البابا يلتقي بعباس ويطالب بوطن للفلسطينيين ورفع الحصار عن غزة
بيت لحم (الضفة الغربية) (رويترز) – دعا البابا بنديكت في مستهل زيارته للاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة يوم الاربعاء الى وطن للفلسطينيين ذي سيادة وقال انه يصلي من أجل انهاء الحصار الاسرائيلي لقطاع غزة.
وأعلن البابا بنديكت تأييد الفاتيكان لقيام دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل كما أعرب عن تعاطف المسيحيين مع اللاجئين الفلسطينيين.
وتعالت صيحات “يعيش البابا.. تعيش فلسطين” بينما كان بابا الفاتيكان يمر عبر جدران امنية متعرجة بنتها اسرائيل لتفصل بين بلدة بيت لحم ومدينة القدس القريبة في اليوم الثالث لزيارته للاراضي المقدسة حيث كان في استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي اتهم اسرائيل بمحاولة طرد المسلمين والمسيحيين من خلال فرض اجراءات امنية شاقة.
وشاهد البابا بنديكت بنفسه الحقيقة الفاجعة للموقف الفلسطيني حين مرقت سيارته من جانب برج مراقبة حصين عبر بوابة منزلقة من الصلب في الجزء الاسمنتي من الجدار العازل.
وجدد البابا بنديكت في صباح يوم مشمس تأييد الفاتيكان لحل الدولتين للصراع الفلسطيني الاسرائيلي وهو حل يؤيده عباس والدول العربية وتؤيده الدول الغربية الكبرى لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو يرفض قبوله كنتيجة مسلم بها للمفاوضات.
وستكون هذه المسألة محور المحادثات التي يجريها نتنياهو الاسبوع القادم مع الرئيس الامريكي باراك أوباما.
وفي كلمة له في مقر الرئيس الفلسطيني ببيت لحم قال البابا بنديكت موجها حديثه لعباس “سيدي الرئيس.. الفاتيكان يؤيد حق شعبكم في وطن فلسطيني ذي سيادة في أرض اجدادكم يعيش في امان وسلام مع جيرانكم داخل حدود معترف بها دوليا.”
وأضاف “أعرف حجم المعاناة التي تعرضتم لها وما زلتم تتعرضون لها نتيجة هذا الاضطراب العظيم الذي أصاب هذه الارض طوال عقود. قلبي مع كل الاسر التي خسرت الكثير.” وصرح البابا بأنه سيزور مخيما للاجئين الفلسطينيين في بيت لحم.
ويمضي البابا بنديكت يوم الاربعاء في بيت لحم البلدة التي شهدت مولد السيد المسيح ويأمل الفلسطينيون ان تجذب زيارته للضفة الغربية المحتلة اهتماما بمعاناتهم تحت الاحتلال الاسرائيلي.
وفر مئات الالاف من الفلسطينيين او اجبروا على ترك منازلهم في حرب عام 1948 لدى قيام دولة اسرائيل.
وقال البابا “قلبي مع الاسر التي شردت.”
وأختص البابا بحديثه الفلسطينيين في قطاع غزة وتحدث عن الخسائر في الارواح التي تكبدها الفلسطينيون خلال الهجوم الاسرائيلي الذي استمر 22 يوما على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وانتهى في منتصف يناير كانون الثاني.
وقال البابا “أؤكد.. لمن فقد من بينكم فردا من أسرته او احبائه في المعارك خاصة الصراع الاخير في غزة.. تعاطفي العميق وتذكرهم باستمرار في الصلاة.”
وقالت جماعة فلسطينية مدافعة عن حقوق الانسان ان 1471 فلسطينيا من بينهم 926 مدنيا قتلوا في هجوم غزة.
وتقول اسرائيل ان عدد القتلى 1166 وان المدنيين قلة بينهم. كما قتل عشرة جنود اسرائيليين وثلاثة مدنيين.
وفي القداس الذي أقامه في ساحة كنيسة المهد الى جوار كنيسة المهد قوبل البابا بالتصفيق حين قال “قلبي يهفو لحجاج غزة الذي تعصف به الحرب.”
وأضاف “من فضلكم كونوا على يقين من تضامني معكم في العمل الهائل الذي يواجهنا الان وهو اعادة البناء وأصلي من أجل رفع الحصار قريبا.”
وعلق أمام البابا علم فلسطين بحجم كبير وهو يقيم القداس في بيت لحم الذي حضره نحو 5000 شخص. ولاحظ البابا المفارقة بين بيت لحم التي شهدت مولد السيد المسيح ومن المفترض ان يعمها شعور بالسعادة وكيف ان “هذا الوعد العظيم يبدو بعيدا عن المنال.”
