكبر منها بحيث بلغت أسهمها (65%). باعت منها لاحقاً حوالى (20%) للصندوق القومي للضمان الاجتماعي بمقابل مادي وصل فيه سعر السهم(145) مليونا للسهم. وتمتلك وزارة التخطيط العمراني وهي الممثل لولاية الخرطوم نسبة (35%) من أسهم الشركة. افتتح الميناء البري للخرطوم كأول ميناء بري للسفريات الداخلية بالسودان في العام (2004)، وتم إنشاؤه لتحقيق أهداف معينة من ضمنها تقديم خدمة منتظمة ومريحة للمواطنين، وتنظيم قيام الرحلات السفرية الداخلية، وتوفير فرص عمل شريفة ودراسة الإحصاءات المهمة لسوق العمل إلى جانب فتح أفق لتكنولوجيا التطور وضمان لسداد استحقاقات الدولة والرقابة على الأجانب ومكافحة الجريمة والتهريب.
رقيص عروس بالميناء؟ على الرغم من أن الميناء البري للخرطوم أسس برأس مال بلغ حوالى(25) ملياراً وأن شركة الميناء البري التي تقوم بإدارة الميناء تتحصل على رسوم مالية من قيمة تذاكر دخول للمسافرين والمودعين يومياً ارتفعت قيمتها من جنيه ونصف الجنيه إلى ثلاثة جنيهات للتذكرة الواحدة بزيادة بلغت(100%)، وأن عدد المسافرين والمودعين يتجاوز متوسطهم العشرين ألف مسافر يومياً، فضلاً عما تستقطعه إدارة الميناء من رسوم من أصحاب البصات السفرية (100) جنيه عن كل رحلة وإيجارات شهرية من أصحاب الكافتريات والمحلات حتى دورات المياه بالميناء البري تم استئجارها لإحدى الشركات مقابل مبلغ مالي معين، بل ونذهب إلى أبعد من ذلك حيث أن إحدى صالات الميناء البري قد سبق وأدارتها الشركة لتحقيق مكاسب مادية عبر تأجيرها كصالة مناسبات. ففي العام 2009 م تلقيت دعوة مشاركة في حفل نسائي (رقيص عروس) أقيم مساء بصالة الميناء البري. حتى عربات نقل الأمتعة والشنط منحتها إدارة الميناء لإحدى الشركات مقابل 30 جنيها للعربة الواحدة، برغم من أن تكلفة تصنيع الدرداقة لا تتجاوز الـ600 جنيه، وأن أصحاب البصات تطوعوا بنقل الأمتعة للركاب مجاناً. ولكن وبالرغم من كثرة الإيرادات التي تتلقاها إدارة الميناء البري إلا أن ما التقطته كاميرا(الإنتباهة) أكد أن جميع الخدمات داخل الميناء البري تعاني من تدهور وتردي واضح ابتداء من أزمة الصرف الصحي التي طفت على القاع وأزكمت الأنوف بالروائح النتنة وانعدام التكييف في صالتي الميناء وصولاً إلى فوضى العمال المنتشرين بعشوائية مطلقة إلى جانب البوابة التي أغلقت بحراسات إلكترونية حديدية محروسة بأفراد الأمن المرتدين لزي الشركات الأمنية الخاصة، فيخال المسافر نفسه متأهبا لدخول مباني للأمن أو الاستخبارات أو إحدى السفارات الدبلوماسية.

فهل هذا الحرص من قبل إدارة الشركة خاصا لسلامة المسافرين أو لضمان التأكد من أن جميع المسافرين يحملون تذاكر دخول للميناء؟

