مائة يوم من حكم السيسي، مصير الإخوان يلفه الغموض +صور
بعد مرور مائة يوم على وصول عبد الفتاح السيسي لسدة الرئاسة، بات وضع جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية المؤيدة لها في مأزق شديد، بسبب تصدًع تحالف دعم الشرعية، ناهيك عن بروز دعوات من جانبها للمصالحة مع النظام والتخلي عن أحلام عودة الرئيس المعزول محمد مرسي، وحالة “الشتات” الذي يعاني منه “الإخوان” بين الداخل والخارج، مما أفقد التنظيم الذي كان يوصف بـ”الحديدي” تماسكه. وتشتد حدة المأزق الذي يواجهه الإخوان باستمرار تضييق الخناق عليهم، وخضوع قطر التي تأوي عددا من أعضاء الجماعة، للضغوط الخليجية التي تطالبها بطرد القيادات الإخوانية.
“تفكًك” دعم الشرعية
في حوار مع DWعربية، اعتبر محمد ياسين القيادي في “الجماعة الإسلامية”، أن جماعة الإخوان المسلمين براغماتية، على عكس “الجماعة الإسلامية” التي “تراعي المصلحة العليا للدين والمصلحة العليا للوطن”. وأضاف: “جماعة الإخوان تخلت عن الجماعة الإسلامية في أوقات كثيرة، كانوا يتاجرون بقضيتنا في مجلس الشعب أيام مبارك”. وشرح بالقول: “أنا اقصد أن التحالف مع آخرين يحمًلنا مالا نكون قد اشتركنا فيه”.
وبعد انسحاب حزب “الوسط”، من “التحالف الوطني لدعم الشرعية”، والذي اُعتبر مؤشراً على قرب انهيار التحالف برمته، وتفكك مكوناته واحدا تلو آخر، إلا أن “الجماعة الإسلامية” ظلت في التحالف. وعن إمكانية إنسحابها من عدمه، يقول ياسين “كانت هناك بعض الآراء داخل الجماعة ترى أن الخروج من تحالف دعم الشرعية يعطي إيجابيات للحزب والجماعة”. لكن كان هناك رأي ثان، وهو الاستمرار في “تحالف دعم الشرعية”، وهو “الرأي الغالب”، حسب ياسين.
علاوة على ذلك، توقع ياسين أن التحالف ربما يحل نفسه بنفسه، في غضون شهور قليلة. وأبدى ياسين دعمه لفكرة: “تشكيل بديل، وهو المجلس الثوري المصري”. ولكنه وجًه انتقادات شديدة للمجلس، قائلاً :”المفترض أن ثوري معناه أن يكون من الداخل وليس من خارج مصر(..) أن يكونوا معارضين من الداخل ويقودوا المظاهرات ما دام مجلسا ثوريا”.
سلمية أم عنف؟
وفي ظل وجود حراك في أوساط الجماعات الإسلامية التي تستخدم العنف، يبدو أن أعضاء وأنصار جماعة الإخوان يراهنون على فشل السيسي في إدارة البلاد، ويأملون في انضمام قطاع أوسع من الجماهير إلى صفوف المعارضة. حيث يستثمر الإخوان تزايد سوء الخدمات المقدمة للمواطنين كتزايد انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وغلاء الأسعار. حتى أنهم أطلقوا على عدد من مسيراتهم ومظاهراتهم الأسبوعية التي تنطلق في معظم المحافظات تحت اسم “صوت الغلابة ثورة”.
وحول ما إذا كانت الجماعة ستتبنى العنف كوسيلة لتغيير النظام، قال أحد القيادات الشابة الإخوانية (م.س) في حواره مع DW، رافضاً ذكر اسمه، إن “أدبيات الإخوان وتشكيلهم الفكري والتنظيمي غير قادر، على استحضار نموذج التنظيم الخاص”. فضلا عن رفضهم لهذا النموذج كخيار مستقبلي.
واعتبر أنه ليس أمام الجماعة إلا أن تتبنى خطا “مقاومة” تحت ضغط حماسة الشباب وغضبهم من حوادث القتل والتعذيب والاغتصاب. واعتبر أن ما ظهر مؤخراً من عمليات حرق واستهداف للمنشآت الحكومية “غير الخدمية” في غياب الموظفين والمواطنين، نتاج لما يعتبر فكرا “مقاوما” للسلطة. ولكنه أكًد على خط الجماعة الواضح بأنه “لا دم – لا قتل” وأن المساحة المطروحة هي مساحة “مقاومة منظمة ضد عنف الدولة”. ويشرح :” هذه أيضا مساحة مقبولة في الثورات، بغض النظر عن مساحة القبول الشعبي أو القوى السياسية بها”.
