رأي ومقالات

عادل ابراهيم حمد : من هو رئيس السودان القادم ؟

[JUSTIFY]قد يكون عمر البشير، لكن ليس بالحيثيات التي ساقها الأستاذ مصطفى أبو العزائم في عموده أمس، حيث استعرض انتقال الحكم في السودان منذ الاستقلال بين تعددية حزبية وانقلاب عسكري، وتعجل الوصول إلى ترشيح الرئيس البشير.. استعراض الديمقراطيات والشموليات في السودان، يفترض أن يستصحب التطور الناتج عن كل تجربة وعظاتها، فما كل تعددية أعادت سابقتها كما هي.. ولم يكرر كل انقلاب سلفه بالكربون، بل كان الانقلاب الواحد خاصة في مايو ويونيو، يتبدل حتى يشمل الانقلاب الواحد عدة أنظمة داخله، وعليه لا يمكن اختصار التعددية الحزبية في عبارة (المكايدة الحزبية) وكأن الديمقراطية تنحصر في ائتلاف حاكم يلتئم وينفض بالمكايدات وحدها، وكأنها لا تعني بطبيعتها الشفافية وحيادية الخدمة المدنية، والفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، وسيادة حكم القانون..

التعددية التي ابتدأنا بها عند الاستقلال، اعتبرها كثيرون مدخلاً للمماحكة والتلكؤ في بلد يحتاج فيه شعبه إلى برامج عاجلة لإخراجه من حالة التخلف ـ وكانت تلك حجة قوية في بلد لم يجرب بعد طريقة غير التعددية.. كان هذا الرأي حينها في طور التنظير ولم يخضع لتجربة عملية تختبره، فلم تظهر له عيوب، وعززه في ذلك الوقت الإعجاب بقادة في المنطقة خطفوا الأضواء بدون الالتزام بقواعد الديمقراطية.. ولما غابت الديمقراطية في السودان افتقد الناس محاسنها، ثم استشعروا مخاطر الحكم الأحادي.. ومع تكرار تعاقب الديمقراطيات والشموليات نضجت أكثر الرؤى حول الطريقتين، وأصبحت الديمقراطية هي الأفضل خاصة بعد أن أدرك العقائديون أن الحكم ليس ببساطة إسناد الأمر لمثقفين مؤهلين لتقديم رؤى جاهزة، ووصل الخلاف داخل الشموليين درجة أصبحوا هم الأكثر حاجة للديمقراطية داخل نظامهم، ولغياب الديمقراطية أعدم عبد الخالق محجوب بواسطة رفاقه اليساريين لا بدوائر الرجعية، ولغياب الديمقراطية سيق الترابي إلى السجن بواسطة إخوانه الإسلاميين لا بأهل اليسار و(بني علمان) مررنا اليوم بتجارب عديدة أكدت الحاجة لنظام يجعل كل أبناء الوطن شركاء في إدارة وطنهم بعد أن أيقن الجميع أن الادعاء بأهلية جماعة محددة لإدارة الوطن وإقصاء الآخرين وهم كبير.. وليس من نظام مؤهل لاستيعاب كل أبناء الوطن غير الديمقراطية.. أيقن الحزب الحاكم بهذه الحقيقة، فدعا بخلفيته الإسلامية لحوار لا يستثني منه الشيوعي، وأصبح عادياً أن يدخل عضو الشعبي دار الشيوعي، وشيع الصادق والترابي نقد إلى مثواه الأخير، وهما من عملا على حل الحزب الشيوعي خلال حكم الأول.. تجارب غيرت المفاهيم، وعززت الديمقراطية.. هي الأرحب بحيث لا يصبح الحاكم وصياً يحرم على غيره حق الوطنية.. بهذا الفهم يمكن أن أتفق مع ترشيح الأستاذ مصطفى للرئيس البشير إذا كانت مهمته في المرحلة القادمة هي إكمال التمهيد لعودة الديمقراطية كاملة.

صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]