رأي ومقالات

سيدي الرئيس.. حجب المعلومات عن الصحافيين والإعلاميين لن يفيد

[JUSTIFY]انهارت مفاوضات الجولة الثامنة بين وفد الحكومة وقطاع الشمال وحملة السلاح ضد الحكومة حول نفس القضايا، وبسبب نفس موقفي الجانبين منها، ولست أدري كم هو عدد الساعات، أو الأيام، او الشهور، أو السنوات في تقدير الحكومة للاستمرار في هذه المفاوضات التي تبدأ بـ«ابتسامات مفتعلة» لا تعبر عنها الملامح، وتظهر بها الأسنان أشبه ما تكون بنيوب الليث بارزة، على أنني كـ «مواطن وصحفي متابع» أعتقد أن الوقت الذي مضى في جولات مفاوضات مكوكية دون جدوى، قد ضاع سدى، وكلفنا نحن دافعي الضرائب والمكتوين باستقطاع كل المصروفات المالية أنفقت عليها، وكل الجهود التي بذلت لإنجاحها، وبعد الجولة الثامنة الفاشلة أن تكف الحكومة عن الذهاب إلى أديس أبابا من أجل جولة تاسعة لمفاوضات أخرى، وأن تركز الحكومة من الآن فصاعداً على معالجة أوضاع أهلنا في المنطقتين بجهودها الداخلية وتوظيف كل قدرات شبابنا الوطني من الجنسين وإمكانات أحزابنا الوطنية لتثبيت الأمن والسلام والاستقرار في تينك المنطقتين، سواء رضي قطاع الشمال أو أبى، وأعتقد أن كثيرين من زملائي الصحافيين والإعلاميين يشاركوننى القناعة بأن مفاوضي قطاع الشمال، وحملة السلاح يلعبون ورقة» توفير الوقت« لمن وصفها رئيس وفد المفاوضات الحكومي البروفيسور إبراهيم غندور بـ«قوى خفية تارةً، ودوائر أجنبية تارةً أخرى لا تريد السلام للسودان»، وقبل تصريحات البروف غندور، صرح وكيل وزارة الخارجية الأستااذ عبد الله الأزرق مرتين خلال أقل من أسبوع، في المرة الأولى قال: «هناك شيء ما يدبر في مجلس الأمن ضد السودان» وفي المرة الثانية قال: «اليوناميد تستغل حصانة مقرها لتمارس الفاحشة»!

سيدي الرئيس البشير لك مني التحية والتجلة، وبعد:
أخاطبك بما تستحق مني كما من كل زملاء المهنة من الصحافيين والإعلاميين وأنت ستلتقي بهم اليوم في بادرة تزيد من تقديرنا لاحترامك الشخصي لدور الصحافة والإعلام في تناول قضايا الوطن، وطرحها بوطنية لم تنقصهم حتى في أسوء الأوقات التي مروا بها في ممارستهم لواجباتهم المهنية تجاه الوطن وقضاياه المصيرية.
سيدي الرئيس: إذا كان لديكم أو لدى الجهاز التنفيذي أي مآخذ على الأداء التحريري في الصحف تحديداً، بما لا يرضيكم، أو يعكس ما تنتظرونه من الصحافيين، محررين، وكتاباً صحفيين ،ـ فإن من الظلم إلقاء اللوم عليهم ، بل من التجني على الصحافيين والإعلاميين اتهامهم بالتقصير في الدفاع عن الوطن في مواجهة الحملات الإعلامية والسياسية الخارجية الجائرة، وإذا كان هناك » مسؤول حقيقي« عن التقصير الصحفي والإعلامي ــ إن وجد ــ فهو الجهاز التنفيذي المختص بتزويد الصحافيين بـ «المعلومات الصحيحة» عن كل قضية تهدد أمن الوطن ، وسلام مجتمعه، واستقراره السياسي، وينتظر من الصحافة ووسائل الإعلام التصدي لها دفاعاً عن الوطن، وليس عن الحكومة، أو عن المعارضة. هناك يا سيدي الرئيس في الجهاز التنفيذي من يضعون أنفسهم فوق الصحافة والإعلام، ويحتفظن بما لديهم من معلومات، يضنون بها على الصحافيين وعلى الإعلاميين، وهذا«الحجب والضن هما علة العلاقة بينهم وبين الصحفيين، وسبب المآخذ التي يلقونها ظلماً تجنياً على الصحفيين والإعلاميين درءاً بذلك عن أنفسهم مسؤولية مآخذهم غير المؤسسة على منطق أو واقع!

سيدي الرئيس: ما معنى أن يحتفظ وكيل وزارة الخارجية بما لديه من معلومات عن هذا الـ«الشيء الذي قال إنه يدبر في مجلس الأمن ضد السودان، ولا يطلع رؤساء التحرير وقياديي وسائل الإعلام عليه، وإذا كان الوكيل لم يعلم حينذاك بذلك الشيء أفما كان الأحرى أن يسكت عنه وينتظر المعلومات من سفيرنا لدى الأمم المتحدة قبل أن يصرح بما صرح؟ ومساعدكم يا سيدي الرئيس البروفيسور إبراهيم غندور يصر بعد فشل مفاوضات الجولة الثامنة يقول تارةً «هناك قوى خفية تقف وراء قطاع الشمال»، وتارةً أخرى يقول«هناك دوائر أجنبية لا تريد السلام للسودان»!
ما معنى مثل هذا الغموض في التصريحات الرسمية عن قضايا تهم الصحافيين والإعلاميين بقدر ما تهم كل المسؤولين في الجهاز التنفيذي والجهاز التشريعي، وغيرهما من الأجهزة الرسمية والشعبية التي هي على استعداد لدعم جهود الحكومة في تصديها لتلك القوى الخفية، وتلك الدوائر الأجنبية.

سيدي الرئيس: إن من حق الصحافيين والإعلاميين أن تساورهم الظنون بأن من يملكون كل المعلومات لا يثقون فيهم، أو يستجهلونهم، ويمكنني القول من تجاربي الصحفية مع مصادر الأخبار في الماضي، أن المصدر يعرب عن ثقته الشخصية في الصحفي الذي يتعامل معه، فيعطيه ما لديه من معلومات، ثم يقول للصحافي «المعلومة الفلانية لعلمك الخاص، أو هذه المعلومات أرجو منك أن تحتفظ بها إلى أن أتصل بك لنشرها في الوقت المناسب للنشر».
هكذا كان التعامل بيننا كمحرري أخبار، أو كتاب تقارير ، وكنا نحترم توجيهات مصادرنا، والأمل أن يخرج الصحافيون والإعلاميون من لقائكم بهم راضين عن النتائج، وأولها وأهمها توجيهكم لكل من لديه معلومات تتعلق بقضايا الوطن أن يطلع عليها من يطلبونها من الصحافيين والإعلاميين، مع التوجيه بأن يطلب مصدر«المعلومات الأمنية والعسكرية» قياديي العمل الصحفي والإعلامي ليطلعهم عليها، ثم يتفق معهم على ما هو لمعلوميتهم الشخصية، وما هو للنشر في حينه، أو في الوقت المناسب الذي يتم الاتفاق عليه.
سيدى الرئيس: إن حجب المعلومات لن يفيد، ودمت.

الطيب شبشة
صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]