إلا أن الدكتور أحمد عقيل، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة سابقا وأحد القيادات الشابة يقول لـDW “نحن لن نغير استراتيجيتنا السلمية، لأن الحل البديل هو ما يدفعنا إليه النظام من اليوم الأول”. وتابع “نحن نرى أن السلمية المبدعة كفيلة بإسقاط “الانقلاب”، خاصة بعد بوادر تخلي الخارج عنه”.
الحاجة إلى مراجعة
وحول المزاج السائد داخل أعضاء الجماعة، أوضح القيادي الشاب م.س، أن هناك مزيجا من حالة تفاؤل داخل جماعة الإخوان وأيضا حالة من اليأس. ويفسِر ذلك بقوله:” ينبع التفاؤل من قناعة ضرورة وجود رؤية جديدة لإدارة التنظيم، ولكن اليأس هو تمسك بعض من هؤلاء القيادات الهرمة بمواقعهم”. أضاف: “الكثير من أبناء الجماعة يعلم أن جملة من قيادات الإخوان، خصوصاً التي بالخارج قد تجاوزهم الزمن والأحداث والتطورات وعلى رأسهم أمين عام الجماعة”.
ويكشف لـDW عن أنه تم إداخل نسب محددة لمشاركة الشباب في اللجان والمجموعات الإدارية داخل الجماعة، وهذه النسب ما بين الـ20 إلى 30%. ومع ذلك أكد أن تشكيل هذه الطبقة الجديدة من القيادات الشابة يواجه ولادة متعسَرة، حسب القيادي الشاب.
وأشار إلى جملة من التحديات التي تواجه القوى الرافضة “للانقلاب”، في تنفيذ خطة مجموعات “المقاومة الشعبية” تلك. أهمها؛ “سلامة هذا الكيان من الاختراق الأمني، وتماسك بنيانه الإداري والنوعي والفكري، ولجمه في أوقات معينة”. وأردف “وقدرة البنيان على وضع خطة جادة متماسكة في إخضاع أجهزة الدولة، مع تحد إمكانية التعاون مع قوى أخرى يسارية إسلامية في تنفيذ خطة المقاومة تلك. وكذلك، مدى قدرة الإخوان والتحالف في دعم هذا الكيان “الثوري”.
وشدًد على أن البداية الحقيقة لإسقاط “الانقلاب” وتحقيق التغيير في المنطقة؛ هو مراجعة جماعة الإخوان لمسارها وترتيب البيت الداخلي، والتحول لجماعة “مقاومة.”
أمًا القيادي ياسين، في الجماعة الإسلامية، فقد أعرب عن أمله، بأن يقيًم الإخوان أنفسهم تقييما صحيحا لمدة حكمهم ، وكيف نزع الحكم منهم في سنة واحدة. وطالب الإخوان بألاَ يغالوا في سقف المطالب كعودة مرسي للحكم، وأن يطرحوا حلولا عملية وليست إعلامية، وأن يشاركوا في الحياة السياسية بقوة، وليعبروا عن رأيهم بالطرق السلمية.
بينما يعتقد الدكتور أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن “تقييم وضع الإخوان المسلمين في 100 يوم من مرور حكم السيسي، لا يمكن فصله عن التقييم خلال عام وشهرين من خلع مرسي”. معللا ذلك بأن”وصول السيسي للحكم ليس وحده المسؤول عن وضعهم”.
ووصف الخبير المصري وضع الأخوان والجماعات المناهضة لحكم السيسي، بـ “السيئ”. وفسًر ذلك من خلال تخلي الأطراف التي تدعم الإخوان المسلمين. ولكنه أكد أن قرار قطر، ليس واضحاً منه، إذا كانت ستطرد، جميع القيادات الاخوانية، أو بعض القيادات المشهورة إعلاميا. وأضاف: “وضعهم حتى داخل مصر يزداد سوءاً، في ظل تفكَك التحالف الوطني، والذي بات شكلياً”. مستنتجا أن الإخوان”هزموا سياسيا وإجتماعيا”. ولكن المشكلة الأكبر هي هزيمتهم اجتماعياً، لأن السياسة غير مستقًرة، حسب عبدربه. ورأى أن الأهم هو أن تأخذ جماعة الإخوان المسلمين فترة سكون وإعادة التفكير في كل ما يحدث لهم، والتوقف عن إصدار بيانات ووثائق وتحالفات، “لا تحل أزماتهم”.
DW
ي.ع