تسرب مائي وتسرب دولاري
o حدث التسرب بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت على دبي في الأيام الماضية، وهو حدث يمكن اعتباره عادياً لو أخذ حيزاً عندنا في السودان، لكنه وبكل تأكيد غير عادي ولا مقبول في عرف إمارة صغيرة أدهشت العالم بنهضتها وتطورها ومواكبتها لأحدث مناهج الإدارة والحكم الراشد في العالم أجمع، لذلك أتى رد الفعل غير عادي، بالنسبة إلينا نحن على الأقل.
o قبل أن تجف المياه من ساحة المعرض أمر سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم إمارة دبي بإحالة جميع القائمين على تشييد المبنى إلى النيابة العامة للتحقيق معهم، سواء أكانوا إماراتيين أم أجانب، مع تجميد كل أموالهم ومنقولاتهم، ووقف كل أنشطتهم الأخرى، إلى حين الفراغ من تحديد هوية المتسببين في الكارثة (الاقتصادية) الكبيرة.
o شمل الإجراء الصارم الشركة المنفذة للمبنى، والمكتب الهندسي المسؤول عن التصميمات، وكل المقاولين والمهندسين المشاركين في المشروع.
o عندنا غرقت العاصمة كلها في مياه السيول والأمطار خلال شهور الخريف الماضي، واختفت أحياء كاملة من الوجود في أطراف أم درمان وشرق النيل، وتم إنقاذ عدد كبير من سكان مدينة الفتح وحيي الكرياب ومرابيع الشريف بالقوارب.
o حاصرت المياه مئات الآلاف من المواطنين، وهدمت أكثر من عشرين ألف منزل جزئياً وكلياً، ومر الأمر مرور الكرام، لا تم فتح تحقيق في الكارثة، ولا استقال أي مسؤول من منصبه حتى اللحظة.
o بل إن سلطات ولاية الخرطوم رفضت وصف ما حدث لعاصمة البلاد (بالكارثة)، وأنفقت وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً في إقناعنا بأن ما حدث وقتها مجرد (أزمة) وليس (كارثة)!
o قبل أيام من الآن راحت عشرة ملايين دولار شمار في مرقة، بعد أن أنفقت في استيراد تقاوى للقمح من تركيا، وتم تخزينها بطريقة سيئة حتى أصابتها السوسة، ثم وزعت للمزارعين، ففشلت في إنبات القمح، وهددت موسم أهم محصول إستراتيجي في البلاد بالفشل، ومع ذلك اقتصر رد الفعل الحكومي على تكوين لجنة (للتحقق من قوة إنبات التقاوى).. لا أكثر.
o لا استقال أحد، لا أقيل أيٌّ ممن شاركوا في مهزلة (الصنف إمام)، ولا تم تحويل أوراق القضية إلى نيابة المال العام، لتحديد هوية من أهدروا عشرة ملايين دولار في دولة تعاني خزانتها من قلة الفئران!
o مشافٍ خاصة توظف (جربندية) لا علاقة لهم بالطب ليعالجوا المساكين، معامل غير مرخصة تستقبل آلاف المرضى، عيادات تعمل (كيري)، مستشفيات تجري عمليات جراحية في غرف غير معقمة، وتقدم أدوية مغشوشة وأخرى منتهية الصلاحية لمرضاها، وأخرى تعرّض العاملين فيها والمرضى لخطر التسرب الإشعاعي، ولا أحد يحاسب، ولا مسؤول يقال أو يستقيل، ولا إحالة إلى النيابة ولا يحزنون.
o قبل فترة تمت إحالة رئيس ألمانيا السابق كريستيان وولف إلى المحاكمة بتهمة قبول رشوة (قيمتها 700 يورو فقط) من منتج سينمائي تولى تسديد نفقات إقامة الرئيس في أحد فنادق مدينة ميونيخ لليلة واحدة، علماً أن وولف فعل ذلك قبل أن يتولى منصب الرئيس بعامٍ كامل!
o ألا يستحق إهدار عشرة ملايين دولار وتعريض موسم زراعة القمح للفشل فتح تحقيق لمحاسبة المفسدين والمقصرين؟
مزمل ابو القاسم – للعطر إفتضاح
صحيفة اليوم التالي
[SIZE=4]عندنا لا يستحق … لأن المتسبب عندنا فى هذه المشكلة عينه قوية .. ويده أكثر قوة .. وظهر وبكل بجاحة يتحدى الجميع وينفى فساد التقاوى .. مع انها ظاهرة ( تقاوى لم تنبت ) … [/SIZE]