ليست نووية فقط !
قالت وكالة أنباء الإمارات )وام(، إن وفودا برلمانية عربية انسحبت من الجلسة الثانية من مؤتمر دولي تنظمه الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) بالتعاون مع البرلمان الإيطالي في العاصمة روما، وذلك احتجاجا على ذكر الخليج العربي باسم (الخليج الفارسي). وانسحبت الوفود الخليجية والعربية من الجلسة التي حملت عنوان (الوضع الداخلي والمفاوضات النووية في جمهورية إيران)، ولكن الوفود عادت بعد استجابت اللجنة المنظمة لطلبها بتغيير المسمى إلى الخليج العربي.
هذه الواقعة تشير إلى مدى حساسية دول الخليج العربي في التعاطي مع الجار الإيراني وتتزامن هذه الواقعة مع الاتفاق الذي توصلت إليه الدول الغربية مع إيران بشأن برنامجها النووي، وهو الاتفاق الذي سيمهد الطريق أمام عودة إيران إلى المجتمع الدولي بعد سنوات من العزلة والحصار بسبب الشكوك حول برنامجها النووي، وهو برنامج رغم الاعتراض الإسرائيلي والتحفظ الخليجي المعلن والمستتر يمكن للعالم من خلال آاليات معينة التحقق منه ومحاصرته وتفكيكه سلميا عبر الصفقة التي جرى الاتفاق عليها في جنيف، ولكن ما يثر غضب الخليجيين والعرب عموما هو الشكوك من برنامج إيران السياسي للمنطقة وتداخلاتها وتقاطعاتها مع مجمل الأزمات التي تعيشها المنطقة العربية، خروج الوفود العربية من قاعة مؤتمر روما ليس فقط بسبب المسمى الذي تراجعت اللجنة المنظمة عنه فورا، ولكن هذا المسمى يثير المخاوف لدى العرب ويراكم لديهم جبال الشكوك والريبة التي تحجب عنهم إمكانية التعاطي مع إيران كجارة وصديقة للعرب.
الانتصار الدبلوماسي الذي حققته طهران في اتفاق جنيف الأخير ينبغي أن لا يمحنها شعورا زائفا بأن المجمتع الدولي بعد الاتفاق معها حول برنامجها النووي قد منحها تفوضيا وسندا لتصبح القوة الإقليمية الأكبر في الشرق الأوسط في ظل ما تعيشه المنطقة من تداعيات مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي التي أخرجت مصر وسوريا من معادلات القوى الإقليمية ولو إلى حين، وفي ظل عجز تركيا بسبب توجهات حكومة أردوغان الآيدلوجية في لعب دور القوى الإقليمية في المنطقة.
احتجاجات الوفود العربية في روما لا تعدو أكثر من قمة جبل الجليد الذي يحول دون علاقات طبيعية بين إيران والعرب رغم أن طهران في نسختها الجديدة مع حسن روحاني نحجت في إذابة الجليد بينها وواشنطن، الأمر الذي دفع باتجاه التوصل إلى اتفاق جنيف التاريخي، ولكنها – أي حكومة روحاني – لم تبذل ما يكفي من جهود دبلوماسية باتجاه طمأنة جيرانها الخليجين والعرب من أن سياساتها الخارجية لا تتضمن تدخلا في شؤون الغير على النحو المستنكر في لبنان وسوريا عبر بوابة حزب الله.
احتجاجات الوفود العربية في روما أرادت أن تقول لإيران والعالم بأن خلافات دول الخليج مع إيران ليست نووية فقط بل من تدخل إيران في شؤون المنطقة.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي