جوبا مالك علي
عادت نغمة الانقلابات العسكرية إلى أفريقيا مجددا بعد أن سعت القارة الأفريقية من خلال مؤسسة الاتحاد الأفريقي إلى تحريمها وعزل الدول التي تقع بها الانقلابات العسكرية التي تشكل طريقاً تسعفياً للاستيلاء على السلطة بدلا عن الانتخابات في أبهى تجليات الديمقراطية المنشودة، وعادت هذه المرة من أحدث الدول التي انضمت إلى القارة الأفريقية الجارة جنوب السودان التي أفاق سكان عاصمتها جوبا أمس الإثنين على دوي المدافع، ورغم أن الرئيس سلفاكير ميارديت أعلن لاحقا عن إحباط محاولة الانقلاب وسيطرة الجيش على الأوضاع التي عادت إلى الهدوء بحسب الكثير من وكالات الأنباء نهار أمس، ولكن السؤال الحائر، إلى متى تعيش التجارب الديمقراطية في طور التشكل والنهوض بالقارة تحت رحمة الانقلابات العسكرية التي تهدد القارة من غربها في النيجر ومالي وغينيا بيساو وإفريقيا الوسطى إلى شرقها في جنوب السودان؟، متى يدرك القادة الأفارقة في السلطة والمعارضة أن صناديق الذخيرة قد تجلب لك سلطة كما هو الحال في أفريقيا الوسطى الآن لكنها لن تجلب استقرارا للشعب ومستقبلا أفضل للبلاد، بينما صناديق الاقتراع تجلب السلطة الشرعية والالتزام بها وعدم التجديد كما فعل الراحل نيسلون مانديلا يوجب التوقير والاحترام.
الأوضاع السياسية في دولة جنوب السودان شهدت تجاذبات وصراعات داخل مراكز السلطة، وذلك الصراع السياسي بادرة عافية ديمقراطية يمكن ترجمتها في الانتخابات المقبلة التي تتسع للمتنافسين القدامى والجدد، ولكن قرار أي طرف من أطراف الصراع السياسي في جوبا بأن يسحم المعركة عسكريا كان قرارا كارثيا من شأنه أن يعيد الدولة الوليدة إلى ما قبل الاستقلال عندما كانت جزءا من السودان وخاضت حربا هي الأطول في أفريقيا انتهت إلى الانفصال من أجل أن ينعم البلدان بالاستقرار الذي لا يمكن له أن يتحقق في ظل الانقلابات والانتقال التعسفي للسلطة.
جوبا التي استضافت مؤخرا مؤتمرا دوليا لتشجيع الاستثمار في الدولة الوليدة من أجل استكمال مؤسساتها وتموضعها في الخارطة الدولية من شأن الأخبار التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية أمس أن تنسف كل تلك المشاريع الطموحة في جذب الاستثمارات الغربية إلى جوبا، فالاضطرابات الأمنية والسياسية لا تشجع على الاستثمار، كما أنها لا تشجع أبناء جنوب السودان المتخلفين في السودان أو المتناثرين في الدياسبورات المبعثرة من العودة إلى جوبا والإسهام في بناء دولتهم الجديدة.
التقارير الإعلامية حتى نهار أمس تشير إلى الهدوء فى جوبا ولكن المخاوف لا تزال قائمة من تحول الصراع الحالي إلى حرب تشعلها الفتنة القبلية عندما يصطف الدينكا مع سلفاكير والنوير مع مشار عندما لا تفلح مياه النيل الأبيض وروافده في جنوب السودان من إطفاء ذلك الحريق.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي