محمود الدنعو

جدل اللغة الرسمية

[JUSTIFY]
جدل اللغة الرسمية

طالب المجلس الشعبي الولائي لولاية تيزيز أوزو الجزائرية بجعل اللغة (الأمازيغية) لغة رسمية في الجزائر أي النص عليها في الدستور بعد أن تمت ترقيتها إلى لغة وطنية في التعديل الدستوري الذي أجراه الرئيس بوتفليقة العام 2002، الجدل السياسي والثقافي في المغرب والجزائر وموريتانيا حول اللغات الرسمية للدولة قديم ومتجدد ومتشعب في الوقت نفسه. دول الشمال الأفريقي كافة اعترفت بخصوصية البربر والأمازيغ الثقافية وبدأت في إدخال اللغة الأمازيغية في المدارس، كما أن هناك العديد من وسائل الإعلام الناطقة بهذه اللغات واللهجات المحلية في محاولة من هذه الدول لإقرار التعددية اللغوية والثقافية في هذه البلدان الواقعة جغرافيا عند تخوم المنطقة العربية وفي تماس مع أوروبا وأفريقيا، فكان طبيعيا أن ينتج عندها هذا التنوع الثقافي والإثني الذي في حال أحسنت هذه البلدان إدارته، فسوف يكون مصدر القوة والوحدة بين مكونات شعوبها، والفشل في إدارة هذا التنوع يعني التمزق الوطني والتفكك السياسي.
هذه المطالبات بتعزيز إقرار التنوع اللغوي من خلال الدساتير التي تلزم مؤسسات الدولة إدخال اللغة المعنية في المعاملات الرسمية والتجارية كافة هذه المطالب تبدو منطقية ولا غبار عليها، ولكن المشكلة دائما تكمن في تسييس هذه المطالب وسعي الساسة إلى المتجارة بهذه القضايا ذات البعد الثقافي والحقوقي وتوظيفها لصالح الصراع السياسي بين المكونات السياسية المتنافسة في أي بلد.
سكان منطقة القبائل الجزائرية لا يجدون في تقديري أزمة في التواصل مع الآخر وأذكر أنني التقيت بالزميل ماسنيسا بن الأكحل، وهو صحفي بوكالة الأنباء الجزائرية الرسيمة قبل سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية وكنا حينها أكثر من عشرين صحافيا من مختلف بلدان العالم، وكان ماسنيسا أكثرنا قدرة على التواصل مع الزملاء، فهو يتحدث العربية والإنجليزية والفرنسية في الوقت نفسه طبعا بجانب لغة الأم الأمازيغية، فقلت له ما جدوى المطالبات بأن تكون الأمازيغية لغة رسمية إذا أنت لا تستخدمها إلا في منطقة القبائل أو أجزاء من المغرب وليبيا قال إننا نطالب بهويتنا وعنواننا، قلت ألا ترى أن مسألة إقرار كل لغة في الدستور لتصبح رسمية أمر مكلف من الناحية المادية لأن ذلك يفرض على الدولة أن توفر مترجمين من كل لغة في المحاكم والمعاملات الرسمية، واستشهدت له في ذلك بلجوء الأمم المتحدة لاعتماد ستة لغات فقط في تعاملاتها من بينها العربية التي يجيد ماسينسا التعامل بها.
وتأتي المطالبة باعتماد الأمازيغية لغة رسمية في وقت تصاعدت فيه ظاهرة التهجين اللغوي التي أصبحت تطبع المجتمع الجزائري بحسب جيلالي علي طالب، الأمين العام للمجلس الأعلى للغة العربية الذي كان يتحدث مؤخرا في ندوة فكرية حول موضوع (العربية.. لغة المجتمع والمعرفة) حيث دعت الندوة إلى جعل العربية لغة (جامعة وموحدة) لكل الشعب الجزائري.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي