رأي ومقالات
المثنى: هل هي ظاهرة ام مرض اصاب الامانة في مقتل
غادر الانجليز وتركوا معهم اسس وقواعد واخلاق للخدمة المدنية كانت معيار لكل الدول . تركوا اخلاق المهنة وماذا يعني ان يتولى شخص خدمة الوطن والمواطن ..
كان العاملون بالدولة لا تتعدي مرتباتهم الملاليم والقروش التي تحسب بأبو عشرة .. ورغم ذلك تركهم عفيفي النفس لا تصغر انفسهم مهما بلغ بهم الضنك والفقر والعوذ .. حتى كان يعرف ان الموظف الذي يسافر في مهمة ويعطى بدل سفرية او مصاريف السفر يأتي ويودع الباقي في خزينة الدولة بعد تقديمه فواتير تفيد بالمنصرف الحقيقي ..
كان الصراف للمعلمين يتحرك من المركز ومعه السائق فقط وهو يحمل الالاف وهي عبارة عن مرتبات المعلمين والعاملين في الحقل الطبي .. يوزعها دون نقصان وتكون مكافأته الفكة من قبل المستلمين وهي الشلن وابو قرشين والقرش..
كان الحارس يستحيل ان ينام ليلا ، فيظل يغظاً متاهباً لأي صوتٍ او حركة رغم قلتها .. لم يحدث ان اميناً لصندوق او خزينة كانت لديه فروقات يستشف منها خيانة الامانة وانما قرش وقرشين ..
غادر الانجليز السودان وتركوا اروع خدمة بريد في العالم العربي والافريقي واشتهر العاملون في حقل البريد انهم اناس مخلصون لمهنتهم وسريعي الاداء فاستعانت بهم دول الخليج لتأسيس البريد لديهم .. كان موظف البريد يوصل الحوالات ويحول التحويلات للأهل في الريف دون نقصان او تأخير بل اعرف منهم من كان يدفع للبعض قبل ان تصل حوالاتهم والتي هي عبارة عن جنيهين او ثلاثة من الولد المسافر ..ولعل الكثيرون من الجيل الحالي لا يعرفون الى ماذا ترمز تلك الصورة لرجل يمتطي جملا وموجودة كانت على العملات الورقية وطابع بريد .. انه جمالي البريد الذي كان يحمل البريد ويجوب اصقاع السودان من قرية لقرية ويتحمل المشاق ويوصل الامانات ..
الان يغني لنا البريد ويصدح بالإعلانات ولكن اعلانهم كان صادقا حين يقولون يا حليل زمن البريد .. انتهت الامانة وانتهى الصدق وكثرة خيانة الانفس وطالت الايادي وازدادت طولا فعبثت برسائل المرسلون وتمت سرقة اغراض المرسلون ..
اتى اخي للحج هذا العام وفي ظروف يعلم بها الله من صعوبة السفر واداء للفريضة ، وبما ان الخطوط الجوية حددت كمية العفش المصاحب آثر اخي ان يرسل ما يريد من هدايا عبر البريد في شكل طرود لان البريد ارخص بكثير فشحن طردين من بريد المدينة المنورة احد الطرود كان عبارة عن كسوة ابنائه وهداياهم والثاني للأهل والاصدقاء ..
اتصل بي اليوم انه استلم احد الطردين ، الا انه يحادثني وبعبرة مخنوقة ، و حالة شبه بكاء انه استلم الطرد الخاص بعياله و ذهب للبيت ورفض ان يفتحه الا بحضور كامل العيال وبالفعل تجمع الاطفال وهم في قمة الفرح والسعادة ليروا ما حدثهم عنه ابوهم وعن الملابس التي طلبوها بالهاتف وهو يتبضع في المدينة ..
قامت البنت الكبرى بقلب الطرد لتفريقه و بدأ التقليب والتفتيش ، وطار عقل اخي وكاد ان يفقد صوابه كل ما اشتراه لهم من ملابس لا يوجد وكل ما بشرهم به من اشياء غريبة لم توجد .. اعاد الاشياء الى الطرد ووزن الطرد مرة اخرى فوجد الفارق بين الوزن عند الشحن والمستلم حوالي ثمانية كيلوجرامات ولكم ان تتخيلوا وزن 8 كيلو من ملابس اطفال كم قطعة تكون ..
اتصل على احد معارفه بالبريد واخبره بالقصة وقال له انه يفتح في الجمارك وليس في البريد .. السؤال هل تفتح الجمارك الطرود من غير وجود مندوب البريد او من غير وجود صاحب الشأن ..خاصة هذا معمول به في كل الدنيا .. حتى يكون البريد او الجمارك براء من أي تهمة .. قلت له ليتك لم تستلم الا بعد ان تقارن الوزن وكنت تضع البريد في مأزق ساعتها اما الان سيقولون ما يقولون ويبررون موقفهم ..
يا الهي الى هذا الحد ماتت الضمائر ؟؟ والى هذا الحد اصبحت سرقة اموال الناس عيني عينك ودون خجل او جل ,, بما اننا خرجنا من السودان في زمن جميل فالى هذه اللحظة لا استوعب كيف يحدث مثل هذا اين مخافة الله قبل مخافة المحاسبة .. ماذا سيقول لله يوم الحساب .. ؟؟ هل سيقول اني خنت الامانة وطعمت اهلي سحتا وحراما ..
ابحثوا معي اين ذهب السودان ؟؟ ومن هؤلاء ؟ ومن اين اتوا ليقهروا المواطن ويبكونه في ممتلكاته .. انا متأكد جدا ان اخي سوف لن يجد قطعة من الاشياء المسروقة ولن يجد حتى كلمة اسفين ,, ولن يتحرك مسؤول ليردع الجهة التي تفعل مثل هذه الجرائم
لك الله يا سودان فقد مت مرتين .. ومازال هناك من يريد ان يقتلك للثالثة …
المثنى
بسيطة يا خي. حتى الشنط صحبة راكب في المطار، يتم فتحها وسرقة محتوياتها وأنا شخصياً حصلت معي في رحلة من الرياض للخرطوم.
لا أدري هل أتهم عمال نقل الشنط في السعودية أم عمال التفريغ بمطار الخرطوم.
بس نقول العوض على الله.