رأي ومقالات
خالد حسن كسلا : (إيلا) ومصر بعد انهيار الديمقراطية
فالديمقراطية الأولى رغم أنها جاءت بمثابة تدشين سياسي عظيم للاستقلال إلا أنها كانت عرضة للعبث الطائفي، فانتهت بتسليم السلطة لقائد الجيش.
أما الديمقراطية الثانية، فقد جاءت بعد مؤامرة 21 أكتوبر 1964م.. تلك الأغنية التآمرية الأجنبية التي لحنها وأداها بعض الزعماء السياسيين. وكان ضمن كلماتها الكذوب أن مشكلة الجنوب لا يمكن حلها دون تغيير الحكم (العسكري) في الشمال. وبعد أن جاءت لم تحل مشكلة (الجنوب) حتى جاءت (مايو) وحلتها باتفاقية أديس أبابا. و (مايو) ليست ديمقراطية. لكن كان قدر السودان أن تكون العهود الديمقراطية فيه بأحزاب لا تهضم أمعاؤها الديمقراطية باستثناء جماعة الزعيم الأزهري حتى لا نظلمها.
أما الديمقراطية الثالثة، فقد كان فيها التفريط واضحاً، بيد رئيس الوزراء المنتخب وهو أيضاً كان وزير الدفاع، وعبد الله خليل عام 1958م كان رئيس الوزراء ووزير الدفاع في الديمقراطية الأولى في فترتها الثانية. وعبد الله خليل بصفته وزير الدفاع والقائد الأعلى للجيش قد وجه القائد العام الفريق عبود باستلام السلطة.. بعد أن اكتشف عملية حياكة لمؤامرة سودانية الهدف منها نزع السلطة المنتخبة منه وتسليمها لمأمون حسين شريف. والسيد الصادق المهدي أيضاً كان رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع مثل عبد الله خليل وقائداً أعلى للجيش لكنه لم يسلمها للقائد العام الفريق أول فتحي محمد علي رغم مذكرة الجيش الشهيرة التي حاولت زرع الفتنة السياسية بين حزب الأمة والحركة الإسلامية. بل استلمها منه العميد حينها عمر البشير وهو قادم من الأوضاع المزرية التي كان يعيشها الجيش في ذاك الوقت في جنوب السودان خاصة ميوم التي كان البشير قائداً عسكرياً فيها. ولو لم يستلمها هذا الضابط، لكان استلمها ضابط آخر، ثلاث ديمقراطيات ضاعت في السودان.
وبعد أن ضاعت أول ديمقراطية في مصر بعد ثورة 25 يناير المجيدة التي كانت انفجاراً تحت ضغط الفساد، أصبح للبلطجية هناك شأن عظيم. فهم الذين اُستعين بهم لمواجهة ثورة 25 يناير، وهم الذين اُستعين بهم لتغذية تمرد 30 يونيو على الديمقراطية ودعم الانقلاب العسكري ذي القيمة الإستراتيجية لإسرائيل ومشروعاتها الاحتلالية التوسعية. ويبدو أن حسم البلطجية هناك بعد أن أسهموا في عملية الغطاء الجماهيري للانقلاب على الديمقراطية يكلف أصحاب هذا الانقلاب ثمنا غالياً. لذلك يصبح رجل في قامة الوالي إيلا ضحية لهؤلاء البلطجية مؤيدي الانقلاب العسكري.
قلناها في وقت سابق، إن مصر كي تتجاوز المشكلات الأمنية التي يفرزها بشكل يومي الانقلاب العسكري ليس أمامها غير أن تعيد الأمور إلى نصابها وتعود المياه الديمقراطية إلى مجراها الطبيعي هذا هو الخلاص، وسنرى.
صحيفة الإنتباهة
ت.أ
[B]كذلك السودان يا عزيزى……..[/B]