عثمان ميرغني

الخلايا النائمة


[JUSTIFY]
الخلايا النائمة

أرجو تقبل اعتذاري الشديد عن تأخير الحلقة الثالثة لتحقيق (جثة مجهولة الهوية) لسببين.. الأول.. عدد كبير من القراء طلبوا تجنب النشر يوم العطلة الأسبوعية لصعوبة حصولهم على الصحيفة خلال العطلة… والثاني لظهور (الخلايا النائمة) بكثرة والذين أثروا بعض النقاط بعلومات جديدة كثيرة.. تستحق أن تضاف إلى التحقيق..

ولعلم القراء الكرام أن ذلك أمر عادي في مثل هذه التحقيقات الحساسة.. حيث يظل البعض من المتصلين بالقضية في حالة تردد من الإدلاء بأي إفادات ربما خشية تعرضهم لمتاعب أو لمجرد الرهبة.. لكن عندما تبدأ حلقات التحقيق (أي تحقيق) تنفرج مخاوفهم فيتقدمون للمشاركة من باب المصلحة العامة..

وقضية مثل التي تناولتها في التحقيق يتوافر لها عدد كبير من المتصلين بمصادرها.. ولكن غالبيتهم تحاصرهم مخاوف الصمت. لكن بكل تأكيد مع استمرار نشر الحلقات تنقشع مخاوفهم ويساهمون بما قد يفيد في توضيح الحقيقة.. فقط الحقيقة لا غير.

وبصراحة.. مثل هذه التحقيقات الاستقصائية تكمن صعوبتها في حجم المعلومات الكبير.. إذ تصبح الكتابة فيها مثل من يحاول الشرب من خرطوم عربة المطافئ.. معلومات كثيرة متدفقة وحجم محدود متاح للنشر لضيق المساحة.

قبل عدة سنوات كتبت تحقيقاً استقصائيا نشر في صحيفة (الراي العام) في عشر حلقات يتناول قضايا المهجرين في مشروع سد مروي.. أحصيت الساعات التي استغرقتها عملية جمع المعلومات وحدها.. فكانت حوالي (586) ساعة كاملة.. أي بمتوسط (58) ساعة للحلقة الواحدة التي يقرأها القارئ في حوالي (20) دقيقة تقريباً..

بعبارة أخرى.. كل دقيقة تطالع فيها عين القارئ التحقيق تكلفني ثلاث ساعات كاملة.. طبعاً هذا الحساب للزمن لا يشمل الزمن الذي يضيع بعد ذلك في نيابة الصحافة ثم المحاكم … ويكفي أن تعلموا أنني وبعد حوالي عام ونصف من تعليق صدور صحيفة (التيار) لا زلت أقف أمام منصة محكمة الصحافة في ثلاث قضايا من أصل حوالي (29) قضية كانت مرفوعة ضدنا.

لكن مع ذلك تظل أهمية هذه التحقيقات الاستقصائية أنها واحدة من أهم وظائف الصحافة العصرية.. وأقوى أدوات نقل المعلومات وتوعية الرأي العام.. وأمضى سلاح للدفاع عن المجتمع والدولة..

على كل الحلقات القادمات من هذا التحقيق (جثة مجهولة الهوية) الذي يتناول قضايا شركة الخطوط الجوية السودانية (ٍسوادنير).. صادمة للغاية لأنها لا تكشف حجم الفساد فحسب.. بل الإهمال.. والـ(لا) مبالاة.. بالمال العام.. وتكشف أن السبب في كل بلاوي هذا الوطن هو غياب الشفافية.. عندما يصبح القرار العام مجرد (ونسة) .. تتحول في النهاية لكارثة قومية يدفع ثمنها حتى الأجنة في بطون أمهاتهم.. لأنهم سيولدون في وطن فقير معدم ممزق بالآهات.. من صنائع هذا الفساد..

على كل حال نواصل من غد في بقية حلقات التحقيق باذن الله

حديث المدينة : صحيفة اخبار اليوم التالي [/JUSTIFY]


تعليق واحد