رأي ومقالات
صلاح حبيب : القبيلة.. آفة هذا الوطن!!
لقد عاش السودان فترة زاهية سواء أكان في الأنظمة الشمولية فترة حكم الرئيس “عبود” و”جعفر نميري”، وحاول الرئيس “نميري” القضاء على القبلية، وربما كثير من أبناء الشعب السوداني الذين قطنوا العاصمة المثلثة كما يحلو للجيل القديم أن يطلق عليها إن كان يعرف إلى أي القبائل ينتمي، ففي كل المدارس وفي الدواوين الحكومية لا أحد يتحدث عن ذلك، فالجميع سواسية داخل وحتى خارج الوطن، فلم نسمع بهذا دنقلاوي أو شايقي أو غير ذلك من القبائل التي يطلقها العامة الآن على فلان كذا وفلان كذا، وحتى الأسماء القبلية التي كانت متداولة شايقي وجعلي يمر عليها الناس مرور الكرام ولم يتعصب أحد لقبيلته، لذلك عشنا فترة زاهية، الجميع أصدقاء وإخوان، وهذا ما ميز السودانيين.. فالجار لا يعرف قبيلة جاره والصديق لا يعرف قبيلة صديقه.. الولاء كان للوطن والخدمة المدنية يتم التنافس لها عن طريق الشهادات والكفاءة، ولم نسمع خلال الخمسين عاماً الماضية أن وزارة الخارجية عينت موظفين بناء على القبيلة الفلانية، أو وزارة المالية أو وزارة الصحة.. كل دواوين الدولة يدخلها أبناء الشعب السوداني بدون أي انتماءات إلا لتراب هذا الوطن.. حتى القوات المسلحة التنافس فيها شريف، فنجد كل أبناء السودان بسحناتهم المختلفة داخلها.
لقد ظهرت القبلية البغيضة خلال العشرين عاماً الماضية وأصبح من ينتمي مثلاً إلى القبيلة (الفلانية) حظه أكبر في التوظيف، أما من لم تكن له قبيلة فمصيره أن يقود عربة أمجاد أو ركشة أو أن يجلس على الرصيف إلى حين أن يأتيه الفرج.. (فيزا) من دولة عربية أو (لوتري) من الولايات المتحدة الأمريكية.. أو أن يمتهن أية مهنة أخرى ولو حصل على درجة الماجستير أو الدكتوراه.
وظهرت القبلية والتكتلات الجهوية في انتخابات مجالس الشورى بالولايات، فكثير من الولاة فشلوا في إدارة ولاياتهم لكنهم عن طريق القبيلة والجهوية نالوا درجات عالية في الانتخابات.. أما الذين ليس لهم انتماء فكان مصيرهم الفشل.
لذا ينبغي في المرحلة المقبلة، إذا كتب الله للإنقاذ الاستمرار في حكم البلاد مرة أخرى، أن تحاول القضاء (على حاجة اسمها قبيلة) وأن تعمل على إعادة السودان إلى وضعه القديم، إذا سألت أي شخص تكون إجابته أنه سوداني فقط ليس جعلي أو شايقي أو دنقلاوي.. هل كان الناس يعرفون قبيلة “محمد عبد الحي” أو “عبد الفضيل الماظ” أو “علي عبد اللطيف”؟! جميعهم سودانيون قدموا عطاءً لهذا الوطن باسم السودان وليس القبيلة.
المجهر السياسي
خ.ي