الاحتمـــالات المتوقعـــة بعـــد انقـــلاب جـــوبــا..
انزلقت إلى هاوية الحرب الأهلية… الأوضاع بدولة الجنوب في أعقاب المحاولة الانقلابية التي نفى د. رياك مشار نائب رئيس الجمهورية السابق مشاركته فيها ووقوعها من الأساس، مع تأكيد حكومة جوبا حدوثها وتوجيهها الاتهامات بالتورط فيها لمشار وعدد من قيادات الحركة الشعبية ووزراء سابقين..
وتداعى الوضع بسرعة إلى القاع مع تطورات على الأرض بدخول قوات تابعة لبيتر قديت أحد كبار قادة الجيش الشعبي وهو من رموز قبيلة النوير ومن مناصري مشار إلى مدينة بور أهم معاقل الدينكا وموطن مؤسس الحركة الشعبية السابق جون قرنق واحتلالها، وهي خطوة تكشف عن التحالف بين مجموعات دينكا بور التي تمثل ربيكا قرنق أحد أكبر قادتها، ورياك مشار ومعه مجموعات من قبيلة النوير، والغاضبين من رئيس الدولة والحركة وخصومه السياسيين، ويهدف هذا التحالف ليس لإسقاط السلطة القائمة في جوبا فقط بل لإنهاء سيطرة قبيلة الدينكا وخاصة دينكا بحر الغزال بقيادة سلفا كير على مقاليدها..
وإذا سارت الأمور في هذا الاتجاه، فإن دولة الجنوب مرشحة للوقوع في براثن صراع قبلي دموي عنيف وطويل، نظراً لما بين هاتين القبيلتين من عداوات وتنافس تاريخي ومرارات، وسيكون هذا الصراع هو نهاية حلم للجنوبيين بإنشاء دولة!
ولا يبدو أن هناك أفقاً مفتوحاً لأي حل محتمل وممكن حتى هذه اللحظة، وغير منتظر حدوث أي تسوية في القريب العاجل رغم إعلان سلفا كير استعداده للحوار..
فمسارات الأحداث ستتجه لخيارين لا ثالث لهما، إما أن يحقق سلفا كير نصراً ساحقاً على خصومه ويستأصل وجودهم وتخضع له الأوضاع بالكامل، أو يقوى التحالف ضده وتتأكَّل سلطته شيئاً فشيئاً بانقسام الجيش ومؤسسات الحكم والحركة الشعبية نفسها وتنهار دولة الجنوب وتذوب بسرعة كما فص الملح في تلاطم موج مضطرم..
في حال اندلاع الحرب الأهلية التي أطلت برأسها وحذر منها مجلس الأمن الدولي على لسان رئيسه لهذه الدورة المندوب الفرنسي جيرار أرو، فإن وضع الدولة نفسه سيواجه مصيراً مجهولاً تتأثر به دول الجوار لدولة الجنوب وفي مقدمتها السودان، فاتساع نطاق الحرب في حال اشتعال أوراها سيُفرز أعدادًا كبيرة من اللاجئين والنازحين بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، ففي فترات الحرب السابقة كانت هناك سيطرة للحكومة المركزية والسودان بلد واحد على معظم مناطق الجنوب والمدن الرئيسية وكانت الحرب تدور خاصة في أخريات أيامها في جيوب صغيرة وشريط حددودي في ولاية شرق الاستوائية وغربها..
فإذا سرت النار في هشيم دولة الجنوب اليوم وهي حرب أهلية فلن يبقى مواطن واحد في مكانه وستكون حرباً أعنف من حرب الدولة مع حركة متمردة كما كان في السابق..
وإن استطاع سلفا كير وحكومته حماية مدينة جوبا وبعض أقاليم الجنوب، في هذه الحرب الناشبة اليوم، فمن الصعب جداً أن تفرض حكومة جوبا سيطرتها على ولاية الوحدة بالتحديد حيث مناطق البترول وحقوله وهي ولاية تخضع بالكامل لسيطرة قبيلة النوير التي ينتمي لها رياك مشار وبيتر قديت الذي احتل مدينة بور ومنطقة وجودها، وهذا سيقطع أهم شريان يغذي هذه الدولة الوليدة ويجعلها تعيش ظروفاً وضيقاً اقتصادياً لا يمكن وصفه خاصة أنها دولة بلا موارد..
وستخرج بالفعل كل شركات النفط سواء كانت الشركات الصينية أو توتال الفرنسية وغيرها من هذه الولاية ومن دولة الجنوب نفسها، ولا يعلم أحد أو يتصور ما الذي سيحدث لهذه الحقول؟ وتكون بذلك الدولة الوليدة قد انقسمت على نفسها بالفعل وليس من السهل إخضاع قبيلة مثل النوير عسكرياً إن سعى سلفا كير لذلك، لأن هذا تتبعه تحالفات قبلية خاصة من خصوم الدينكا مثل المورلي في جونقلي والشلك في أعالي النيل أو القبائل الاستوائية التي تتململ هي أيضاً..
هذا الوضع القاتم ويزداد حلكة كل ساعة، سُليقي بظلاله على أوغندا التي كانت تدعم التيار المناوئ لسلفا كير ويتوقع ازدياد نشاط المجموعات المعارضة للرئيس اليوغندي موسيفني وفي مقدمته جيش الرب الذي سيجد الفراغ وانشغال جيش دولة الجنوب بحربه الداخلية، وتتأثر حركة التجارة بين البلدين ومع كينيا ودولة الجنوب، فضلاً عن التدهور السريع في الأوضاع بإغلاق السفارات ومغادرة كل الرعايا الأجانب لجوبا وبقية مدن الجنوب وقد تتوقف عمليات الأمم المتحدة نفسها..
وتعمل حسب المعلومات المتوفرة جهات دولية كبرى على ضرورة وقف هذا النزاع ومنع انزلاقه نحو الهاوية، وتسعى لتسريع تسوية بين الأطراف وإنقاذ ما يمكن إنقاذه… لكن الواضح أن دولة الجنوب لن تعود كما كانت!
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة
يا صادق الرزيقي فاتت عليك حاجة مهمة هي الجبهة الثورية ستدخل الخرطوم والبشير يفر والصادق الريقي يبقي لاجئ في دولة مجاور