زيادة غير مبررة رئيس اتحاد البصات السفرية بالميناء عوض عبد الرحمن عمر استنكر على إدارة الميناء البري قرارها بزيادة رسم الدخول، وأكد أن هذه الزيادة غير مبررة بمعنى أن الخدمات باتت في تدني وتدهور مستمر، فالآن ليست هنالك خدمات توازي هذه الزيادة. فصالتي المغادرة تعانيان أشد المعاناة من الإهمال ولم تتم صيانتهما قبل أكثر من عام. أما المطعم والكافتريات فهي تبيع السندوتشات والمياه الغازية والشاي والقهوة والجرايد بأسعار تنافس المطاعم السياحية تكلفة، وهم مجبورون على ذلك نسبة للإيجار الباهظ الذي تفرضه إدارة الميناء للمطاعم. أما دورات المياه وعددها ست دورات فهي غير كافية ولا تتناسب مع حركة الآلاف من المسافرين يومياً عبر الميناء الأمر الذي جعل منظر الصفوف المتراصة أمام دورات المياه أحد المناظر اليومية والطبيعية رغم إيجار هذه الحمامات للشركات الخاصة. كما أن عدم وجود مصلى بالميناء أجبر المسافرين وسائقي البصات السياحية على الخروج من الميناء لأداء الصلاة بالمسجد المجاور والدخول مرة أخرى عبر بوابات الميناء وشراء تذكرة دخول جديدة. ومن جهة أخرى ذهب محدثي رئيس اتحاد البصات السفرية على التأكيد بأن زيادة رسم الدخول للميناء كان له الأثر البالغ على حركة السفر بالتقليل من دخل الشركات ليضطر الراكب لانتظار البص خارج الميناء البري وبالتالي إهمال إجراءات السلامة المرورية فضلاً عن أن عدداً منهم يضطر لاستغلال وسائل غير آمنة تفادياً لدفع الرسوم. لذلك أكد عوض عبد الرحمن أن اتحاد البصات السفرية رفع مذكرة للمجلس التشريعي للعدول عن قرار زيادة رسم الدخول إلا أن المجلس أفاد بأنه لا يمتلك سلطة على الميناء البري، وأن الميناء يخضع إدارياً لقانون الموانئ البرية وأن فقرات القانون تمنح مجلس الإدارة سلطة أن تحديد سعر الرسم وزيادته بعد الإيداع بذلك للمجلس التشريعي، لذلك اتفق أعضاء الاتحاد على رفع مذكرة أخرى لاتحاد غرف النقل السوداني برئاسة (على أبرسي) للنظر في الموضوع. لتنجح المبادرة لاحقاً نظراً لتردي وانعدام الخدمات الأساسية بالميناء.
تغول وانتزاع للمشروع فكرة ومضموناً مشروع الميناء البري كان ملكاً لغرفة واتحاد البصات التجارية قبل التغول من قبل مجموعة النفيدي، معلومة استهل بها عبد الرحمن محمد الرئيس السابق لغرفة البصات السياحية حديثه في منصة منتدى جمعية حماية المستهلك سابقاً، مؤكداً أن اللجنة العليا للسوق المحلي ومدير عام وزارة الشؤون الهندسية عقدا اجتماعات لمدة عامين واتفقا على تصميم أنموذج للميناء البري وهو ما تم تنفيذه من قبل أحد مهندسي المعمار بجامعة الخرطوم ودفع اتحاد البصات تكاليف التصميم على اعتبار أن الميناء يخص الولاية وأصحاب البصات على اعتبار أنهم الفئة المستهدفة من المشروع إلا أن تغول واضح على المشروع جعل أصحاب البصات خارج المشروع دون أي مبرر منطقي لذلك، وذهب رئيس غرفة البصات موضحاً ان أرض المشروع مساحتها حوالى «72» ألف متر وأن الصالات الأربع عبارة عن مباني لمستشفى خيري هولندي حولتها الولاية للميناء وقام بتركيبها مهندسو وعمال الولاية، كما قامت الولاية أيضاً بتنفيذ عمليات الإضاءة والسفلتة للميناء البري لتمتلك الولاية ممثلة في وزارة التخطيط العمراني الأرض والمباني والإضاءة والسفلتة، كما ان إدارة المشروع استقطعت مساحة من الأرض وباعت منها طلمبتين لشركتي النحلة وشل. ولكن المفارقة الغريبة برزت في أن تمتلك الولاية «35 %» من أسهم الشركة رغم ملكيتها للأصول الأساسية في المشروع فيما تمتلك الشركة الأخرى(مجموعة النفيدي) باقي الـ(65%) من الأسهم ولتقوم هذه الشركة ببيع (20 %) من أسهمها لصندوق الضمان الاجتماعي. ومن هذا المنطلق أطلق رئيس اتحاد البصات السفرية عدة استفهامات هى أولاً كم تبلغ التكلفة الحقيقية لإنشاء الميناء البري؟ ومن الذي كان يدير الميناء طوال الفترة السابقة من(2004 إلى 2008 م)؟ ولماذا لم يتم إيداع أي من الرسوم والتقارير التشغيلية الأرباح والخسائر للمجلس التشريعي؟ليختتم عبد الرحمن حديثه بأن الميناء البري انتزع من الاتحاد فكرة ومضموناً.