وفي أول زيارة له للاراضي المقدسة استرجع البابا بنديكت رسالة سلفه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني قائلا “لا سلام دون عدل ولا عدل دون صفح.”
وشجب عباس المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ومنهم عشرات الالاف من المسيحيين.
وقال الرئيس الفلسطيني في كلمته “أعبر عن فائق شكرنا وتقديرنا لمواقف الكرسي الرسولي المتفهم لمعاناة شعبنا منذ حلت به النكبة قبل واحد وستين عاما. شعبنا الذي لا زال حتى يومنا هذا يطالب بتحقيق العدالة ويسعى صادقا لتحقيق السلام القائم على العدل.”
وأضاف عباس “في هذه الارض المقدسة هنالك من يواصل بناء الجدران الفاصلة بدلا من بناء الجسور الواصلة ويسعى بقوة الاحتلال الى اجبار مسيحيي ومسلمي هذه البلاد على الهجرة من أجل أن تتحول أماكننا المقدسة الى مجرد اثار للسياحة لا أماكن للعبادة تنبض بالحركة الدؤوبة والمتواصلة للمؤمنين.
“ان قداستكم على اطلاع تام على الوضع القائم في القدس حيث يحيط الجدار العنصري بالمدينة ويمنع أهلنا من أبناء الضفة الغربية من الوصول الى كنيسة القيامة أو المسجد الاقصى للصلاة. وتمارس ضد مواطنيها العرب مسلمين ومسيحيين كل أشكال القمع والاضطهاد ومصادرة الارض ومنع البناء وهدم البيوت وفرض الضرائب الباهظة في سبيل تكريس ضم اسرائيل للقدس العربية اليها ولكن القدس العربية هي درة التاج وهي العاصمة الابدية لدولة فلسطين”.
وفي اقرار ضمني بالمخاوف الامنية الاسرائيلية قال بنديكت “امل من كل قلبي ان تهدأ سريعا المخاوف الخطيرة المتعلقة بالامن في اسرائيل والاراضي الفلسطينية وان يحدث ذلك بالقدر الكافي بما يسمح بحرية حركة أكبر.”
وحث الناس على عدم “اللجوء…الى الارهاب.”
واضطر الاف المسيحيين في بيت لحم الى السفر الى الخارج بعد الحملة الامنية التي شنتها اسرائيل ضد الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 وبناء الجدار العازل الذي يقيد حرية الحركة.
وقالت ام لاربعة (45 عاما) تسكن في قرية قريبة من بيت لحم “نحن المسيحيين الفلسطينيين قلة لكن لدينا قوة. نحن فخورون بهذه الزيارة…واعتقد ان بوسعه (البابا) ان يحدث فارقا بالنسبة لنا. مازلت أؤمن بالمعجزات.”
وانتقال مسؤولي الفاتيكان الى الاراضي الفلسطينية في الضفة قد يعفيهم من ضغوط شكاوى اسرائيلية من ان البابا لم يظهر قدرا كافيا من التعاطف مع معاناة اليهود في المحرقة النازية.
وخلال قداس اقيم يوم الثلاثاء كرر فؤاد طوال بطريرك القدس أمام البابا تطلعات الشعب الفلسطيني الى “دولة حرة مستقلة.”
وكرر بابا الفاتيكان بنفسه لدى وصوله الى اسرائيل يوم الاثنين تأييد الفاتيكان لقيام دولة فلسطينية
واتهم ريوفن ريفلين رئيس البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) البابا الالماني المولد يوم الثلاثاء بعدم ابداء اهتمام بمعاناة اليهود في المحرقة النازية. وفي مقابلة اذاعية انتقد ريفلين كلمة البابا التي القاها يوم الاثنين في نصب ياد فاشيم التذكاري لليهود الذين قتلوا في المحرقة النازية.
وفي ياد فاشيم تحدث البابا عن “مأساة المحرقة المروعة” مستخدما الكلمة العبرية التي تعبر عن المحرقة ولكنه خيب امال بعض الزعماء الدينيين اليهود الذين قالوا انه كان يتعين عليه الاعتذار كألماني وكمسيحي عن تلك الجريمة.
وقال متحدث باسم الفاتيكان ان البابا الالماني المولد لم يكن “مشاركا نشطا” في الحركة النازية وانه جند رغم ارادته وانه خدم فيما بعد في القوات المسلحة الالمانية.
ويقيم البابا قداسا يوم الخميس في الناصرة بشمال اسرائيل حيث نشأ السيد المسيح. ويعيش في منطقة الجليل المحيطة غالبية المسيحيين الذين يقدر عددهم بنحو 154 ألفا حيث يلتقي البابا مع نتنياهو.
ومن المقرر ان يعود البابا الى روما يوم الجمعة.