مشروع غير مربح رغم الإيرادات وفي ذات السياق أشار مساعد المدير العام لشركة الميناء البرى باسبار دفع الله باسبار إلى أن الشركة تقوم بدفع تكاليف الخدمات التي تقدمها المحلية للميناء البري وأن (22%) من إيرادات الميناء تدفع للدولة كضريبة وأن الشركة وطوال فترة عملها بالميناء لم تلجأ إلى زيادة رسم الدخول بالرغم من وجود عدة معضلات تعوق عمل إجراءات الصيانة للصالات بالميناء، وأن الميناء تحتاج فعلياً لزيادة عدد دورات المياه والتوسع في الصالات وهو ما تسعى الشركة لتنفيذه في الخطط المستقبلية، كما أن المشروع غير مغري للربح ذلك السبب الذي جعل المستثمرين يبعدون عن فكرة إنشاء موانئ برية أخرى، ولكن هنالك مساعي واتجاهات من قبل الولاية لتشجيع بعض الشركات لإنشاء موانى برية أخرى بأم درمان وبحري وبعض الولايات رغم التكاليف الباهظة لإنشاء مثل هذه المشروعات.

ها هو الميناء البري بالخرطوم، كما هي العادة دائماً يغرق كل عام بفضل الأمطار التي ساهم عدم وجود شبكات لتصريف المياه إلى حدوث كارثة بيئية وصحية كان مسرحها الرتيع وملأها للقاذورات والحشرات هو الميناء البري ولم تفلح الجهود التي اتت مؤخرا في إزالة آثار وتراكمات المياه الراكدة، فالروائح النتنة والبرك والمستنقعات الآسنة اتخذت من الصالتين الداخلية والخارجية للميناء متاعا ومستقرا كريما وطيبا سيما وأن لا جهود ولا اكتراث بمواجهة ما خلفته الأمطار بتفريغ المياه المتجمعة أو الراكدة أو تنظيف منهولات الصرف الصحي الطافحة والمختلطة بمياه الأمطارمخلفة وراءها آلاف الأمراض التي بلا شك يصطحبها رواد الميناء البري إجباراً لا اختياراًَ عبر دخولهم الميناء البري كمحطة مغادرة لولايات السودان المختلفة.

صحيفة الانتباهة
ابتهال إدريس
ت.إ[/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. لا فُضّ فوك والله معاك حق.بحكم غيبتي الطوييييلة عن الميناء البري فقد تفاجأت بمنظر المكان لأني لم أره منذ 2005 تقريباً حينها كان مكيفاً ونظيفاً ويلائم راحة ورفاهيةالمسافرين.. لكن الآن هنالك فوضى عارمةاجتاحت المكان ورسوم دخول تفوق إمكانيات المواطن البسيط الذي بات لا خيار لديه غير الإذعان… الله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل.

  2. أستحلفكم بالله مالذي لم يتدهور في عهد الإنقاذ؟ بس وروني حاجة واحدة لم تتدهور منذ 30/06/1989 … كل شئ جميل في السودان إنتهي وكأن الإنقاذ أتت بخطة محكمة لتدمير السودان ولا يزال العمل جار على تنفيذها بحذافيرها .. كان الله في عونك يا بلدي العزيز الغالي